واشنطن مطالبة بالحد من النفوذ الروسي والصيني المتزايد في «أنتاركتيكا» - تليجراف الخليج

0 تعليق ارسل طباعة

إعلان الصين وروسيا الأخير بشأن توسيع وجودهما في القارة القطبية الجنوبية (أنتاركتيكا) ليس مجرد أحدث امتداد لشراكة موسكو وبكين «غير المحدودة»، بل ينبغي أن يكون بمثابة جرس إنذار لواشنطن بأن القارة الجنوبية التي لطالما اعتُبرت خاملة جيوسياسياً، مهيأة لمنافسة بين القوى العظمى.

وتزامن إعلان الصين عن نيتها بناء محطة قطبية جديدة في «أنتاركتيكا»، مع إعلان روسيا بناء محطة جديدة أيضاً، وترميم أخرى ظلت مغلقة منذ فترة طويلة، فضلاً عن إنشاء مطار.

وستكون أحدث محطة لبكين هي سادس محطة لها في القارة القطبية الجنوبية، إلى جانب المطار الذي بدأت في بنائه عام 2018.

وتحتفظ روسيا بست محطات نشطة، وخمس أخرى مغلقة حالياً. ويأتي إعلان موسكو وبكين الأخير في أعقاب تصريح الرئيس الروسي فلاديمير بوتين، بأن محطة «فوستوك» القريبة من القطب الجنوبي تم تحديثها بنجاح.

محطات الأبحاث

إن بناء وتحديث محطات «أنتاركتيكا» ليس مجرد مسألة تنافس رمزي أو هيبة وطنية، ففي قارة يصبح فيها السكن الدائم مستحيلاً، تُعد محطات الأبحاث السبيل الوحيد الذي يُمكّن الدول من الحفاظ على وجودها، وفرض مطالبها الإقليمية، والمشاركة في الأنشطة العسكرية (على الرغم من القيود الصارمة التي فرضتها معاهدة أنتاركتيكا عام 1959).

ولطالما تمتعت الولايات المتحدة بمزايا وجود محطة في القطب الجنوبي، إذ أتاحت مجالاً فريداً للبحث العلمي، لكنها رسّخت أيضاً قيادة واشنطن في دعم معاهدة «أنتاركتيكا» والنظام الحالي الحميد الذي يحكم القارة.

ومع ذلك، فإن القيادة الأميركية في «أنتاركتيكا» تزداد هشاشة، فقد كان هدف معاهدة «أنتاركتيكا»، كما لخّصه وزير الخارجية الأميركي آنذاك، جون فوستر دالاس، أثناء توقيعها، هو منع انتشار المنافسة التي تعود إلى حقبة الحرب الباردة إلى «أنتاركتيكا».

دور فاعل

وفي العقود الأخيرة، سعت الصين إلى تجاوز حدود المعاهدة، وفي بعض الحالات تجاوزتها فعلاً، حيث كان لأفراد جيش التحرير الشعبي دور فاعل بشكل ملحوظ في برنامج الصين في «أنتاركتيكا». وفي انتهاك مباشر للمعاهدة، لم تُبلغ بكين الدول الموقّعة على الاتفاقية بوجودهم هناك.

ويُقال إن أفراداً من جيش التحرير الشعبي الصيني، شيّدوا موقع رادار في محطة «تشونغشان» الصينية، يُعتقد أنه قد يتداخل مع الأقمار الاصطناعية القطبية الأميركية.

وتقع أحدث محطة صينية، واسمها «تشينلينغ»، قرب محطة «ماكموردو» الأميركية، وهي مجهزة بمعدات اتصال متطورة ومحطات أرضية للأقمار الاصطناعية يُمكنها جمع معلومات استخباراتية عن الإشارات ومراقبة إطلاق الأقمار الاصطناعية.

الاندماج المدني العسكري

وأضفى الاستراتيجيون الصينيون لمسة «أنتاركتيكا» على عقيدتهم المعروفة «بالاندماج المدني العسكري»، حيث زعمت طبعة عام 2020 من الكتاب العسكري الصيني «علم الاستراتيجية العسكرية»، أن «الاختلاط العسكري المدني هو السبيل الرئيس للقوى العظمى لتحقيق وجود عسكري قطبي».

وتماشياً مع تقليد بكين العريق في استخدام رسم الخرائط للإشارة إلى الأهداف الاستراتيجية، اعتمد جيش التحرير الشعبي خريطة تُبرز «أنتاركتيكا» بشكل أوضح، وتُساعد في توضيح رؤية بكين للقارة الجنوبية كنقطة محورية وجيوسياسية.

وكان الرئيس الصيني شي جين بينغ واضحاً بشأن أهمية القارة القطبية الجنوبية، حيث صـرّح عام 2014 بأن بكين ستسعى إلى «فهم القارة القطبية الجنوبية وحمايتها واستغلالها».

وصرح مدير الإدارة الصينية للقطب الشمالي والقطب الجنوبي، تشو تانتشو، بأن المجتمع الدولي يحتاج إلى وقت «للتأقلم نفسياً» مع الوضع الجديد في الشؤون القطبية الجنوبية. وفي ما يتعلق بالقطب الجنوبي، قال تانتشو: «نحن هنا من أجل إمكانات الموارد وكيفية استخدامها».

إعادة صياغة القواعد

وفي الواقع فإن إصرار الصين وروسيا على إعادة صياغة القواعد والمعايير التي تحكم السلوك في القارة القطبية الجنوبية، هو ما يجب أن يُجبر واشنطن وغيرها على إعادة تقييم استراتيجي. فبموجب بنود بروتوكول مدريد الملحق بمعاهدة «أنتاركتيكا»، يُحظر استكشاف واستخراج الطاقة والمعادن بشكل دائم في القارة.

وترى نظرية غريبة تلقى رواجاً في الأوساط الأكاديمية الصينية، أن البروتوكول سينتهي في عام 2048 (بينما في الواقع، تتم مراجعته فقط)، ويمكن حينها بدء الأنشطة الاستخراجية، ولم يُؤيد أي باحث قانوني دولي مرموق هذا الموقف.

وتعاونت موسكو وبكين في السنوات الأخيرة لرفض إنشاء مناطق بحرية محمية جديدة على طول ساحل «أنتاركتيكا»، من قبل لجنة حفظ الموارد البحرية الحية في «أنتاركتيكا»، وهي محاولة أخرى لتقويض المؤسسات الدولية من الداخل.

فرص الاستغلال

ويعج مجتمع الدراسات الاستراتيجية في بكين بالتكهنات حول فرص الاستغلال المحتملة في «أنتاركتيكا» والجزء الجنوبي المحيط بها، والتي يُعتقد أنها تحتوي على مخزونات استثنائية من الطاقة والمعادن والأسماك.

وقالت الأستاذة في جامعة «كانتربري» في نيوزيلندا والباحثة الغربية البارزة في طموحات الصين في «أنتاركتيكا»، آن ماري برادي، إن الوجود القطبي الصيني المتوسع يُفسر للجمهور الصيني على أنه «جزء من جهود الصين لتأمين حصة من الموارد القطبية».

وأوضح الأستاذ في جامعة أوشن الصينية، غوه بيكينغ، نهج بكين طويل الأمد تجاه القارة، بأن «استكشاف الصين للقارة أشبه بلعب الشطرنج، فمن المهم أن يكون لها موقع في اللعبة العالمية، ونحن لا نعرف متى ستبدأ اللعبة، لكن من الضروري أن يكون لها موطئ قدم».

وينص كتاب «علم الاستراتيجية العسكرية»، الذي نشرته جامعة الدفاع الوطني في بكين عام 2020، على أن «المناطق القطبية أصبحت وجهة مهمة لمصالح بلدنا للتوسع في الخارج وعلى حدود بعيدة».

تعزيز النفوذ

لكن مع وصول منافسة القوى العظمى إلى «أنتاركتيكا»، تجنّبت واشنطن مراراً وتكراراً تعزيز نفوذها في هذه المنطقة الحيوية. ولم تعترض إدارة الرئيس الأميركي السابق جو بايدن، تحديداً على تفسير بكين الغريب لبروتوكول مدريد أو جهودها لعرقلة الحفاظ على البيئة البحرية في المحيط الجنوبي. ومن المثير للقلق أن الولايات المتحدة لم تُجرِ أي تفتيش مفاجئ، وفقاً لما تسمح به معاهدة «أنتاركتيكا»، لأي محطة صينية أو روسية أو أي محطة أخرى غير أميركية منذ عام 2020. وللأسف، وبسبب القيود اللوجستية، لم يصل تفتيش عام 2020 إلى أكثر محطات بكين إثارة للقلق في «تشونغشان» و«كونلون» في أعلى قمة جليدية في القارة. إن المواقع الجغرافية لهذه المحطات تجعلها مناسبة بشكل فريد لجمع الإشارات أو أنشطة حرب الفضاء.

وأسفر تركيز الولايات المتحدة منذ فترة طويلة على القطب الشمالي، عن عدم تخصيص أي موارد إضافية لـ«أنتاركتيكا».

استراتيجية شاملة

وبدلاً من مذكرة الأمن القومي لعام 2024 المتواضعة التي أصدرتها إدارة بايدن، بشأن سياسة الولايات المتحدة تجاه منطقة «أنتاركتيكا»، ينبغي على إدارة الرئيس دونالد ترامب النظر في استراتيجية أميركية شاملة للقطب الجنوبي، على غرار استراتيجية القطب الشمالي التي تم إقرارها في الولاية الأولى لترامب.

وستدعم هذه الاستراتيجية الأميركية الشاملة للقطب الجنوبي وجوداً أميركياً قوياً في القارة، بما في ذلك تمويل المحطات الأميركية الحالية وتحديثها، إضافة إلى بناء محطات جديدة لبسط النفوذ الأميركي في جميع أنحاء «أنتاركتيكا». ويتطلب هذا الوجود أصولاً جوية وبحرية مزودة بكامل الموارد لإعادة الإمداد، إضافة إلى إجراء عمليات تفتيش للمحطات الصينية والروسية، وفقاً لما تسمح به معاهدة «أنتاركتيكا». كما ستوضح هذه الاستراتيجية أن الولايات المتحدة، بالتعاون مع شركاء مثل أستراليا ونيوزيلندا، سترفض جهود الصين وروسيا الرامية إلى تقويض الإطار القانوني الدولي القائم الذي يحكم القارة. عن «الفورين بوليسي»

. جيش التحرير الشعبي اعتمد خريطة لـ«أنتاركتيكا» تساعد في توضيح رؤية بكين للقارة الجنوبية كنقطة محورية وجيوسياسية.

. الولايات المتحدة لم تُجر أي تفتيش مفاجئ، وفقاً لمعاهدة «أنتاركتيكا»، لأي محطة صينية أو روسية أو أي محطة أخرى غير أميركية منذ 2020.

نقدم لكم زوارنا الكرام أهم وآخر المستجدات كما وردت في المقال التالي: واشنطن مطالبة بالحد من النفوذ الروسي والصيني المتزايد في «أنتاركتيكا» - تليجراف الخليج اليوم السبت 24 مايو 2025 03:24 صباحاً

إخترنا لك

أخبار ذات صلة

0 تعليق