هكذا يكون الاحتفاء الحقيقي بالاستقلال #عاجل - تليجراف الخليج

0 تعليق ارسل طباعة

نقدم لكم زوارنا الكرام أهم وآخر المستجدات كما وردت في المقال التالي: هكذا يكون الاحتفاء الحقيقي بالاستقلال #عاجل - تليجراف الخليج اليوم السبت الموافق 24 مايو 2025 03:43 مساءً

كتب الدكتور فيصل الغويين - يعيش الأردن في قلب نظام سياسي إقليمي يتسم بعدم الاستقرار، وبالتصادم بين أعضائه، وبالنفوذ الغربي والهيمنة الأمريكية، والتباين الاجتماعي والثقافي، وبالتفتت الديني والطائفي والعرقي، وبالنمو السكاني الضاغط على الموارد الطبيعية، وانتشار الاستبداد والفساد والفقر والتطرف والإرهاب، والتردد في اعتماد المشاريع الإصلاحة، على الرغم من إالحاح القضايا الوطنية المعلقة.

منذ إعلان استقلال المملكة في 25 أيار 1946 مرّ الأردن ولا يزال بتحديات صعبة، واختبارات وجودية، فرضتها جغرافيا سياسية صعبة، وتحولات تاريخية متتالية، قدّم خلالها الأردنيون نماذج مشرّفة في التضحية والبناء والتنمية والصمود، وفي الذود عن قضايا الأمة وعلى رأسها فلسطين.

ذكرى الاستقلال أبلغ من كل القصائد والأهازيج والاحتفالات، إنّها محطة كرامة وسجل شرف وتضحية، وهو يمثل فرصة للتقييم والمراجعات، وإعادة ترتيب الأولويات الوطنية، في ظل ظروف إقليمية ودولية سريعة التحول، وخرائط يعاد رسمها.

والاحتفاء الحقيقي بالاستقلال يكون بمعالجة جوانب القصور والترهل في أداء مؤسساتنا الوطنية، التي سببها سطوة الفساد الإداري، وتراجع دور الدولة وانسحابها عبر سنوات طويلة، من دورها الاجتماعي والتنموي، استجابة لوصفات ونموذج اقتصادي معولم ساهم في إضعاف البنى الاقتصادية الإنتاجية الأساسية، من خلال ما عرف ببرنامج التحول الاقتصادي الذي جاء ضمن فلسفة اقتصادية اجتماعية محددة ترى الأردن بعين الشركات وليس الدولة.

فتحت شعار "الاقتصاد أولا"، تبنت الحكومات خلال العقود القليلة الماضية، موجة متسارعة من إجراءات الخصخصة الصادمة والمشبوهة، وتمرير حزمة كبيرة من التشريعات الليبرالية، سمحت ببيع أصول الاقتصاد الوطني، وما أحدثه ذلك من تداعيات سلبية أضعفت التنمية الوطنية الشاملة، وطالت حياة الغالبية من الناس، مع تراجع الثقة بالمؤسسات العامة، وتآكل الطبقة الوسطى، وتراجع نوعية الخدمات العامة، من صحة وتعليم وغيرها، واتساع مساحات الفقر والبطالة، وتركم المديونية، وشيوع مظاهر الفساد والهدر، وإضعاف الهوية والشعور الوطنيين، ما أسهم في شيوع ثقافة الشك والتشكيك، وسمح لقوى كثيرة بالاستثمار في حالة الغضب والاحتقان، ومحاولة اختطاف المجتمع، وفرض الوصاية عليه.

ثمة حاجة ماسة في هذه المرحلة الحساسة، والحافلة بالمطبات والتغيرات غير المتوقعة، إلى توحيد الصف الوطني، وإلى مبادرة كبرى تحقق ما يمكن اعتباره توافقا وطنيا على جملة من القضايا والعناوين الرئيسة، عنوانها الأساس المكاشفة والشفافية، والاعتماد على الذات، وإلى إبداع وصفة اقتصادية وطنية موازية للوصفة الدولية بأهداف ذات طابع اقتصادي – اجتماعي، توصلنا إلى إنهاء حالة النمو اللامتكافئ والمشوّه قطاعيا ومناطقيا.

إنّ الاصلاح الحقيقي والعميق سياسياً واقتصادياً وإداريا، شرط أساسي للنهوض، على أن يقوم عليه ويديره قيادات وطنية كفؤة ونزيهة، للانتقال إلى دولة الإنتاج والاعتماد على الذات، والعلم والمعرفة والتخطيط المبني على الواقع والمردود.

لقد آن للوطن أن يغادر مربع الترقيع في ثوب الاقتصاد وثوب السياسة، وآن الأون للتجمع حول فكرة كبيرة ترشدنا إلى الأردن الذي نريد، مع التأكيد على أن مؤسسة العرش هي عنوان التوافق الوطني، ورمز الاستقرار والاستقلال والثقة بالمستقبل.

ولا تعني ضرورة قيادة الإصلاح من قبل العرش الأردني أن تبقى نخب وشرائح المجتمع القيادية والفكرية معطلة، ومتفرجة، بل عليها واجب التغذية بالفكر العلمي والمجرد الذي يوضح خياراته وينير السبل نحوها، وعليها الابتعاد عن الخيار بين السلبية واليأس من جهة، أو النفاق والتملق، وتصيد الفرص لتحقيق المكاسب الشخصية من جهة أخرى.

حمى الله الأردن وشعبه وقيادته، ورحم شهدائه، وكل عام ووطننا أكثر ازدهارا وأمنا ورفعة.

نشكركم على القراءة، ونتطلع لمشاركتكم في مقالاتنا القادمة للحصول على أحدث الأخبار والمستجدات.

إخترنا لك

أخبار ذات صلة

0 تعليق