تحليل: هل تلعب روسيا دورًا دبلوماسيًا لحل الأزمة... - تليجراف الخليج

0 تعليق ارسل طباعة

نقدم لكم زوارنا الكرام أهم وآخر المستجدات كما وردت في المقال التالي: تحليل: هل تلعب روسيا دورًا دبلوماسيًا لحل الأزمة... - تليجراف الخليج اليوم الثلاثاء 27 مايو 2025 09:09 مساءً

تشير التحركات السياسية الأخيرة، وفي مقدمتها زيارة رئيس مجلس القيادة الرئاسي اليمني رشاد العليمي - اليوم الثلاثاء - إلى موسكو بدعوة رسمية من الرئيس فلاديمير بوتين، إلى تصاعد الاهتمام الروسي بالملف اليمني.

في هذا التحليل لـ"تليجراف الخليج"، نحاول الإجابة عن سؤال مفاده: هل تسعى موسكو بالفعل للعب دور دبلوماسي فاعل في مسار السلام اليمني، أم أن هذه التحركات تندرج ضمن سياسات النفوذ والتوازنات الإقليمية التي تنتهجها روسيا في الشرق الأوسط؟.

روسيا و"الحياد المنضبط": سياسة واقعية أم استراتيجية مرنة؟

منذ سنوات، تتبع روسيا نهجًا يوصف بـ"الحياد المنضبط" تجاه الملف اليمني، فهي لم تنخرط بدعم معلن للتحالف العربي بقيادة السعودية قبل سنوات، ولم تقطع علاقاتها بجماعة الحوثيين، وفي الوقت ذاته حافظت على اعترافها بالحكومة اليمنية الشرعية، ودعمت جهود الأمم المتحدة.

وصل الرئيس العليمي موسكو مساء اليوم الثلاثاء

وفي مارس 2023، أجرت موسكو سلسلة لقاءات مع أطراف يمنية وإقليمية فاعلة، من الحكومة اليمنية إلى الحوثيين، فالسعوديين، فالمجلس الانتقالي الجنوبي، بل التقت أيضًا بمبعوث الأمم المتحدة الخاص إلى اليمن. وصرّحت وزارة الخارجية الروسية حينها بأن هذه اللقاءات تهدف إلى "تهيئة بيئة تفاوضية شاملة، تسعى إلى وقف دائم لإطلاق النار، وحل سلمي يراعي مصالح جميع الأطراف".

موسكو استقبلت وفدا حوثيا في وقت سابق

وفي هذا السياق، تبرز دلالات زيارة وفد الحوثيين إلى موسكو في يناير 2024، بالتزامن مع تصاعد الهجمات الحوثية على السفن في البحر الأحمر. وقد اجتمع الوفد مع نائب وزير الخارجية الروسي ميخائيل بوغدانوف، في خطوة توحي باستمرار رغبة موسكو في إبقاء قنوات الاتصال مفتوحة مع مختلف القوى، بمن فيهم الحوثيون الذين تعتبرهم السعودية والولايات المتحدة تهديدًا للأمن الإقليمي.

لكن موسكو، وعلى لسان بوغدانوف، أكدت دعمها للحكومة اليمنية المعترف بها دوليًا، ونفت بشدة المزاعم الغربية بتزويد الحوثيين بأسلحة أو معلومات استخباراتية. وذهبت إلى حد وصف الضربات الأمريكية على الحوثيين بـ"العدوانية" واعتبرتها أعمالا عدائية ضد "اليمن"، ما يعكس موقفًا مغايرًا نسبيًا للموقف الغربي، ويدل على رغبة روسيا في لعب دور مستقل في الملف اليمني.

زيارة العليمي لموسكو: تحوّل في العلاقات أم تموضع سياسي؟

زيارة رئيس مجلس القيادة الرئاسي رشاد العليمي إلى روسيا الاتحادية تأتي في لحظة حساسة من تاريخ الأزمة اليمنية، حيث تتداخل الملفات الإقليمية: من تصعيد الحوثيين، إلى اضطرابات البحر الأحمر، إلى الجمود في العملية السياسية. الدعوة جاءت مباشرة من بوتين، وتم التحضير لها بلقاءات متقدمة مع المبعوث الروسي بوغدانوف، سواء في بغداد أو عدن، ثم جرى تمهيدها بلقاء رسمي مع القائم بأعمال السفارة الروسية في عدن.

وصل الرئيس العليمي موسكو مساء اليوم الثلاثاء

وبحسب مصادر رئاسة الجمهورية اليمنية، فإن الرئيس العليمي سيناقش مع نظيره الروسي تعزيز العلاقات الثنائية، وجهود السلام، والأمن الإقليمي والدولي. وتكشف تصريحات الخبير السياسي الروسي رولاند بييجاموف أن موسكو مستعدة لتقديم "دعم سياسي صريح" للحكومة اليمنية، وأنها "لا تؤمن بمبدأ فرق تسد"، مؤكداً أن روسيا "ليست لديها أجندة خاصة في اليمن".

هذه التصريحات، وإن بدت موجهة لطمأنة الحكومة اليمنية، تكشف أيضًا عن رغبة موسكو في لعب دور وسيط، مستفيدة من موقعها الفريد كطرف لا يُحسب صراحة على أي من معسكري الصراع الإقليمي: لا على المحور العربي والغربي، ولا على المحور الإيراني، رغم تقاربها الواضح مع طهران في ملفات أخرى.

أبعاد استراتيجية: ما الذي تريده روسيا من اليمن؟

يبدو أن المصلحة الروسية تتوزع على ثلاثة محاور رئيسية:
1. النفوذ الجيوسياسي: اليمن، بوقوعه على باب المندب، يمثّل نقطة ارتكاز استراتيجية لأي قوة تسعى للوجود في الممرات المائية الدولية. في ظل التوتر في البحر الأحمر، والتدخلات الأمريكية، تسعى موسكو لاستعادة حضورها في الساحة الدولية، وتقديم نفسها كطرف "متوازن" قادر على فتح قنوات مع الحوثيين والشرعية والسعودية والإمارات، دون أن يظهر في موقف العداء لأي منهم.

2. الطموحات الاقتصادية: وفق ما أوردته التصريحات الرسمية، فإن العليمي سيناقش مشاريع تتعلق بالبنية التحتية، والتعليم، والصحة، والأمن، وهي مجالات لطالما سعت روسيا إلى الدخول فيها عبر شركاتها الكبرى، لا سيما في مناطق النزاعات التي تعاني من فراغ اقتصادي كبير.

3. تعزيز أوراق التفاوض في ملفات أكبر: الملف اليمني ليس معزولًا عن القضايا الإقليمية الكبرى، من أوكرانيا إلى سوريا إلى غزة. وقد تستخدم روسيا الملف اليمني كورقة تفاوض في علاقاتها مع الغرب والخليج، خصوصًا في ظل توتر علاقاتها مع الولايات المتحدة، ومحاولات العزل الغربية المستمرة بعد الحرب على أوكرانيا.

خلاصة: روسيا تدخل على خط الأزمة اليمنية "بطريقتها"

بناء على جميع المعطيات، لا يمكن الجزم بأن روسيا تقود مبادرة سلام حاسمة في اليمن، لكنها بالتأكيد تسعى للعب دور الوسيط المقبول من الجميع، أو على الأقل من لا يُرفض من أي طرف.

زيارة الرئيس العليمي تمثل اختبارًا لهذا الطموح الروسي، وتكشف أن الحكومة اليمنية تسعى إلى تنويع تحالفاتها الدولية، وعدم البقاء في إطار الدعم الخليجي والغربي فقط، بل الانفتاح على القوى الكبرى الأخرى، وفي مقدمتها موسكو.

5e0b34d9594f.jpeg

في الوقت ذاته، فإن علاقات روسيا المفتوحة مع الحوثيين، واستمرار اللقاءات معهم، يضع علامات استفهام حول مدى حيادية موسكو، لكن يُحسب لها حتى الآن أنها لم تنحَ رسميًا نحو تأييد طرف ضد آخر، بل تستثمر علاقاتها المتوازنة لخلق مسار محتمل للوساطة، طالما بقيت الأبواب الأممية والدولية الأخرى مغلقة أو غير فاعلة.

إخترنا لك

أخبار ذات صلة

0 تعليق