قال رئيس مجلس القيادة الرئاسي، الدكتور رشاد محمد العليمي، إن ما تواجهه بلاده اليوم ليس مجرد جماعة متمردة، بل تنظيم عقائدي مسلح يستمد مشروعيته من فكرة "الحق الإلهي"، ويرفض الاعتراف بأي صيغة للدولة المدنية أو المواطنة المتساوية.

وأضاف الرئيس العليمي، في جلسة حوارية نظمها معهد الدراسات الشرقية التابع للأكاديمية الروسية للعلوم، أن هذا التنظيم يمثل خطرًا دائمًا وبنيويًا على اليمن والمنطقة والممرات الملاحية الدولية، وليس تهديدًا عابرًا مرتبطًا فقط بتداعيات الحرب في غزة، واصفًا مثل هذا التصور بـ"الخاطئ والمضلل".

الحوثيون والارتباط بالتنظيمات الإرهابية

وأكد العليمي أن جماعة الحوثي لا تختلف عن التنظيمات التي تدينها موسكو مثل القاعدة وداعش، من حيث السلوك الإجرامي واستهداف البنية المدنية، مشيرًا إلى أن الحوثيين ارتكبوا انتهاكات مروعة شملت استهداف المطارات والموانئ، وتفخيخ المساجد والمدارس والمستشفيات، وازدراء عمل النساء، وتجنيد الأطفال، وتحويل البنية المدنية إلى أهداف عسكرية.

وشدد على أن اختطاف السفن، وزراعة الألغام البحرية، والقرصنة في البحر الأحمر، هي ممارسات حوثية موثقة لم تبدأ في عام 2024، بل تعود إلى سنوات سابقة، حتى في ذروة الهدن والمفاوضات.

انتقادات للرؤية الدولية وطريقة التعامل مع الحوثيين

وانتقد رئيس مجلس القيادة الرئاسي ما وصفه بغياب الفهم الدقيق لطبيعة الوضع في اليمن، وانتشار سرديات مضللة في بعض مراكز التفكير وصنع القرار الدولية، ومن بينها تصورات ترى جماعة الحوثي كـ"جماعة مظلومة" يمكن استيعابها ضمن تسوية سياسية، مؤكدًا أن هذا الطرح يتجاهل الطبيعة العقائدية المتطرفة للجماعة.

وأضاف أن الحوثيين يتلقون حوافز وتنازلات من بعض الأطراف الدولية، في الوقت الذي تُتهم فيه الحكومة الشرعية بالضعف، رغم أنها تسيطر فعليًا على أكثر من 70% من الجغرافيا اليمنية وتضم تحت مظلتها كل التيارات الوطنية.

دعوة لاستعادة منطق الدولة

دعا العليمي إلى استعادة منطق الدولة في مواجهة مزاعم الولاية والاصطفاء الإلهي، والانتصار للمؤسسات الشرعية على الجماعات الخارجة عن القانون، مشيرًا إلى أن هذا المبدأ لطالما تبنته روسيا في حربها ضد الإرهاب في مناطق مختلفة من العالم.

تحذير من التمدد الإيراني والعلاقة مع التنظيمات المتطرفة

وحذر من التمدد الإيراني في اليمن والمنطقة، معتبرًا أن هذا الخطر لا يهدد اليمن فقط، بل يخلّ بالتوازن في منطقة البحر الأحمر والقرن الإفريقي. وأعرب عن قلقه من العلاقة الوثيقة بين جماعة الحوثي وتنظيمي القاعدة وداعش، حيث تتقاسم الجماعات الثلاث المفاهيم والمنفعة والتعاون اللوجستي، ما يشير إلى إعادة تشكيل منظومات الإرهاب العابر للحدود.

العلاقات اليمنية الروسية.. تاريخ من الصداقة والشراكة

وفي جانب آخر من حديثه، أكد الرئيس العليمي أهمية دراسة وتحليل العلاقات اليمنية الروسية وإنصافها، واصفًا إياها بأنها من أقدم العلاقات التي أقامتها دولة عربية مع الاتحاد السوفيتي، وأكثرها عمقًا وتأثيرًا في وجدان اليمنيين.

وأشار إلى أن اليمن كانت من أوائل الدول العربية التي فتحت نافذتها على موسكو في عشرينيات القرن الماضي، عندما وصلت أول سفينة سوفييتية إلى ميناء الحديدة محملة بالمواد الأساسية، مؤكدًا أن العلاقة لم تكن مجرد تبادل تجاري، بل شراكة وتضامن وجسر علمي وثقافي امتد لعقود.

ولفت إلى أن موسكو كانت أول من اعترف بالجمهورية اليمنية بعد ثورة 26 سبتمبر، كما دعمت استقلال جنوب اليمن وساهمت في بناء الدولة المدنية، عبر تأسيس الموانئ والمصانع والجامعات والمعاهد التي تخرّج منها عشرات الآلاف من اليمنيين.

روسيا شريك في البناء والصمود

وأعرب العليمي عن ثقته بأن روسيا، كما كانت حليفًا في لحظة البناء، ستكون شريكًا في مرحلة الصمود والتعافي، مشيدًا بمواقفها المناهضة للفكر الطائفي والثيوقراطي في مناطق متعددة من العالم.

موقف اليمن من القضية الفلسطينية

في ختام حديثه، جدد العليمي موقف اليمن الثابت والداعم لحق الشعب الفلسطيني في إقامة دولته المستقلة ووقف الاعتداءات الإسرائيلية، رافضًا في الوقت نفسه استغلال هذه القضية لتبرير سلوك إيران أو تمرير أجندتها عبر وكلائها في المنطقة، وعلى رأسهم الحوثيون في اليمن.

حضر الجلسة الحوارية عدد من المسؤولين اليمنيين، منهم، وزير الخارجية وشؤون المغتربين الدكتور شائع الزنداني، مستشار الرئيس للدفاع والأمن الفريق محمود الصبيحي، مستشار التنمية والإعمار المهندس عمر العمودي ، مستشار الشؤون الثقافية مروان دماج، السفير اليمني لدى روسيا أحمد سالم الوحيشي، مدير مكتب رئيس مجلس القيادة الرئاسي اللواء الركن صالح المقالح.