شكرًا لمتابعتكم، سنوافيكم بالمزيد من التفاصيل والتحديثات الاقتصادية في المقال القادم: تفاقم الأزمة الإنسانية وسط اتهامات بأسلحة كيميائية ومنع مساعدات في السودان - تليجراف الخليج ليوم الخميس 29 مايو 2025 06:44 مساءً
تتواصل الحرب المدمرة بين الجيش السوداني وقوات الدعم السريع منذ منتصف نيسان 2023، حيث تزداد أوضاع المدنيين تدهوراً يوماً بعد يوم. وقد أسفرت المعارك حتى الآن عن مقتل ما يصل إلى 120 ألف شخص، فيما يعاني نحو 24 مليون شخص من آثار النزاع، بحسب تقارير الأمم المتحدة.
وفي ظل إخفاق جميع الوساطات الدولية في التوصل إلى اتفاق لوقف إطلاق النار أو جمع طرفي النزاع إلى طاولة الحوار، نزح قرابة 14 مليون سوداني من مناطقهم نتيجة انعدام الأمن وتردي الأوضاع. ولا تقتصر تداعيات الحرب على النزوح والقتل، بل تتعداها إلى خطر تفشي الأوبئة، وعلى رأسها الكوليرا، حسبما شخصت المصالح الصحية. وتشير تقارير إلى إصابة أكثر من 3 آلاف شخص ووفاة المئات في العاصمة الخرطوم وولايات أخرى، في ظل بيئة صحية متدهورة تعاني من شح مياه الشرب وقلة الغذاء. وبلغ معدل الإصابة بالكوليرا في الخرطوم نحو 700 حالة أسبوعياً خلال الأسابيع الأربعة الأخيرة.
ووفق تقارير محلية، فإن تفشي الكوليرا أدى إلى إغلاق المدارس والأسواق، فيما تسجل ولاية الجزيرة انتشاراً واسعاً للملاريا وحمى الضنك وسوء التغذية الحاد، خاصة بين الأطفال، نتيجة انهيار البنية التحتية الصحية، ونقص الإمدادات الطبية، وتدهور خدمات الكهرباء والمياه والصرف الصحي.
وسط القلق من تسارع تفشي الكوليرا، رجحت مصادر طبية أن الإصابات الأخيرة قد لا تكون بسبب الوباء وحده، بل نتيجة تسمم كيميائي ناتج عن تسرب مواد من مخزن أسلحة في مدينة أم درمان الأسبوع الماضي. وقال متطوع –رفض الكشف عن اسمه لأسباب أمنية– لصحيفة "الراكوبة": "ما يحدث في أم درمان وجنوب الخرطوم من تزايد مخيف في حالات الإصابات ليس تفشياً للكوليرا، وإنما هو نتاج فعلي لتسمم ناجم عن مخلفات أسلحة كيميائية".
في هذا السياق، أعلنت وزارة الخارجية الأميركية الأسبوع الماضي أنها ستفرض عقوبات على السودان بعد ثبوت استخدامه أسلحة كيميائية في عام 2024. وقالت المتحدثة باسم الوزارة، تامي بروس، إن العقوبات تشمل قيوداً على الصادرات وخطوط الائتمان الحكومية، وستدخل حيز التنفيذ في السادس من يونيو، بعد إخطار الكونغرس.
وأكدت بروس أن "الولايات المتحدة تدعو حكومة السودان إلى وقف استخدام الأسلحة الكيماوية والوفاء بالتزاماتها بموجب معاهدة الأسلحة الكيميائية"، التي تحظر استخدام هذه الأسلحة.
من جهته، دعا تحالف "صمود" للقوى المدنية السودانية إلى تشكيل لجنة تحقيق دولية في مزاعم استخدام الجيش لأسلحة كيميائية، إضافة إلى جميع الانتهاكات التي ارتُكبت منذ بدء الحرب في نيسان 2023. وأكد التحالف سعيه لتشكيل منبر تفاوضي لإنهاء الحرب التي أودت بحياة نحو 150 ألف شخص.
كما نظّم أفراد من الجالية السودانية في لندن احتجاجات الأسبوع الماضي، طالبوا خلالها المجتمع الدولي بإجراء تحقيقات في استخدام الأسلحة الكيميائية لما تمثله من خطر على صحة وسلامة المواطنين السودانيين.
وفي تطور يزيد من مأساوية الوضع، اتهم وزير الصحة السوداني، هيثم محمد إبراهيم، الجيش بمنع دخول المساعدات، ما ساهم مباشرة في تفشي الأوبئة وانتشار الكوليرا، إلى جانب النقص الغذائي الحاد.
وكانت صحيفة "نيويورك تايمز" الأميركية قد كشفت في تموز 2024 أن الجيش السوداني منع دخول كميات ضخمة من المساعدات الإنسانية عبر معبر حدودي حيوي، مما فاقم أزمة الجوع التي تهدد حياة الملايين. وذكرت الصحيفة أن هذا الحظر يعرّض حياة ما لا يقل عن 2.5 مليون شخص للخطر، مضيفة أن "ذريعة تهريب الأسلحة لا معنى لها"، نظراً لقدرة المقاتلين على عبور الحدود الطويلة التي تتجاوز 1400 كيلومتر، والتي تسيطر قوات الدعم السريع على أجزاء كبيرة منها.
وفي شباط 2024، أعربت الولايات المتحدة عن قلقها من قرار الجيش السوداني بحظر المساعدات عبر الحدود مع تشاد، معتبرة أن هذا القرار يعيق وصول الإغاثة إلى المدنيين في مناطق يسيطر عليها الدعم السريع. وقال المتحدث باسم الخارجية الأميركية، ماثيو ميلر، إن "القوات المسلحة السودانية تعيق وصول المساعدات الإنسانية إلى المحتاجين".
رغم التحذيرات الدولية، نفت الحكومة السودانية وجود مجاعة في البلاد، واعتبرت ذلك "محاولة مرفوضة لتبرير التدخل الأممي". وقال وزير الزراعة، أبو بكر عمر، في مؤتمر صحفي بمدينة بورتسودان في اذار الماضي، إن "إنتاجية السودان الزراعية لا تخطئها عين عاقل"، معتبراً أن الحديث عن مجاعة "غير صحيح". غير أن ناشطين ومراقبين سودانيين اعتبروا هذه التصريحات "مكابرة غير واقعية ومغامرة بأرواح السودانيين في سبيل البقاء في السلطة".
وفي ظل رفض الجيش تسهيل دخول المساعدات، أعلنت قوات الدعم السريع في 18 تموز 2024، أنها توصلت إلى تفاهمات مع الأمم المتحدة بشأن تسهيل المساعدات في المناطق التي تسيطر عليها، في وقت لم يشارك فيه الجيش بأي من هذه التفاهمات.
وتضمنت النقاشات مع الأمم المتحدة، وفق ما أفادت تقارير، بنوداً تتعلق بفتح ممرات إنسانية، وتأمين وحماية قوافل الإغاثة، إلى جانب الترتيبات الفنية والإدارية لعمل الوكالة السودانية للإغاثة في المناطق الخاضعة لقوات الدعم السريع.
وكانت الأمم المتحدة قد دعت الطرفين إلى محادثات بشأن المساعدات الإنسانية وحماية المدنيين، لكن ممثلي الجيش غابوا عنها. وفي آب من العام الماضي، أدارت الولايات المتحدة محادثات بشأن وقف إطلاق النار بالتعاون مع السعودية، سويسرا، الإمارات، مصر، والاتحاد الإفريقي، بمشاركة الأمم المتحدة. وقد وافقت قوات الدعم السريع على المشاركة، فيما رفض الجيش، رغم ترحيب الدول بفتح معبر أدري الحدودي من تشاد إلى شمال دارفور لمدة ثلاثة أشهر.
0 تعليق