أصدر الرئيس السوري أحمد الشرع، المرسوم رقم (65) لعام 2025، القاضي بتعيين القاضي حسان يوسف التربة نائبًا عامًا للجمهورية العربية السورية، في خطوة وُصفت بأنها تعكس ثقة المؤسسة القضائية برجلٍ مشهود له بالكفاءة والنزاهة والعمل الميداني.

وينحدر القاضي التربة من بلدة القحطانية في ريف محافظة الحسكة شمال شرق سوريا، وهي منطقة معروفة بتنوعها الاجتماعي والعرقي. وقد نشأ في بيئة محافظة تولي اهتمامًا بالقيم الأخلاقية والعلمية، ما ساهم في تشكيل وعيه المبكر بمفاهيم العدالة والحرية، خاصة في ظل ما شهدته منطقته من تهميش واضطهاد. وأفاد مقربون بأنه كان محط احترام واسع في بلدته لما عُرف عنه من اتزان وحكمة منذ صغره.

مسيرة تعليمية وقضائية حافلة
تلقى التربة تعليمه الأساسي في مدارس القحطانية، ثم التحق بالجامعات السورية حيث حصل على شهادة في القانون، ليمارس بعدها مهنة المحاماة رسميًا. واهتم خلال سنوات دراسته بالقضايا الحقوقية، وشارك في ندوات متخصصة في الحريات العامة وحقوق الإنسان. كما خضع بعد تخرجه لبرامج تدريبية واختصاصية في العمل القضائي، ما مكّنه من التعامل مع الملفات القضائية المعقدة بكفاءة.

حضور بارز في المناطق الخارجة عن سيطرة النظام
منذ عام 2013، انخرط القاضي التربة في العمل القضائي ضمن المحاكم الثورية التي أُنشئت في المناطق الخارجة عن سيطرة النظام السوري. وساهم بفعالية في تأسيس هيئات قضائية بديلة تهدف إلى تطبيق العدالة وفق معايير قانونية نزيهة. كما شارك في تدريب المحامين والقضاة، واهتم بصياغة اللوائح التنظيمية لضمان استقلالية القضاء، وهو ما أكسبه سمعة قوية كأحد أبرز الوجوه القضائية في شمال سوريا.

اعتقاله عام 2012
في السابع من نيسان/أبريل 2012، اعتُقل القاضي حسان التربة من قبل فرع أمن الدولة في القامشلي بسبب تأييده العلني للحراك السلمي خلال بدايات الثورة السورية، وكان من الأصوات القانونية النادرة التي واجهت علنًا ممارسات النظام. وقد أمضى فترة اعتقال صعبة تعرض خلالها للضغط والترهيب، إلا أنه ظل متمسكًا بمبادئه. وبعد الإفراج عنه، عاد إلى القحطانية وواصل نشاطه الحقوقي والسياسي بتصميم أكبر.

تعيينه مفتشًا قضائيًا أول
وفي 13 كانون الثاني/يناير 2025، أصدرت وزارة العدل في حكومة تسيير الأعمال برئاسة محمد البشير قرارًا بتعيين القاضي التربة مفتشًا قضائيًا أول، مع منحه عضوية لجنة مقابلة القضاة الذين تجاوزوا الخامسة والستين عامًا، والراغبين بالاستمرار في العمل القضائي. ويُعد هذا المنصب من أبرز المهام القضائية التي تتطلب النزاهة والخبرة الواسعة، ما يعكس حجم الثقة التي يحظى بها داخل المؤسسة القضائية السورية.

ويأتي تعيينه اليوم في منصب النائب العام تتويجًا لمسيرة طويلة من العمل الحقوقي والقانوني، ضمن بيئة صعبة، جسّد خلالها نموذج القاضي المستقل الملتزم بالقانون، والمناصر لقضايا الحريات والعدالة.