نقدم لكم زوارنا الكرام أهم وآخر المستجدات كما وردت في المقال التالي: الحوثيون لا يريدون وطنًا.. بل مزرعة عبيد ! - تليجراف الخليج اليوم الأحد 8 يونيو 2025 03:46 مساءً
في زمن تتطلع فيه الشعوب إلى الحرية والديمقراطية والتنمية، يعيش اليمن مفارقة تاريخية مريرة. فبدل أن يسير في طريق بناء الدولة، أُعيد قسرًا إلى زمن السلالات والكهنوت بفعل جماعة مسلحة لا ترى في الوطن إلا أرضًا مُستباحة، وشعبًا لا يستحق الحياة ما لم يخضع وينصاع ويُسبّح باسم “السيد”. الحوثيون، ومنذ لحظة انقلابهم على الدولة في 2014، لم يطرحوا أي مشروع وطني جامع، لا سياسي، لا اقتصادي، لا إنساني. بل طرحوا مشروعًا واحدًا: مشروع الهيمنة بالقوة والطاعة العمياء والتجنيد الإجباري والخراب. لا يريدون وطنًا فيه مؤسسات، بل يريدون مزارع بشرية تُدار بعقلية القطيع. لا يقبلون بشعب حرّ، بل يطمحون إلى شعب خانع، مجرد أداة لحروبهم ومعاركهم التي لا تنتهي. لقد أفرغوا الدولة من مضمونها، فحوّلوا الوزارات إلى دكاكين جباية، والمدارس إلى ساحات تجنيد، والجامعات إلى منابر طائفية. وبدل أن يطوّروا البنية التحتية، دمروها؛ وبدل أن يبنوا المطارات، أغلقوها؛ وبدل أن يعيدوا الحياة للموانئ، حولوها إلى نقاط تهريب للسلاح والإتاوات. يريدون من اليمنيين أن يعيشوا بلا كهرباء، بلا رواتب، بلا خدمات، بلا أمل… فقط ليعيشوا عبيدًا في ظل سلالة تزعم تفوقها “الإلهي” على بقية أبناء الوطن. أي مشروع وطني هذا الذي يتفاخر بتدمير كل ما لم يقدر على بنائه ؟ أي عقلية تلك التي ترى في التنمية “مؤامرة”، وفي السلام “خيانة”، وفي التعليم “تهديدًا” ؟ الحوثيون أعداء لكل ما هو جميل ونبيل في هذا الوطن: أعداء للعلم، لأن العلم يحرر العقول؛ أعداء للسيادة، لأن السيادة لا تعني تبعية للمرشد في طهران؛ أعداء للحياة، لأن الحياة تعني الحرية، والحرية هي نهايتهم. هم لا يخجلون من افتخارهم بالموت. لا يترددون في الدفع بآلاف الأطفال إلى الجبهات تحت مسمى “الدفاع عن الوطن”، بينما الوطن في الحقيقة ليس إلا درعًا بشريًا لحماية مشروعهم السلالي. كل ما يطلبونه من الناس هو الولاء المطلق لشخص عبدالملك الحوثي، وكأن اليمن لم يُخلق إلا ليكون مزرعة يديرها من كهف، ويتقاسمها رجال دين مزيفون وسماسرة حروب. لقد اختطفوا اليمن، واختطفوا مع اليمن الحلم والمستقبل. اختطفوا الحرية وكمموا الأفواه، صادروا الكرامة، وفرضوا على الناس أن يعيشوا في ذلٍ ممنهج. من لم يُسبّح بحمدهم، أصبح في نظرهم مرتزقًا، ومن رفض أن يُقاتل معهم، صار خائنًا، ومن طالب بالرواتب، نُعِت بالعمالة، ومن تحدث عن حقوقه، اتُّهِم بالكفر أو الزندقة. لكن الشعب اليمني ليس قطيعًا، ولم يُخلق ليُستَعبَد. اليمن، على مر العصور، كان مهد الحضارة، ومصدر الكرامة، وموطن العزة. لا يمكن لشعب أنجَب الزبيري والنعمان والحمدي أن يُهزَم إلى الأبد أمام طغمة مسلحة تسكن الكهوف وتعيش على الأوهام.
آن الأوان أن نقولها بوضوح: لسنا عبيدًا ! لسنا وقودًا لمعارك طائفية لا ناقة لنا فيها ولا جمل ! لسنا “جنودًا” في جيش الكهنوت، ولسنا صدى لأصوات الموت ! آن لليمنيين أن ينتفضوا. لا لأجل طرف سياسي أو فصيل حزبي، بل لأجل الكرامة، لأجل المستقبل، لأجل أطفال يحلمون بمدرسة حقيقية لا بدلة عسكرية، وبقلم لا بندقية. آن أن ننتزع حريتنا من براثن هذه العصابة التي احتقرت الشعب وتاجرت بآلامه، وأن نعيد للوطن هويته، للعلم مكانته، وللمواطن إنسانيته. اليمن ليس مزرعة عبيد، بل وطن الأحرار. واليوم، الخيار لم يعد بين الحرب والسلام، بل بين الذل والكرامة. فإما أن نستعيد اليمن من قبضة الميليشيا، أو نُسلّم للأجيال القادمة بلدًا مكبلاً بالجهل، والدم، والتبعية. فهل نرضى بالعبودية ؟ أم نُشعل في قلوبنا جذوة الحرية من جديد ؟
0 تعليق