شكرًا لمتابعتكم، سنوافيكم بالمزيد من التفاصيل والتحديثات الاقتصادية في المقال القادم: مؤتمر الأُمم المُتحدة 3 للمُحيطات: تمويل بلا إرادة سياسية؟! - تليجراف الخليج ليوم الاثنين 9 يونيو 2025 03:38 صباحاً
توجه قادة العالم، الأحد 8 حزيران 2025، إلى نيس، في جنوب شرقي فرنسا، لحُضور "مؤتمر الأُمم المُتحدة الثالث للمُحيطات" الذي يعتزم الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون تحويله إلى قمة، لحشد الجُهود في حين قررت الولايات المُتحدة مُقاطعته. فما هي انعكاسات إحجام الولايات المُتحدة التي تملك أكبر مجال بحري في العالم، عن المُشاركة في هذه القمة؟.
لقد اجتمع الأحد حوالي خمسين رئيس دولة وحُكومة، بينهُم الرئيس البرازيلي، لويس إيناسيو لولا دا سيلفا، كما وأُقيم عرض بحري، كجزء من احتفالات "اليوم العالمي للمُحيطات"، عشية افتتاح القمة رسميا، الاثنين.
وركزت المُناقشات التي تستمر حتى 13 حزيران، على التعدين في قاع البحار، والمُعاهدة الدولية في شأن التلوث البلاستيكي، وتنظيم الصيد المُفرط.
وقال ماكرون لصحيفة "أويست فرانس"، إن هذه القمة تهدف إلى "حشد الجهود، في وقت يتم التشكيك في قضايا المُناخ من جانب البعض"، مُعربا عن أسفه لعدم مُشاركة الولايات المُتحدة فيها. وأما الولايات المُتحدة التي تملك أكبر مجال بحري في العالم، فلن تُرسل وفدا على غرار ما فعلت في المُفاوضات المُناخية.
الأهداف الفرنسية
حددت فرنسا أهدافا طموحة لهذا المُؤتمر الأُممي الأول الذي يُعقد على أراضيها مُنذ مُؤتمر الأطراف حول المُناخ "كوب21" الذي استضافته باريس في العام 2015. وقال وزير الخارجية الفرنسية جان - نويل بارو، إن فرنسا "تسعى إلى أن يكون المؤتمر مُوازيا بالنسبة إلى المُحيطات، لما كان عليه اتفاق باريس، قبل عشر سنوات، بالنسبة إلى المُناخ".
وأعرب الرئيس ماكرون قبل أشهر، عن رغبته في جمع 60 مُصادقة في نيس، للسماح بدُخول مُعاهدة حماية أعالي البحار حيز التنفيذ. ومن دون ذلك، سيكون المُؤتمر "فاشلا"، وَفق موقف أدلى به السفير الفرنسي لشؤون المُحيطات، أوليفييه بوافر دارفور، في آذار 2025.
حماية الأنظمة البيئية
وتهدف المعاهدة التي اعتُمدت في العام 2023، ووقعتها 115 دولة، إلى حماية الأنظمة البيئية البحرية في المياه الدولية التي تُغطي نحو نصف مساحة سطح كوكب الأرض. وقد صادقت عليها إلى الآن رسميا 28 دولة والاتحاد الأوروبي.
كما وتأمل فرنسا، في توسيع نطاق التحالُف المُؤلف من 33 دولة، والذي يُؤيد تجميد التعدين في قاع البحار.
مُكافحة التلوث البلاستيكي
ومن المُتوقع أن تتطرق النقاشات غير الرسمية بين الوفود أيضا، إلى المُفاوضات من أجل التوصُل إلى مُعاهدة لمُكافحة التلوث البلاستيكي، والتي ستُستأنف في آب المُقبل في جنيف، في حين تأمل باريس في الدفع قُدما نحو المُصادقة على الاتفاقات المُتصلة بمُكافحة الصيد غير القانوني والصيد المُفرط.
موجات الحر
تُغطي المُحيطات 70،8 في المئة من مساحة سطح الكرة الأرضية. وتشهد مُنذ عامين اثنين، موجات حر غير مسبوقة تُهدد كائناتها الحية. ولكن حمايتها هي الأقل تمويلا بين أهداف التنمية المُستدامة التي أقرتها الأمم المتحدة.
وقد شدد قصر الإليزيه، على أن قمة نيس "ليست مؤتمرا لجمع التبرعات بالمعنى الدقيق للكلمة"، في حين قالت كوستاريكا، الدولة المُشاركة في استضافة المؤتمر، إنها تأمل في جمع 100 مليار دولار من التمويل الجديد للتنمية المُستدامة للمحيطات.
غير أن بريان أودونيل، مُدير حملة "من أجل الطبيعة"، وهي مُنظمة غير حكومية تعمل على حماية المحيطات قال: "أنشأنا أسطورة تقول إن الحكومات لا تملك الأموال اللازمة لحماية المُحيطات". وأضاف: "ثمة أموال، ولكن لا إرادة سياسية".
وفي نيس ستُعرض على ماكرون "توصيات المؤتمر العلمي" الذي سبق القمة، فضلا عن مقياس "ستارفيش" الجديد الذي يُحدد حال المُحيط الذي يُعاني استغلالا مُفرطا وارتفاعا في درجة حرارته.
الصيد بشباك الجر
وتحت ضغط مُنظمات غير حكومية، أعلن ماكرون، السبت، "فرض قُيود على صيد الأسماك بشباك الجر في بعض المناطق البحرية المحمية، من أجل توفير حماية أفضل للأنظمة البيئية".
قيمة اقتصادية
في المُقابل، يرى الخُبراء أن "الحياة تحت الماء ضرورية للحياة على الأرض". فالمحيط يُنتج نصف الأُوكسجين الذي نتنفسه، ويُوفر الغذاء لملايين حول العالم، ويُؤدي "دورا أساسيا في التخفيف من تغير المُناخ باعتباره مصدرا رئيسيا للحرارة والكربون". وهُم يسعَون إلى الدفع بحلول مُبتكرة قائمة على العِلم، يتم تصميمها في شكل خطة عمل عالمية للمُحيطات.
وتُقدر قيمة "اقتصاد المُحيطات" في كُل أنحاء العالم، بحوالي 1،5 تريليون دولار سنويا، حيث يُمثل الاستزراع المائي القطاعَ الغذائي الأسرع نُموا. كما ويوفر الاقتصاد المُرتبط بمصايد الأسماك المحيطية 350 مليون وظيفة في كُل أنحاء العالم.
ومع ذلك، فإن الاستِخدام غير المُستدام، وسوء استخدام موارد المُحيط، وتغيُر المُناخ، والتلوث... كُلها تُهدد قدرة مُحيطاتنا على أن تُقدم الوِفرة لنا. وثمة حاجة إلى تسريع الوصول إلى أهـداف التنمية المُستدامة التي من المُقرر تحقيقها وثلثُها مُرتبط بصحة بيئة الأرض. وأما التلوث، فهو يعوق قُدرة المُحيط على توفير الرخاء للناس.
وينبغي أيضا ألا نغفل "الإعلان الوزاري" الصادر عن جمعية البيئة التابعة للأمم المتحدة العام الماضي (الداعي إلى خفض المُنتجات البلاستيكية ذات الاستخدام الواحد، بحُلول عام 2030) باعتباره مثالا لما يُحققه الالتزام متعدد الأفرقاء في صياغة عالم أفضل.
صحة المُحيطات
وعلى رغم أن الشعاب المرجانية تُمثل موطنا لرُبع مُجمل الحياة البحرية، فقد فقدت المُحيطات نصف هذه الشعاب، وهو ما يؤثر سلبا في الأمن الغذائي العالمي. كما ويزيد الصيد غير القانوني، وغير المُنظم، من العبء على النُظم الإيكولوجية.
وعلاوة على ذلك، يُشكل ارتفاع مُستوى سطح البحر، الناجم عن تغيُر المُناخ تهديدا وجوديا، حيث تقع الدُول الجُزرية الصغيرة النامية، في خط المواجهة لهذا الارتفاع الخطر.
وحدد المبعوث الخاص للمُحيط، بيتر تومسون، المشاكل الرئيسية التي تُواجه المُحيطات. وهي:
-التلوث: من البلاستيك إلى مُخرجات المجاري لقطاعات الزراعة والصناعة.
-إستدامة مصائد الأسماك في مُواجهة المُمارسات الضارة. (المُشكلتان قابلتان للمُعالجة في شكل كبير، في حُلول العام 2030).
-ولكن العصية على المُعالجة هي المُشكلات المرتبطة بالتحمُض وبإزالة الأُوكسيجين، وباحترار المُحيطات. وهذه كُلها مُرتبطة بانبعاثات الغازات الدفيئة.
غير أن الأخطَر أن هذه "التحديات" ستستمر لمئات السنين حتى ولو قامت الدول مُجتمعة بالمطلوب مع انتهاء "مؤتمر الأُمم المُتحدة - 3 للمُحيطات". فهل يكون العالَم هذه المرة "على أعتاب ثورة إيجابية عظيمة"؟.
0 تعليق