نقدم لكم زوارنا الكرام أهم وآخر المستجدات كما وردت في المقال التالي: ما تأثير التعرض للشدائد في مرحلة الطفولة المتأخرة؟ - تليجراف الخليج اليوم الجمعة 13 يونيو 2025 01:31 صباحاً
تليجراف الخليج - كشفت دراسة جديدة نُشرت في مجلة Molecular Psychiatry أن التعرض للشدائد خلال مرحلة الطفولة المتأخرة يرتبط بتغيرات متسارعة في ترابط الدماغ، وهي تكيفات قد تساعد الأطفال على التعامل مع الضغوط العاطفية، لكنها ترتبط أيضا بتراجع الأداء الأكاديمي.
استندت الدراسة إلى بيانات 7,190 طفلًا شاركوا في دراسة "تطور الدماغ والإدراك لدى المراهقين" (ABCD)، وهي مشروع طويل الأمد يتتبع تطور الدماغ والسلوك لدى الأطفال في الولايات المتحدة.
وركّز التحليل على صور للدماغ في حالة الراحة تم التقاطها عند سن العاشرة تقريبًا، ثم بعد عامين، بالإضافة إلى تقارير ذاتية عن أحداث حياتية سلبية مثل الخلافات الأسرية أو المرض أو الانتقال إلى منزل جديد خلال تلك الفترة.
وأظهرت النتائج انخفاضا ملحوظا في الترابط بين الشبكات القشرية واسعة النطاق والبنى الدماغية تحت القشرية، مثل اللوزة الدماغية والحُصين والمخطط، وهي مناطق رئيسة تتحكم في تنظيم العاطفة والذاكرة والتحكم الحركي.
الفقر والتوتر في الطفولة يهددان صحة الأمعاء لاحقا
وقد ظهرت هذه الانخفاضات بشكل خاص في الشبكات الحسية الحركية وشبكة الحزام-القشرة الجبهية، واعتبر الباحثون هذه التغيرات مؤشرات على تسارع النضج العصبي استجابةً للشدائد.
وبحسب الباحثين، فإن هذه التغيرات العصبية تبدو كاستجابة تكيفية؛ فقد أظهر الأطفال الذين سجّلوا انخفاضا أكبر في الترابط بين القشرة والمناطق تحت القشرية أعراضا أقل من الاضطرابات الداخلية، مثل القلق أو الحزن، وفقًا لتقارير الآباء.
ويُعزز ذلك فرضية أن الدماغ قد يعيد ضبط مسار تطوره تحت الضغط لتعزيز المرونة العاطفية.
لكن من جهة أخرى، ارتبطت هذه التغيرات نفسها بانخفاض في الأداء الأكاديمي، فقد أبلغ الأطفال الذين طرأ لديهم انخفاض أكبر في الترابط الدماغي عن درجات مدرسية أقل بعد عامين من الفحص الأول، حتى عند الأخذ في الاعتبار عدد الأحداث السلبية التي مرّوا بها.
كما وُجدت علاقة ضعيفة بين هذه التغيرات وزيادة السلوكيات الخارجية، مثل الفوضى أو عدم الانضباط في الصف.
وقال الباحثون: "تشير هذه النتائج إلى وجود مفاضلة في النمو، إذ قد تساعد بعض التكيفات العصبية الأطفال على تخفيف الضغوط العاطفية، لكنها قد تضعف في الوقت نفسه العمليات المعرفية المهمة للتحصيل الأكاديمي".
ولعزل تأثير الشدائد عن العوامل الأخرى، كالوضع الاجتماعي والاقتصادي والخلفية الأسرية والتطور الدماغي السابق، استخدم الفريق طريقة إحصائية تُعرف باسم "الترجيح بناءً على درجات الاحتمال"، استنادًا إلى 390 متغيرا خلفيا.
وقد سمح لهم ذلك بمحاكاة تصميم تجريبي عشوائي من خلال ضبط المتغيرات المربكة. كما استخدموا تقنية "الانحدار الشبكي المرن" المعتمدة على الذكاء الاصطناعي لرصد التغيرات الدماغية التي تنبأت بعدد الأحداث السلبية.
وأظهرت النتائج اتساقًا عبر مجموعتي التدريب والاختبار. ولاحظ الباحثون عدم وجود فروق كبيرة بين الذكور والإناث، فقد أظهرت النماذج المدربة على بيانات الفتيات دقة مماثلة عند تطبيقها على بيانات الفتيان، والعكس صحيح، ما يشير إلى وجود نمط استجابة عصبية متشابهة للشدائد بين الجنسين في هذه المرحلة العمرية.
ورغم أن الدراسة تدعم فرضية أن الشدائد ترتبط بتغيرات في نمو الدماغ، فقد حذّر الباحثون من أن البيانات تبقى رصدية. وأشاروا إلى أن المنهجية تقلل من التحيز لكنها لا تثبت العلاقة السببية.
"صدمات الطفولة" تُضعف نمو الدماغ وتؤثر في الأداء الدراسي
كما سلّطوا الضوء على محدودية الفترة الزمنية المدروسة، التي قد لا تعكس ضغوطًا مزمنة أو مبكرة، بالإضافة إلى احتمال التحيز في تقارير السلوك المستندة إلى آراء الأطفال أو أولياء أمورهم.
وعلى الرغم من أن الارتباطات بين التغيرات الدماغية والسلوك كانت ذات دلالة إحصائية، فإنها بقيت متوسطة من حيث القوة. ولا تزال الآثار طويلة الأمد لتسارع نضج الدماغ غير واضحة، سواء كانت إيجابية أو سلبية أو مختلطة.
ودعا الباحثون إلى مواصلة البحث لتتبع هذه التغيرات العصبية حتى سن المراهقة والرشد، وفهم ما إذا كانت تتنبأ بنتائج طويلة المدى مثل الإصابة بالاضطرابات النفسية أو تحقيق النجاح الأكاديمي أو تعزيز المرونة. كما شددوا على أهمية التمييز بين أنواع الشدائد، مثل التهديد مقابل الحرمان، لفهم تأثير كل منها على تطور الدماغ بشكل أدق.
وتضيف هذه الدراسة إلى مجموعة متزايدة من الأدلة على أن الدماغ قد يتكيف مع الشدائد بطرق تساعد على تنظيم العاطفة على المدى القصير، لكن هذا التكيف قد ترافقه تكاليف معرفية. وقد يسهم فهم هذه التغيرات في تصميم تدخلات تستهدف تعزيز المرونة النفسية مع تقليل الأثر السلبي في التعليم.
نشكركم على القراءة، ونتطلع لمشاركتكم في مقالاتنا القادمة للحصول على أحدث الأخبار والمستجدات.
0 تعليق