ياسر حمدي يكتب: لكل المزايدين على مصر؟!.. لقد ولى عهد اللعب بالشعارات - تليجراف الخليج

0 تعليق ارسل طباعة

مع تطورات جديدة ياسر حمدي يكتب: لكل المزايدين على مصر؟!.. لقد ولى عهد اللعب بالشعارات، نقدم لكم كل ما تحتاجون إلى معرفته بشكل شامل ودقيق عن هذه التطورات ليوم الجمعة 13 يونيو 2025 04:31 مساءً

لا بد أن يعي الجميع جيدًا أن إحترام قانون وسيادة الدول ليس وجهة نظر أو مادة للحديث أو فرضية تناول اخباري أو زاوية للنقاش أو حتى سردية إعلامية.. أما شهادة الكمال لا تحتاجها «مصر» من ناقص! فصياحهم طرب بالنسبة للشعب المصري العظيم، ولا ينتظر أهل المحروسة على صدورهم وسام استحقاق من غير متحققين مرتبكين الهوية والعرق والإنتماء؛ بل واللسان.

فلا هو عربي ولا إنجليزي ولا فرنسي، ولكنه فوضوي كحال تكوين مأساتهم، فأنتم والعدم سواء، لأنكم لم تقدروا «مصر» حق قدرها، ولا تملك القاهرة النزول لدونيتكم، الفوضى ليست لها موقع من الإعراب في قاموس الدولة المصرية، ونحن نعلم من نكون، ولا نريد جزاءًا ولا شكورا، إنما ما فعله «وطني» وأهله بفطرتهم النقية لأنهم يعلمون أنفسهم.. والسؤال الحقيقي لأفراد «قافلة الصمود» المزعومة من أنتم؟.

القصة ليست مزاد شتائم أو وليمة ردح أو انفعال منتفخ ورؤى ملتهبة.. القصة في جهل مطبّق وتزييف فج واستهداف معلن.. إذا كان المحرك إنسانيًا كما يزعمون فالشعب المصري هو من قدم مساعدات تعادل ماقدمته دول العالم مجتمعة ويزيد، وأتمنى على الهلال الأحمر المصري أن يعلن من جديد الأرقام، وما قدمته كل دولة بما فيها من يزايد على دور أم الدنيا!.

مصر هي من وقفت في وجه التهجير أمام الإحتلال وأمام العالم، مصر كانت ومازالت صاحبة اللاءات الشهيرة: «لا للتهجير، لا لتصفية القضية، لا للوطن البديل»، ورفضت في العلن أن تحل مشاكلها الإقتصادية على حساب حق شعب ودمه، والتفاصيل ليست سرية وأعلنت في الصحافة، مصر منذ اللحظة الأولى للعدوان على قطاع غزة انتفضت وفتحت المعبر للمساعدات، ودعت دول العالم للتخلي عن صمتهم تجاه القضية الفلسطينية، مصر غضت الطرف عن ما فعلته حماس أثناء فترة حكم الإخوان ومدت يد العون لها ولكل مناضل فلسطيني. 
من الذي يتفاوض من اللحظة الأولى حتى اللحظة التي تكتب فيها هذه السطور لوقت القتل والتدمير؟ هي مصر.. من الذي دعا لمؤتمر دولي في الأسبوع الأول للمأساة لكسر الصمت المتعمد؟ إنها مصر.. من أقام مخيمات بمعيشة كاملة تحت القصف؟ هي مصر.. من الذي إستقبل المساعدات وظل يناشد العالم من شح ما كان يستقبله مطار العريش؟ أليست مصر؟! والمعبر لم تغلقه مصر بل كانت ومازالت تضغط لدخول المساعدات.. من الذي إستقبل آلاف الجرحى؟ ألم تكن مصر؟! من الذي أوى أيتام غزة في الوقت الذي لم يعد لهم عائل ووضعهم في دور رعاية؟ إنها مصر وحدها. 

لقد بذلت مصر جهدًا كبيرًا في هذه الحرب، وهي أكثر الدول التي دفعت ثمنًا لآثار الحرب، من تراجع السياحة وتدهور حركة النقل في قناة السويس، بالإضافة إلى ما بذلته من جهد دبلوماسي وإنساني على حساب اقتصادها المأزوم للدفاع عن القضية الفلسطينية.. والأهم أن مصر استخدمت معبر رفح كثيرًا، وهناك قيادات دولية تغيرت وجهة نظرهم تجاه القضية بعد زيارتهم العريش ومعبر رفح، آخرهم الرئيس الفرنسي ماكرون، وقبله قادة أوروبا والمنظمات الدولية، على رأسهم جوتوريش أمين عام الأمم المتحدة.
الأهم أن الشعب المصري انتفض هناك عند معبر رفح، وقدم الجميع «الحكومة والشعب» أكبر كم من المساعدات الإنسانية للأشقاء في فلسطين وبالأخص داخل قطاع غزة، لكن «قافلة الصمود» غير المرحب بها، حسب بيان وزارة الخارجية المصرية الشجاع، محاولة جديدة ــ وخايبة ــ لتوريط مصر، في أمور تهدد أمنها القومي وتفرض عليها قرارات لم تتخذها، وبالتالي هي مرفوضة حكوميًا وشعبيًا، فقد ولى عهد اللعب بالشعارات.

مما لا شك فيه أن القضية الفلسطينية تأخرت كثيرًا بسبب الشعارات الرنانة والمواقف الكلامية البعيدة عن الواقع على مر التاريخ، سواء من بعض الفلسطينيين أنفسهم أو من بعض العرب، ولولا شجاعة ودهاء الرئيس الراحل أنور السادات وبراعته في التعامل مع العدو الإسرائيلي والواقع الدولي لكانت مصر في الخندق ذاته الذي تعانيه دول المنطقة: «فلسطين وسوريا ولبنان» حيث احتلت أراضيهم ولم يستطيعوا تحريرها بالشعارات والكلمات الرنانة والوقفات والعناوين البراقة.
أما سخرية الزمن أن القضية أصبحت قافلة كل ما في جعبتها لايكفي لغذاء بضع عائلات، وحتى رمزية تحركها بعد شهور من الكارثة تفقدها أي مصداقية؛ حتى لو استهوتنا السذاجة لتصديقهم، والمدهش أن القادمون من فانتازيا اللا دولة يظنون أن مداعبة السيادة المصرية وهيبة الدولة المصرية أمر وارد الحدوث، والمحزن أن يخرج من بيننا من لايرى في الأمر هذا البعد أو لا يدركه!!.
لم تتغير ثقافة بعض العرب عبر التاريخ ولم يتعلموا من التجربة المصرية ولا أداء المصريين، الذين حاربوا بقوة وأقروا السلام بشجاعة وبمفاوضات شاقة، بينما مارس بعض العرب أسوأ درجات «القمص السياسي»، وأهانوا وقاطعوا الرئيس البطل أنور السادات، ولم يعترفوا ويقروا بقدراته إلا بعد وفاته وبعد أن ضاع الوقت وتاهت الفرصة التي وفرها لهم للجلوس على مائدة السلام برعاية أمريكية لم تتكرر، وبضمانة الإنتصار في حرب أكتوبر المجيد.

ولم يكن غريبًا أن يفكر البعض من العرب في تنظيم «قافلة الصمود» المزعومة، وأن يصمموا على أن تكون بوابة رفح من ناحية مصر هي الممر الرئيسي لها، وتناسوا أن هناك ثلاث دول عربية أخرى لديها حدود مع فلسطين، وهي: «سوريا والأردن ولبنان»، وكأنهم استباحوا الأراضي المصرية والأمن القومي للمحروسة.
في كل الحروب التي اندلعت بين حماس أو حزب الله وإسرائيل كانت مصر هي المتهم الأول بالتخاذل، ومارس البعض حروبًا إعلامية سخيفة، ووقف وراء حملات ممنهجة للنيل من دور مصر وقدرها، وهو الدور الذي لم تزايد به مصر أبدًا، ولم تعلنه، تفعله قناعة ومبدأ بأن فلسطين قضيتنا، وليست قضية أهلها فحسب، ورغم هذا استمرت الحروب التي كان الإخوان واليساريون وقودها في الداخل.
الغريب أن هذه الإتهامات كانت تلقى صدى داخليًا وعاطفيًا لدى قطاع من الشعب المصري الذي تملأ وجدانه القضية الفلسطينية، ومارست الدولة المصرية عبر التاريخ ــ وكأنه درس تتناقله الأجيال ــ أقصى درجات ضبط النفس السياسي والإعلامي مع الأشقاء العرب، ولا ننس الخطاب الشهير لحسن نصر الله الذي دعا خلاله الجيش المصري للتمرد والمشاركة في حرب إسرائيل!!

لكن لم يدرك الجميع أن الوضع الآن قد اختلف، وأن ما ذاقته مصر والمصريين خلال عام من حكم جماعة الإخوان الإرهابية من تخاذل رئيسهم وحكومته مع القضية الفلسطينية، ومن جرأة حماس على ضباط الجيش المصري في سيناء، بعد تطهير مصر من الإحتلال الإخواني واستخدامهم ـــ سواء من إسرائيل أو من بعض القوي العربية أو الإقليمية ــ لضرب استقرار مصر بعمليات إرهابية قذرة، استنزفت القاهرة كثيرًا لكنها في ذات الوقت منحت شعب مصر وعيًا ومناعة ضد الشعارات والكلمات الرنانة وغيرت من ثقافة المصريين كثيرًا.
الخلاصة في قافلة الصمود المزعومة.. لا يوجد بلد ذو سيادة، يطمئن إلى مظاهرات بهذه العشوائية، تتوجه إلى حدود بهذا الاشتعال، في توقيت بهذه الخطورة، بإحتمالات مفتوحة على المجهول، مع خالص الإحترام لنُبل المقصد وشرف الغاية.. فلا داعي للمزايدة على أم الدنيا التي تتحمل وحدها هم القضية الفلسطينية وهموم العرب جميعًا على حد سواء.

للحصول على تفاصيل إضافية حول ياسر حمدي يكتب: لكل المزايدين على مصر؟!.. لقد ولى عهد اللعب بالشعارات - تليجراف الخليج وغيره من الأخبار، تابعونا أولًا بأول.

إخترنا لك

أخبار ذات صلة

0 تعليق