هل ما يحدث بين "إسرائيل" وإيران "حرب" فعلاً؟ ومتى نطلق هذه التسمية؟ - تليجراف الخليج

0 تعليق ارسل طباعة

نقدم لكم زوارنا الكرام أهم وآخر المستجدات كما وردت في المقال التالي: هل ما يحدث بين "إسرائيل" وإيران "حرب" فعلاً؟ ومتى نطلق هذه التسمية؟ - تليجراف الخليج اليوم السبت 14 يونيو 2025 08:42 صباحاً

تليجراف الخليج - في صباح الجمعة 13 يونيو/حزيران، استيقظ العالم على أنباء "ضربة استباقية" إسرائيلية استهدفت مواقع نووية وعسكرية داخل العمق الإيراني، في عملية غير مسبوقة وُصفت بأنها الأقوى منذ سنوات. الرد الإيراني جاء عبر مئات الطائرات المسيّرة ثم الصواريخ، وسط ترقب عالمي وقلق من انفجار الأوضاع.

لكن في خضم هذه الأحداث المتسارعة، تكرر سؤال بسيط ومُربك على ألسنة كثيرين عبر وسائل التواصل: هل بدأت الحرب؟

متى تُسمى المواجهة "حرباً"؟

رغم شدة الهجمات المتبادلة بين "إسرائيل" وإيران، فإن توصيف ما يجري بـ"الحرب" ليس مجرد مسألة لغوية، بل قانونية وسياسية أيضاً.

بحسب الدكتور مجيد بودن، رئيس جمعية المحامين بالقانون الدولي بباريس، فإن القانون الدولي، وخاصة اتفاقيات لاهاي وجنيف، يُعرّف الحرب بأنها: "نزاع مسلح بين دولتين أو أكثر، تُستخدم فيه القوات المسلحة على نطاق واسع، ويهدف إلى تحقيق أهداف سياسية أو عسكرية واضحة، ويؤدي إلى خسائر بشرية ومادية كبيرة."

لكن إعلان الحرب رسمياً، يتطلب غالباً تصريحاً علنياً من إحدى الدول، وتعبئة عامة للجيوش والقوات، إضافة إلى نزاع طويل الأمد يتجاوز مجرد الردود المحدودة وحتى الآن، لم تُعلن إيران أو إسرائيل دخولهما رسمياً في "حرب".

من يمتلك قوة نيرانية أكبر إيران أم إسرائيل؟

يشرح بودن لبي بي سي عربي أن الحرب تبدأ عادة بإعلان رسمي، يتبعه إنذار، ثم تدخل في مواجهة عسكرية واضحة، تنتهي بهدنة، ثم معاهدة سلام تُحدد شروطها وأطرافها.

الغرض من هذا التسلسل هو منع الفوضى، وحماية المدنيين من أن يكونوا ضحايا لحرب مباغتة، دون إطار قانوني. "إعلان الحرب يحمل بُعداً حضارياً. هدفه أن تتيح الدولة المعتدية للطرف الآخر، ولو شكلياً، فرصة لحماية المدنيين والأطفال والبنية التحتية."

رغم أن الحرب بطبيعتها عنيفة ومميتة، فإن القانون الدولي حاول تقييدها بقواعد تُعطي للطرفين حداً أدنى من حماية المدنيين في خضم العنف، ويُشرع استخدام القوة فقط ضمن إطار متكافئ.

"الحرب ليست قتلأ فقط ... إنها قتل مشرّع"

يوضح بودن الفرق الجوهري بين القتل في الحياة العادية، والقتل في الحرب: "في الحياة اليومية، من يقتل يُحاكم كمجرم. لكن في الحرب، يكون قتل العدو مشرّعاً بين الطرفين. لا تُعد جريمة قتل، بل هي جزء من الصراع المسلح المشروع قانوناً."

لكن حتى هذا "القتل المشرّع" له حدود. إذ يشير بودن إلى أن الحرب المشروعة يجب أن تراعي مبادئ التناسب، وعدم استهداف المدنيين أو تدمير البنية التحتية. فإذا حدث ذلك، تُعد أفعالاً خارج قانون الحرب، وقد ترقى إلى جرائم حرب.

المسؤولية القانونية: من يبدأ الحرب يتحمل التبعات

ما أن تُصنَّف المواجهة كحرب، حتى تبدأ المسؤوليات الدولية بالتحرك. ويوضح بودن أن الدولة التي تقوم بشن الحرب تُحمَّل مسؤولية انتهاك سيادة دولة أخرى، حتى لو ادّعت الدفاع عن نفسها. يقول: "إسرائيل – إذا ثبت أنها هي التي بدأت القتال – تكون بذلك قد خالفت القانون الدولي، لأنها انتهكت سيادة إيران. ومثل هذا الانتهاك يحمّلها تبعات أمام المجتمع الدولي."

وتشمل هذه التبعات ثلاثة مستويات:

الكف عن الحرب: أي إيقاف العمليات العسكرية فوراً.

2. الإصلاح والتعويض: إصلاح الأضرار التي لحقت بالبنية التحتية، وإعادة الممتلكات إن وُجدت.

3. دفع التعويضات البشرية والمادية: ويشمل ذلك تعويض المتضررين من المدنيين، وأسر الضحايا، وحتى الدول المجاورة في حال تأثرت.

ويشدد بودن على أن التعويض عن الخسائر البشرية لا يُقاس بالمال، لكنه واجب رمزي في القانون: "لا يوجد شيء يُعوّض الحياة. لكن هناك طريقة قانونية لمحاولة تعويض الخسارة المادية، والأثر النفسي، وفرص الحياة التي ضاعت على من قُتل أو أصيب."

الحرب ليست حربًا فقط عندما تُعلن

ربما تكون إسرائيل – وفق حديث بودن – قد بدأت حرباً دون أن تسميها كذلك، كما حدث في تاريخ النزاعات الدولية. يشير إلى أمثلة سابقة مثل:

- حرب 2006 بين إسرائيل وحزب الله، التي لم يُطلق عليها اسم "حرب" رسمياً من الطرفين، رغم خسائرها الكبيرة.

- اجتياح العراق للكويت عام 1990، الذي بدأ بعملية عسكرية قصيرة، لكنه تطور إلى حرب إقليمية.

- هجمات 11 سبتمبر التي فتحت الباب لحربين متتاليتين في أفغانستان ثم العراق، رغم أنها لم تكن مواجهة تقليدية.

يقول بودن: "الحرب تبدأ أحياناً بصاروخ واحد، لكن تسميتها تتأخر. ومع ذلك، القانون لا ينتظر البيان الرسمي. ما دام هناك قتال واسع النطاق، وسقوط ضحايا، وتبادل للضربات... فنحن أمام حرب."

هل يجب أن يكون الطرفان متكافئين حتى تُعتبر حرباً؟

قد يعتقد البعض أن الحرب لا تُحتسب إلا إذا كان هناك تكافؤ في القوة بين الطرفين. لكن الدكتور ماركو روتشيني، أستاذ القانون الدولي في جامعة ويستمنستر يوضح أن القانون الدولي لا يشترط توازن القوى لاعتبار ما يحدث "حرباً"، بل على العكس، يُحمّل الطرف الأقوى مسؤولية إضافية.

"ليس وقت الحرب العالمية الثالثة": مواقع التواصل تتفاعل مع التصعيد

"القانون لا يطلب التكافؤ في القوة، لكنه يُلزم الطرف الأقوى بعدم إساءة استخدام قوته. الحرب تحدث عندما تُستخدم القوة المسلحة بين الدول، سواء كانت موازين القوة متكافئة أم لا."

ويتابع أن القانون يحمي الطرف الأضعف، ويأخذ في الحسبان هذا الاختلال عند دراسة الانتهاكات أو فرض التعويضات.

كيف يمكن وقف التصعيد؟

إذا وصلت الحرب إلى نقطة اللاعودة، كيف يمكن وقفها؟ يوضح روتشيني أن هناك مسارات قانونية ودبلوماسية يمكن للدول اللجوء إليها. ومن بين هذه الطرق:

1. اللجوء إلى محكمة العدل الدولية، لمقاضاة الدولة المعتدية.

2. طلب جلسة طارئة لمجلس الأمن الدولي.

3. التصعيد في الجمعية العامة للأمم المتحدة إذا فشل مجلس الأمن في التحرك.

4. طلب تدخل الوكالة الدولية للطاقة الذرية إذا تعلقت المزاعم بتهديد نووي.

"إذا كانت إسرائيل تزعم أن إيران تجهز لضربة نووية، فعليها تقديم أدلة واضحة. وفي المقابل، يجب على إيران أن تفتح المجال لمفتشي الوكالة الدولية للطاقة الذرية، لتأكيد أن برنامجها النووي سلمي."

ويضيف: "الطرفان يستخدمان السردية النووية كتبرير لسلوكهما. إيران تقول إنها تطور طاقة مدنية، بينما تتهم إسرائيل بمحاولة منعها من الاستقلال الطاقي. في المقابل، إسرائيل تزعم أن إيران تستعد لتطوير سلاح نووي، دون تقديم دليل علني قاطع."

ما بين الدبلوماسية والتصعيد: الملف النووي في قلب النزاع

الحديث عن الملف النووي ليس جديداً. فالاتفاق النووي بين إيران والقوى الغربية كان على وشك الإنفاذ قبل أشهر، قبل أن تتعثر المفاوضات مجدداً، خاصة بعد انسحاب الولايات المتحدة من الاتفاق في عهد الرئيس دونالد ترامب.

اليوم، عاد الملف النووي إلى قلب الأزمة. فمن جهة، تسعى إيران لتأكيد حقها في تطوير الطاقة النووية لأغراض مدنية. ومن جهة أخرى، تتعامل إسرائيل مع أي تقدم نووي إيراني كتهديد وجودي.

ويحذر بودن من أن "الذرائع النووية" قد تُستخدم لتبرير حرب وقائية لا تستند إلى أدلة قانونية كافية.

 

 


نشكركم على القراءة، ونتطلع لمشاركتكم في مقالاتنا القادمة للحصول على أحدث الأخبار والمستجدات.

إخترنا لك

أخبار ذات صلة

0 تعليق