نقدم لكم زوارنا الكرام أهم وآخر المستجدات كما وردت في المقال التالي: هل تجرؤ على تذوق حلويات عمرها 200 سنة؟ - تليجراف الخليج اليوم الأربعاء 18 يونيو 2025 10:16 مساءً
الحلويات ليست مجرد مذاقات تشعرنا بالسعادة، بل هي أعمال فنية وتاريخية تروي قصص حضارات وتاريخ الشعوب. صنعت وصفتها وفقاً لما توفّر لديها من خامات وابتكارات ذكية من حرفيين وطهاة، مما عكس على مدى العصور المكانة الاجتماعية التي تتمتع بها العائلات المترفة، إلى جانب سرد القصص التاريخية حول الأحداث والأشخاص الذين صنعوها. فمن منا لا يذكر المقولة المنسوبة للملكة «ماري أنطوانيت»: «فليأكلوا جاتوه»، وهي في الواقع غير صحيحة، حيث إن العبارة الأصلية هي «فليأكلوا البريوش». البريوش هو نوع من الخبز الفرنسي الفاخر، وقد قيلت هذه العبارة عندما اشتكى الشعب من عدم وجود خبز. ومع ذلك، فإن عامة الشعب لم يتذوقوا «البريوش»، فخلطوا بينه وبين «الجاتوه».
300 قطعة
حول الأهمية التاريخية للحلويات وارتباطها بثقافة الشعوب، يتيح معرض «تراث الحلويات الهولندية» للزوار فرصة فريدة لاستعادة جزء من التاريخ من خلال تذوق حلويات قديمة بوصفات خاصة تعود إلى 200 عام، وما زالت صالحة للأكل حتى اليوم. ويضم المعرض أكثر من 300 قطعة من الحلويات القديمة، بالإضافة إلى أكثر من 50 عملاً فنياً وحرفياً، من لوحات وتماثيل وقوالب وأعمال زخرفية، كلها تبرز تطور صناعة الحلويات عبر القرون.
كما يقدّم المعرض تجربة فريدة من نوعها، إذ يُشجع الزوار على التفاعل مع الأعمال التي يمكن أكلها، والتي صُممت بعناية فائقة باستخدام مهارات حرفية وتقنيات قديمة. تُعرض هذه الأعمال بطريقة فنية مذهلة تعكس ذوق تلك الفترات الرفيعة. مع التركيز على تقديم قراءة تاريخية عميقة، حيث استعرض كيف تطورت الحلويات من مجرد أطعمة بسيطة إلى رموز للثراء والترف، واستخدمت في المناسبات الرسمية والاحتفالات الملكية.
تجارة السكر
والجدير بالذكر أن تجارة السكر كانت في رواج أصناف مختلفة من الحلويات التي انتشرت عالمياً كصناعة محلية انتقلت عبر سفن التجارة وطرق الملاحة في القرن السابع عشر. وكانت هولندا واحدة من أكبر الدول الأوروبية في تجارة السكر، حيث استوردت من آسيا وأفريقيا عبر شركات مثل شركة الهند الشرقية، التي أسست شبكة تجارية ضخمة لشراء وتوزيع السكر. وكان حجم وارداتها يتجاوز مئات الآلاف من الأطنان سنوياً، مما أسهم بشكل كبير في ازدهار صناعة الحلويات وتطورها في البلاد.
اهتم المعرض كثيراً بتسليط الضوء على الأحداث التاريخية التي صنعت فرقاً في الابتكار والجودة، وكيف كانت تُعد، ومن قام بصناعتها، وما هي المناسبات التي كانت تُقدم فيها. على سبيل المثال، يُعرض في المعرض كعكة المارزبان التي صنعت عام 1920، وكانت تُعد من الحلويات الفاخرة التي تُقدم في المناسبات الخاصة مثل أعياد الميلاد والزفاف. كان يُزيّنها حرفيون محترفون باستخدام تقنيات قديمة لتعكس ذوق تلك الفترة الرفيع. أما الجيلي من القرن السابع عشر، فكان يُصنع استناداً إلى وصفات تقليدية، غالباً في القصور الملكية والنبلاء، حيث كانت تُستخدم قوالب من الحديد أو السيراميك لصنع أشكال مزخرفة ومعقدة. وكانت تُقدم في المناسبات الرسمية، أما الحلويات التي تحمل رمزية خاصة وتُصنع خصيصاً للمناسبات، فكانت تُعد من رموز الثراء والفخامة. ففي القرن الثامن عشر، كانت هناك التماثيل السكرية التي تُستخدم كزينة على موائد الحفلات الكبرى، وتُبدع بواسطة خبراء نحت السكر، لتعكس ثراء الدولة وفخامة الاحتفالات، وتُعد من أقدم أنواع الحلويات التي لا تزال تُعرض حتى اليوم.
بسكويت «سبيكولاس»
مع مطلع القرن التاسع عشر، بات البسكويت التقليدي «سبيكولاس» يُخبز يدوياً في المنازل، وغالباً في المناسبات الدينية مثل عيد الميلاد. يتم تحضيره في المخابز التقليدية بواسطة خبراء محترفين، باستخدام وصفات سرية تنتقل عبر الأجيال، وكانت تُزين بشكل فني يعكس مستوى المهارة العالية في صناعة الحلويات المنزلية. ومع بداية القرن العشرين، كانت الحلويات تُصنع خصيصاً للاحتفالات الكبرى، خاصة احتفالات العرش، وتُزين غالباً برموز وطنية أو صور للملك أو الملكة، وتُعد من الحلويات التي تُظهر مدى تطور فن التزيين في تلك الفترة.
ويُذكر أن بداية تجارة التوليب في هولندا كانت عام 1637، حين شهدت سوق الزهور انفجاراً في الطلب، ووصلت قيمة سوق التوليب آنذاك إلى أكثر من 100 مليون فلورن هولندي، وهو رقم يعكس مدى أهمية الزهور والحلويات ذات الصلة كشواهد على الثراء والتطور الاقتصادي. وقد أدى هذا التداخل بين التجارة والفن إلى ظهور العديد من الأعمال الفنية التي تصور تلك الزهور، وتُستخدم في صناعة الحلويات، مثل زهور التوليب المصنوعة من عجينة السكر، التي تعود أصولها إلى القرن الثامن عشر، وتُصنع بدقة عالية لتعكس الجمال الطبيعي والزهو بالمناسبات.
حلويات المستعمرات
من جانب آخر، سلط المعرض الضوء على حلويات المستعمرات في القرن السابع عشر، والتي تُعد من الحلويات الفاخرة المستوردة من آسيا وأفريقيا، وتُعبر عن الثروة والتبادل الثقافي وحجم الطلب، والتقنيات المتقدمة، والأثر الاقتصادي الكبير الذي تتركه تجارة الحلويات على المجتمع الهولندي. ومن أبرز الأعمال التي عُرضت، لوحة من القرن الثامن عشر مستعارة من متحف موريتشهاوس، تصور مشهداً من حياة التجار، وتصف رجلاً يطلب البسكويت من تاجر جملة، وهو عمل يُعدّ شهادة على ازدهار تجارة الحلويات في تلك الفترة. ويُذكر أن حجم صادرات الحلويات الهولندية في بداية القرن العشرين بلغ أكثر من 200 مليون يورو سنوياً، مما يعكس مكانة هولندا كمصدر رئيسي للحلويات عالية الجودة على مستوى العالم، خاصة مع بداية تصدير الحلويات إلى أمريكا وأوروبا وآسيا.
1914
أما على مستوى الأعمال الفنية المعاصرة، فقد أُعرضت لوحة لبييت موندريان، من عام 1914، بجانب نسخة فنية لمجسم «جاتو المارزيبان»، الذي أُنشئ باستخدام تقنيات حديثة. تُظهر هذه الأعمال كيف يمكن للحلويات أن تتداخل مع مفاهيم الفن الحديث، وتُبرز مهارات الفنانين في تحويل المواد إلى لوحات فنية حية، بواسطة أدوات معقدة لصناعة التماثيل والديكورات من السكر.
0 تعليق