شكرًا لمتابعتكم، سنوافيكم بالمزيد من التفاصيل والتحديثات الاقتصادية في المقال القادم: بين الضغوط والضربات: إيران ترفض أن تدخل مفاوضات الخضوع - تليجراف الخليج ليوم الخميس 19 يونيو 2025 03:38 صباحاً
ليست الأزمة بين إيران والولايات المتحدة أزمة تفاوضية، كما كان يُروَّج لها سابقاً أو يُحكى عنها اليوم، فما يُطرح على طهران من قبل الأميركيين ليس طاولة حوار بل منصة إملاء، ليس تفاوضاً سياسياً بل عرض استسلام مغلف بلغة دبلوماسية، لا مكان فيها لحلول وسط أو تفاهمات متبادلة.
واشنطن، تحت قيادة دونالد ترامب وطاقمه المتشدد، تتعامل مع إيران كعدو مهزوم حتى منذ ما قبل إطلاق الرصاصة الأولى، فالتفاوض لستين يوماً كان هدفه الحصول على توقيع إيران بلا مكاسب، والتخلي عن البرنامج النووي بلا مقابل، واليوم بعد اندلاع الحرب الإسرائيلية عل إيران، والتي قد يدخلها الأميركي ضمن ظروف معينة، يُريد الرئيس الاميركي جلوس طهران حول طاولة التفاوض مجرّدة من كل أدوات القوة، الاقتصادية، الدفاعية، النووية والمعنوية.
هذه المقاربة التفاوضية ليست جديدة من حيث المضمون، لكنها تُقدَّم اليوم بأكثر أشكالها وقاحة وصراحة، والسبب بسيط وهو ان واشنطن لا تريد اتفاقاً، بل استسلاماً.
اللافت في المشهد أن الإدارة الأميركية، وإن كانت بقيادة ترامب، ليست موحدة في أهدافها وتكتيكاتها، فبين أجنحة السلطة، هناك تيار يرى في الضغوط القصوى وسيلةً لإجبار طهران على تقديم تنازلات كبرى بعد إنهاكها عسكرياً، وتيار آخر أكثر تطرفاً، وأقرب إلى رئيس الوزراء الاسرائيلي بنيامين نتنياهو يرى أن لا فائدة من التفاوض، وأن الحل الوحيد هو تغيير النظام الإيراني بالكامل، وهذا التيار هو من أقنع ترامب بتقديم الضوء الأخضر لنتانياهو لإطلاق عمليته العسكرية ضد إيران، وقد يقنعه بتبين وجهة النظر القائلة بضرورة استكمال الحرب حتى تدمير النظام.
ترفض إيران الجلوس إلى الطاولة دون كرامة، لكنها أيضاً لا تريد أن تظهر أمام المجتمع الدولي وكأنها تُقفل أبواب الحوار، وهي بالطبع لن تدخل التفاوض تحت النار الإسرائيلية، وهنا تكمن المعضلة فكلما زاد رفضها، زادت ضغوط الغرب عليها، وكلما أبدت انفتاحاً، قُرئ ذلك تراجعاً وضعفاً.
في قلب هذا المشهد، تلعب إسرائيل دور المحرّض والمخطط، وهدفها لم يتغير، ويتمثل بتغيير النظام في طهران، لا تعديله، لا احتواؤه، بل إسقاطه كاملاً، وتفكيك بُناه العقائدية والعسكرية والنووية، وتحويل الصراع من صراع على البرنامج النووي إلى صراع وجود شامل، خصوصاً بظل تبنّي صقور واشنطن اليوم الخطاب الإسرائيلي بالكامل، ويعيدون طرح سيناريوهات إسقاط النظام الإيراني كما طُبّقت في العراق ومؤخراً في سوريا.
يريد ترامب، بضربات خاطفة أو استنزافية، أن يُسقط منظومة الردع الإيرانية، من دون أن يفتح حرباً إقليمية شاملة، وأن يُسقط البرنامج النووي بضربة عسكرية، ثم يدعو طهران إلى التفاوض تحت النار، لا على الطاولة، من هنا، يصبح صمود القيادة الإيرانية، وحنكتها في إدارة التوازن بين الردع والانضباط، هو الأساس في إفشال المشروع الأميركي الإسرائيلي، وليس المقصود بالصمود عدم الرد، بل الرد الذكي، وهنا تكمن قوة طهران، فهي لا تفكر بردود فعل لحظية، بل تستند إلى مشروع طويل النفس، قادر على امتصاص الضربة، والرد لاحقاً.
0 تعليق