نقدم لكم زوارنا الكرام أهم وآخر المستجدات كما وردت في المقال التالي: التصعيد الإقليمي يهدد مكاسب سوريا - تليجراف الخليج اليوم الجمعة 20 يونيو 2025 03:12 صباحاً
وسط تصاعد غير مسبوق للتوترات الإقليمية على خلفية المواجهة المفتوحة بين إسرائيل وإيران، تتصاعد المخاوف في سوريا من أن تصبح البلاد أكثر عرضة من أي وقت مضى لتبعات هذا التصعيد، ليس فقط من الناحية الأمنية، بل أيضاً في ما يتعلق بتراجع الانفتاح الدولي عليها، وتجميد الجهود الاقتصادية والاستثمارية التي بدأت بالكاد تتبلور في الأشهر الأخيرة، قبل أن تبتلعها موجة جديدة من الحرب الباردة الساخنة في الإقليم.
في الداخل السوري، ظهرت خلال الفترة الماضية مؤشرات إيجابية، تمثلت في تقدم نسبي بقطاع التعليم، واستئناف عمليات تبادل محدودة للمعتقلين بين الأطراف، إلى جانب تحركات إنسانية أفضت إلى إعادة عدد من العائلات من مخيم الهول إلى مناطقها في شمال غرب البلاد.
وعلى الرغم من تواضع هذه الخطوات، فإنها بدت – حتى وقت قريب – كمقدمة لمناخ أكثر قابلية للإصلاح التدريجي، خصوصاً في ظل مؤشرات انفتاح أمريكي استثنائي تجلّى في بعض القرارات المتعلقة بالعقوبات.
تهديد
غير أن هذه المكاسب، على محدوديتها، تبقى عرضة للتهديد في أي لحظة.
فالتوازن القائم في سوريا اليوم يقوم على خيوط دقيقة من التفاهمات الإقليمية والتهدئة السياسية المؤقتة، وأي خلل في هذا التوازن – سواء من خلال اشتباك إقليمي مباشر، أو عبر تحركات ميدانية لأذرع محلية – من شأنه أن يعيد البلاد إلى نقطة الجمود، أو يدفع بها إلى موجة جديدة من الفوضى الأمنية والشلل السياسي، خصوصاً إذا ارتبط هذا الانفجار بمسار التصعيد بين إسرائيل وإيران.
الجغرافيا السورية نفسها تزيد من خطورة هذا الانكشاف، فالشرق السوري على تماس مباشر مع جماعات مسلحة سبق لها أن استهدفت قواعد أمريكية في مناطق سيطرة قوات سوريا الديمقراطية (قسد)، لا سيما في محيط الشدادي قرب الحدود العراقية.
وفي الجبهة الغربية، يتمركز الجيش السوري في مناطق تلاصق خطوط التماس مع القوات الإسرائيلية التي تنفذ اختراقات وانتهاكات متكررة قرب الجولان المحتل، وبهذا، تصبح البلاد عالقة بين جبهتين، تتقاطع فيهما مفاعيل التصعيد الإقليمي بشكل مباشر.
ومما يزيد المشهد تعقيداً، ما تتحدث عنه تقارير سورية وأمريكية عن تحركات مقلقة لتنظيم داعش الإرهابي في مناطق متفرقة من البادية ودير الزور، وسط مخاوف من أن يستغل التنظيم انشغال القوى الدولية بالصراعات الإقليمية الكبرى ليعيد خلط الأوراق عبر عمليات دامية في الداخل.
في هذا السياق، تبدو البنية الاقتصادية السورية في موقع العجز عن امتصاص أي صدمة إضافية، وهذا ما يلفت الانتباه إلى أن التصعيد الإقليمي بيئة طاردة للاستثمارات، فيما بنت سوريا آمالاً عريضة على انفتاح الأبواب أمام الاستثمارات وإثبات تحسن الوضع والمناخ الداخلي بما يجعل البلاد بيئة مواتية لأصحاب الأعمال.
كل هذه التصورات معلقة الآن، سواء من المستثمرين المحتملين أو الجهات الرسمية السورية الراعية لعملية التعافي الاقتصادي.
أما الوضع الأمني، وخصوصاً في الجنوب والشمال الشرقي، فلا يزال خاضعاً لمعادلات مؤقتة، ما يجعله عرضة للانهيار عند أي اهتزاز إقليمي كبير.
مسارات الحوار
وتحذّر الأوساط السياسية المعنية بالملف السوري من أن التصعيد الجاري قد لا يقتصر تأثيره على الميدان، بل قد يُستخدم ذريعة لإبطاء أو تجميد مسارات الحوار السياسي الداخلي، أو حتى لإعادة تشكيل أولويات الأطراف الدولية بما لا يخدم مصالح سوريا.
مثل هذا السيناريو من شأنه أن يهدد فرص مسار المصالحة، ويعيد تنشيط النزاعات المحلية، التي بدأت تنحسر بالفعل بعد إجراءات حكومية وجهود دؤوبة لتطويق التوترات الداخلية.
وفي ظل هذا المشهد المعقد، تبدو الحاجة ملحّة لتحصين الداخل السوري سياسياً وأمنياً.
0 تعليق