نقدم لكم زوارنا الكرام أهم وآخر المستجدات كما وردت في المقال التالي: السياسة حين ترتفع إلى مستوى الدولة - تليجراف الخليج اليوم الجمعة الموافق 20 يونيو 2025 12:54 مساءً
في لحظات التحول التي تمر بها الأمم، لا تكون الحاجة إلى رسم السياسات ترفًا مؤسساتيًا، بل ضرورة وجودية تُعيد توجيه البوصلة، وتُرمّم العلاقة بين الدولة ومجتمعها، ومع محيطها أيضًا. فحين تغيب السياسة الواعية، تحضر الفوضى في شكل قرارات متفرقة، وردود أفعال آنية، وأحيانًا إنجازات لا تكتمل أو تفقد أثرها سريعًا.
نحن بحاجة اليوم، ونحن نشهد إعادة رسم للخارطة السياسية في الإقليم، وربما على مستوى العالم، إلى وعي مختلف؛ وعيٍ يُدرك طبيعة التقاطعات الإقليمية والدولية، لا فقط من الزاوية السياسية، بل عبر قراءة اقتصادية ومصلحية متشابكة، تلتقط التحولات وتُعيد تموضعنا ضمنها. المتغيرات لا تُراقب، بل يُنتج الفعل من داخلها، ويُصاغ القرار على ضوء فهمها.
نحتاج إلى مقاربة استراتيجية تُعيد صياغة الدور، لا تكتيكًا لحظيًا يتعامل مع الأحداث بمنطق تسيير الأعمال.
رسم السياسات يقوم على قراءة دقيقة للواقع، وتحليل للفجوات بين ما هو كائن وما يجب أن يكون، واستشراف لزمن لا ينتظر. ويستلزم فرقًا تمتلك أدوات الإدارة المعاصرة، والإدارة المتكاملة، وهندسة الوعي؛ فرقًا تملك الكفاءة لرفع الدولة إلى مستوى أعلى من التفكير والعمل، وتجسير الفجوة بيننا وبين العالم بمقاربة نوعية لا تُكتفى بجِدّتها، بل تُقاس بنتائجها، وبقدرتها على معالجة الاختلالات البنيوية في الاقتصاد والسياسة والمجتمع.
لا يمكن لذلك أن يتحقق دون فهم عميق لطبيعة النظام العام، حيث كل قرار في زاوية ينعكس في أخرى، وكل إصلاح جزئي لا يُحدث فرقًا دون إصلاح في البنية الشاملة.
التشبيك الإقليمي والدولي لم يعد تفصيلًا إضافيًا، بل أداة تأسيسية في بناء الفرص وتوسيع مجالات التأثير. ليس الهدف اقتناص ما يُعرض فقط، بل خلق مصالح مشتركة واضحة، تُبنى على الندية، وتحفظ السيادة، وتُنتج مكاسب متبادلة. والتوقيت هنا حاسم؛ فمن يتأخر، يُفرض عليه ما كان يمكن أن يشارك في صناعته.
من يقود التحوّل لا يُعلنه، بل يبني أدواته ويُحسن توقيت إطلاقه.
وفي ظل الظرف الإقليمي المتغيّر، ثمة دولٌ تستعد للعب أدوار أكبر توازي حجمها الحقيقي وموقعها الجيوسياسي. لا لأن أحدًا منحها هذا الدور، بل لأن اللحظة الراهنة تُتيحه… ولأن أدواته بدأت بالتكوّن.
نشكركم على القراءة، ونتطلع لمشاركتكم في مقالاتنا القادمة للحصول على أحدث الأخبار والمستجدات.
0 تعليق