نقدم لكم زوارنا الكرام أهم وآخر المستجدات كما وردت في المقال التالي: أزمة التربية والتعليم في الأردن: هل نجد الحل في فلسفة وفكر ماجد الكيلاني - تليجراف الخليج اليوم الأربعاء الموافق 25 يونيو 2025 08:30 مساءً
العلامة الدكتور ماجد عرسان الكيلاني (1932–2015) مفكر ومربٍ أردني بارز، يُعد من رواد الفكر التربوي الإسلامي المعاصر. عمل في مناصب تعليمية وتربوية مهمة داخل الأردن وخارجه. عُرف بدعوته إلى تجديد التربية الإسلامية والوطنية لتكون أساسًا في نهضة الأمة، وركّز في مؤلفاته على بناء الشخصية المسلمة وتاريخ الحركات التغييرية، وأشهر كتبه "فلسفة التربية الإسلامية المعاصرة" و"هكذا ظهر جيل صلاح الدين” الذي قدم فيهما رؤية إصلاحية تربوية مستمدة من التاريخ الإسلامي. نال جوائز دولية عديدة، وترك أثرًا عميقًا في الفكر التربوي العربي والإسلامي.
في الوقت الذي تشهد فيه الساحة التربوية الأردنية جدلاً متجدداً حول جودة التعليم وتراجع مخرجاته وما يعانيه من ازمات وتحديات، تبرز رؤية المفكر الأردني الراحل د. ماجد عرسان الكيلاني في كتابه "فلسفة التربية الإسلامية المعاصرة" كمنارة لإصلاح حقيقي شامل تحتاجه منظومتنا التعليمية.
يواجه النظام التربوي في الأردن بالإضافة الى تحديات البيئة المدرسية والمعلم، ازمات بنيوية كثيرة يمكن تلخيصها في ثلاث نقاط أساسية: أزمة الهوية حيث تعاني المناهج من قطيعة مع التراث الحضاري الإسلامي، مع اعتماد شبه كلي على نظريات تربوية غربية لا تتوافق جلها مع قيم مجتمعنا، وأزمة الغاية وذلك بتحول التعليم من بناء الشخصية المتكاملة إلى مجرد وسيلة للحصول على الشهادات والوظائف، وأزمة المنهج( الأسلوب) حيث تسيطر أساليب التلقين والحفظ على حساب تنمية التفكير النقدي والقيمي.
يقدم الدكتور الكيلاني رؤية إصلاحية شاملة للنظام التربوي والتعليمي تلتقي مع فكراستاذه المفكر الإسلامي الجزائري مالك بن نبي تركز على أن الإصلاح التربوي هو المدخل الرئيسي للنهضة الشاملة ومتطلب اساسي للإصلاح السياسي والإقتصادي والإجتماعي، معتبراً أن الأزمة الحضارية في الدول العربية والإسلامية بدأت بانهيار المنظومة التعليمية.
وتنطلق رؤيته في الإصلاح الشامل للنظام التربوي والتعليمي على عدة محاور اهمها:التربية المتوازنة التي تجمع بين العلوم العصرية والثوابت الشرعية، وتعزيز الهوية من خلال ربط المعرفة بقيم الأمة وحضارتها، والقدوة التربوية حيث يتحول المعلم من ناقل للمعلومات إلى مربٍ ومثال حي، وربط النظرية بالتطبيق معتبراً أن التربية يجب أن تُنتج أفراداً فاعلين منتجين لا مجرد منظرين، والمناهج التعليمية المستنيرة التي تنمي التفكير النقدي بدلاً من الحفظ والتلقين،وتحقيق الغاية وهي بناء الإنسان الإيجابي المنتج القادر على الإصلاح في جميع المجالات (السياسية، الاجتماعية، العلمية) .
يمكن الاستفادة من رؤية العلامة الكيلاني في معالجة أزمتنا التربوية عبر: إعادة النظر في المناهج بدمج القيم الإسلامية الأصيلة مع المهارات الحديثة، وتأهيل المعلمين وتحفيزهم من خلال تحويلهم من موظفين إلى مربين يمتلكون الرؤية التربوية الشاملة،وربط التعليم بالحياة من خلال التركيز على الجوانب التطبيقية وبناء الشخصية.
وفي الختام تتطلب الأزمة التربوية في الأردن أكثر من إصلاحات سطحية. إنها بحاجة إلى رؤية شاملة كما قدمها الكيلاني، تجمع بين الأصالة والمعاصرة، وتوازن بين متطلبات العصر وثوابت الأمة.
والسؤال الذي يبقى: هل نملك الشجاعة للخروج من النمط التقليدي والإنطلاق نحو نظام تربوي وتعليمي اصيل بعيدا عن التغريب والتبعية ينتج جيلاً واعياً بذاته وحضارته وقضيته، قادراً على مواجهة تحديات العصر؟
نشكركم على القراءة، ونتطلع لمشاركتكم في مقالاتنا القادمة للحصول على أحدث الأخبار والمستجدات.
0 تعليق