بورتسودان – محمد مصطفى

تشهد ولاية البحر الأحمر موجة مقلقة من تصاعد معدلات تعاطي وترويج المخدرات، بحسب ما كشف عنه مسؤولو اللجنة العليا لمكافحة المخدرات، وسط تحذيرات من أن الظاهرة بلغت مستويات تهدد أمن وسلامة المجتمع، لاسيما في مدينة بورتسودان، التي أصبحت بؤرة مفتوحة أمام شبكات الاتجار، في ظل التحديات الأمنية بعد حرب 15 أبريل 2023م.

الطلاب والنساء في دائرة الإدمان

كشف العقيد آدم محمد صالح، مقرر اللجنة العليا الفرعية لمكافحة المخدرات، عن أن العام الماضي شهد تسجيل 1534 بلاغًا، بينما بلغ عدد البلاغات منذ بداية عام 2025 وحتى الآن 575 بلاغًا، في مؤشر خطير على توسع الظاهرة. وأوضح أن حالات تعاطٍ تُسجل يوميًا بين طلاب المدارس، وبعضهم لا يتجاوز عمره 16 عامًا، إلى جانب ازدياد حالات تعاطي النساء للمخدرات، ما يعكس تغيرًا اجتماعيًا خطيرًا يستدعي وقفة مجتمعية شاملة.

 لا بديل عن التوعية المجتمعية

أعرب الفريق ركن مصطفى محمد نور، والي ولاية البحر الأحمر، عن قلقه الشديد من تفشي المخدرات، مشيدًا بجهود الإدارة العامة لمكافحة المخدرات والقوات النظامية في ملاحقة التجار وضبط الشحنات. ودعا خلال كلمته في الاحتفال باليوم العالمي لمكافحة المخدرات، الذي أُقيم بقاعة الخبير بجامعة البحر الأحمر، إلى تكامل الأدوار بين مؤسسات الدولة ومنظمات المجتمع المدني والعمد والمشايخ والأندية الشبابية لمواجهة الخطر المحدق.

تورط أفراد في الترويج

في تطور صادم، أشار العقيد صالح إلى تورط بعض أفراد القوات النظامية في عمليات إدخال وترويج المخدرات، مستغلين حالة الانفلات العام التي تمر بها البلاد، مما فاقم التحديات أمام الأجهزة الأمنية. كما نوّه إلى أن هذه العناصر تستغل معرفتها بالطرق والحدود لتسهيل عمليات التهريب والتوزيع، وهو ما وصفه بـ”الخرق الأخلاقي والأمني الجسيم”.

الشرطة تُكثّف حملاتها

أكد مدير شرطة ولاية البحر الأحمر أن الشرطة قامت خلال الأشهر الماضية بتنفيذ حملات استباقية وضربات نوعية لأوكار الترويج، مما أسفر عن ضبط كميات كبيرة من المخدرات واعتقال عشرات المتهمين. وأوضح أن المعلومات الواردة من لجنة المكافحة تؤكد أن الوضع يستوجب إعلان حالة طوارئ مجتمعية، مشيرًا إلى ضرورة دعم جهود الشرطة بالتوعية المباشرة من داخل الأحياء والمدارس والجامعات.

 الدراما سلاح ضد السموم

بموازاة الجهود الأمنية، تنطلق حملة توعوية مكثفة لمدة أسبوعين، تشمل عروضًا درامية ومحاضرات في جامعة البحر الأحمر ومراكز الشباب والمدارس، بهدف رفع الوعي بمخاطر الإدمان. وتُراهن اللجنة العليا على أن الخطاب الفني والثقافي يُعد الأكثر تأثيرًا في الفئة المستهدفة من الشباب والمراهقين.

جبهة موحدة لمكافحة المخدرات

شدد عبد المحمود مبارك إسماعيل، رئيس اللجنة العليا لمكافحة المخدرات بالولاية، على أهمية التنسيق بين الشرطة والمجتمع المدني والإعلام والمؤسسات التعليمية، لمواجهة الخطر الداهم، مؤكدًا أن نجاح الجهود النظامية مرهون بمشاركة الجميع في التصدي للظاهرة من الجذور، عبر التربية والرقابة والتوعية.

حرب ما بعد الحرب

يشير مراقبون إلى أن الأوضاع الأمنية التي أعقبت حرب 15 أبريل 2023، ساعدت على ازدهار تجارة المخدرات في بورتسودان، حيث تستغل العصابات الانفلات والانشغال الأمني لإدخال المخدرات عبر الميناء أو المنافذ البرية والبحرية. وتُعد ولاية البحر الأحمر، بحكم موقعها الجغرافي، نقطة استراتيجية لتجار السموم الذين يعبرون منها إلى الداخل أو إلى دول الجوار.

مناشدات للمجتمع الدولي.. أين الدعم؟!

وسط هذا المشهد القاتم، ترتفع الأصوات مطالبة المنظمات الدولية والإقليمية المختصة بالشباب والصحة والتعليم بضرورة توفير دعم مباشر للبرامج الوقائية والعلاجية في الولاية، مع توفير مراكز تأهيل ورعاية للمُدمنين، ومناهج تربوية حديثة تساعد في التحصين من المخاطر السلوكية والإدمانية.