نقدم لكم زوارنا الكرام أهم وآخر المستجدات كما وردت في المقال التالي: "العلاقات المغربية-الإيرانية" .. تداعيات التصعيد الأخير في الخليج على السيادة الوطنية - تليجراف الخليج اليوم الخميس 26 يونيو 2025 10:24 مساءً
شكّلت الأحداث الأخيرة في الخليج، خاصة المواجهة العسكرية بين إيران وإسرائيل والهجوم الإيراني على قاعدة "العديد" الأمريكية في قطر في يونيو 2025، منعطفا جيوسياسيّا عميقا يعزز تحليلات التدخل الإيراني في سيادة الدول المجاورة. فقد أطلقت إيران صواريخ على القاعدة القطرية رغم علاقاتها مع الدوحة، وهو ما اعتُبر انتهاكا صارخا للسيادة، حيث وصفت قطر الهجوم بأنه "مساس غير مقبول بسيادتها" . هذا الحدث يتوافق مع النمط التاريخي للسلوك الإيراني الذي سبق للمغرب تسليط الضوء عليه عند قطع علاقاته عام 2018، خاصةً فيما يتعلق باستغلال طهران للصراعات الإقليمية لاختراق السيادات الوطنية.
ردّا على الهجوم، أظهرت الدول العربية تضامنًا لافتًا مع قطر، حيث دانت السعودية والإمارات والبحرين والأردن ومصر الهجومَ واعتبرته "خرقًا للقانون الدولي ومبادئ حسن الجوار" . هذا الموقف الموحّد يُبرز إدراكًا عربيًّا متزايدًا لخطر السياسات الإيرانية على الأمن الجماعي، وهو ما يدعم الموقف المغربي الداعي لربط أي تفاهم مع طهران باحترام الوحدة الترابية للدول. بل إن الهجوم الإيراني على قطر . رغم دورها الوسيط ، كشف تناقضا جوهريّا في السياسة الخارجية الإيرانية: فبينما تعلن التزامها بالاستقرار الإقليمي، توظف الأدوات العسكرية لزعزعته .
في ظل هذه الأحداث، قادت قطر جهود وساطة مكثفة لوقف إطلاق النار بين إيران وإسرائيل، حيث أجرى أمير قطر الشيخ تميم اتصالا مباشرا بالرئيس الإيراني بزشكيان، مؤكدا "ضرورة الحفاظ على أمن المنطقة" . هذه الوساطة، رغم تعرّض الدوحة للهجوم، تعكس تعقيدا في الموقف الخليجي تجاه إيران.فمن جهة، يرفض انتهاك السيادة، ومن جهة أخرى، تستمرّ القنوات الدبلوماسية لاحتواء الأزمات. وقد نجحت هذه الجهود جزئيًّا بإعلان وقف إطلاق النار في 24 يونيو 2025، الذي رعاه الرئيس الأمريكي ترامب، لكنه ظلّ هشًّا بسبب الانتهاكات المبكّرة من الجانبين .
على الصعيد الاستراتيجي، يعيد التصعيد الأخير تأكيد تحذيرات المغرب من تداعيات الاختراق الإيراني. فالهجوم على قطر، إلى جانب الدعم الإيراني السابق للبوليساريو، يُظهر أن طهران تعتمد سياسة "المحاور المتعددة" لفرض نفوذها. عسكريّا عبر حلفائها المباشرين (كحزب الله)، وأمنيّا عبر استهداف القواعد الأجنبية، ومذهبيّا عبر اختراق النسيج الديني الداخلي للدول . كما أن تصريح ترامب بشأن "ضعف" الهجوم الإيراني على قطر، وتقديره للإخطار المسبق من طهران، كشف عن محاولة إيران الموازنة بين الرد الرمزي والحفاظ على مساحات دبلوماسية، وهو ما لا يلغي خطورة انتهاك السيادة .
تؤكد أزمة الخليج الأخيرة حاجة المغرب لتعزيز سياساته الدفاعية الاستباقية. فتصاعد التوتر الإقليمي، خاصة مع تحالف إيران-الجزائر، يزيد مخاطر استخدام قضية الصحراء كورقة ضغط ضد الرباط . لذلك، يُظهِر النموذج القطري في التعامل مع الأزمة (الجمع بين الردّ القانوني على الانتهاك والوساطة) أهمية التكيّف مع تعقيدات الصراع مع إيران، حيث يجب أن تبقى حماية السيادة – كما أكد المغرب دائما – خطا أحمر غير قابل للمساومة، مدعومًا بتحالفات إقليمية فاعلة وقدرات رصد متطورة للتهديدات العابرة للحدود.
0 تعليق