نقدم لكم زوارنا الكرام أهم وآخر المستجدات كما وردت في المقال التالي: السبعيني ” صالح حنتوس ” الذي هزم بدقيقة... - تليجراف الخليج اليوم الجمعة 4 يوليو 2025 09:51 مساءً
في زمن التخلي والتخاذل، والتسليم المجاني، وقف وحده كجبل، وفي لحظة صمت مطبق، صدح بالحق وكتب النهاية بشرف. إنه الشيخ صالح حنتوس الذي لم يكن رجلاً عاديا طيلة حياته، بل كان صوتا للرجولة والوعي والبطولة.
وفي زمن تهاوت فيه القامات، وتوارى فيه الصدق خلف جدران الخوف، قدم الشيخ صالح، بصموده وكلماته القليلة، خلاصة ما اختزنه اليمن من وجع، وما فاضت به قلوب الأحرار من خيبات.
وبينما اختار بعضهم الرحيل بصمت، وارتضى آخرون الذل في انتظار الخلاص، قرر هو أن يكون شاهداً على العصر، وموقفا لا يباع، وصوتا لا يُشترى..قرأ جيداً خيانة الصمت، واستشعر فداحة الفراغ الذي خلفه غياب العلماء والخطباء والمؤثرين، وأدرك أن لحظة الانكسار الوطني لا تستقيم إلا بوثبة توقظ الضمير.
عشر سنوات كان البطل قريبا من الوجع، يتابع مآلات الوضع بحسرة، ورأى بعينه كيف انزلقت البلاد نحو هاوية بلا قاع، وكيف انكشفت الوجوه المتخفية خلف الشعارات، وسقطت الأقنعة واحدا تلو الآخر. فقرر البقاء قريبا من الناس، ولم يكن غافلا عن الثمن الذي سيدفعه، بل كان يعرف تماما أن النهاية ستكون دمه، ودم أبنائه، وروحه التي أحبت هذه الأرض حد التلاشي.
هندس النهاية بعناية، وكتب وصيته كمن يكتب نشيده الأخير، ورتب المشهد كمن يُعد لمعركة خلود، لا لهزيمة. لم يكن معتديا على أحد، لكنه دافع عن كرامته، عن بيته، عن عرضه، عن المبادئ التي تنهار منذ عشر سنوات.
وفي دقيقة صوتية واحدة، عبرت الفضاء، من دون مؤثرات صوتية، أو مونتاج، بث الرجل السبعيني تقريره الأخير من قلب المواجهة، فأنصتت له الدنيا، وتداولته الشاشات، كأصدق رسالة، وأشجع بيان، لا يعلوه إلا صوت الدم.. وتلك الدقيقة، بصوت الشهيد ومداخلة زوجته وأمها، مزّقت عشر سنوات من الزيف، وأسقطت كل الألوان الباهتة التي تجملت بها جماعة الحقد والادّعاء.
كسر الشيخ صالح بصموده الصورة الكاذبة التي صدرتها الجماعة المتمردة، باسم فلسطين، وفضح نفاقها الذي لم يعد يُخدع به حتى الفلسطينيون أنفسهم، الذين عبروا عن استنكارهم، وقالوا: لا نريد أن تجعلوا من قضيتنا مجرد عمليات للتجميل!
رحل البطل الكبير، لكن صوته باقٍ، وذكراه سراج للأحرار، ووثيقة جمهورية لا تُطوى. أدار معركته الأخيرة واقفا، وخاض معركة الوطن بشرف، فهزمهم في ميدان الوعي، وباتت كلماته نبراسا تتوارثه الأجيال، وقصة يرويها التاريخ..
سلام على روحك أيها الجبل.. سلام على كلمتك التي زرعت في الأرض بذرة الكرامة من جديد، وأشعلة ثورة عبرت الحدود والجغرافيا، والتاريخ.
0 تعليق