نقدم لكم زوارنا الكرام أهم وآخر المستجدات كما وردت في المقال التالي: الكيان الصهيوني : من خريطة الهيمنة إلى أزمة البقاء - تليجراف الخليج اليوم السبت الموافق 5 يوليو 2025 08:11 مساءً
منذ السابع من أكتوبر 2023، دخل الكيان الصهيوني مرحلةً حرجةً في مشروعه التوسعي، الذي تجسّد بوضوح في خريطة "إسرائيل الكبرى" التي عرضها بنيامين نتنياهو في الأمم المتحدة. بدءاً بحرب غزة، مروراً بقصف لبنان وسوريا، ووصولاً إلى المواجهة المباشرة مع إيران، يطرح السؤال نفسه: هل تمكّن الكيان من تحقيق الهيمنة على الشرق الأوسط؟ أم أن هذه "القوة" وهمية، قائمة على الدعم العسكري الأمريكي وتحالفات هشّة؟
1. مقومات الهيمنة المفقودة: بين الواقع والأسطورة
الهيمنة الحقيقية لا تُبنى بالصواريخ وحدها، بل تتطلب:
شرعية سياسية وتاريخية: الكيان وُلد من قرار استعماري (وعد بلفور 1917) في أرض يقطنها 11 مليون فلسطيني، بينما يشكّل اليهود 74% فقط من سكان "الخط الأخضر" (باستثناء الضفة والقدس وغزة).
قوة ديموغرافية: أمام طوفان سكاني عربي-إسلامي يتجاوز 650 مليون نسمة (200 مليون نسمة بين مصر وإيران وحدهما)، يعتمد الكيان على الهجرة اليهودية التي تتراجع سنوياً.
الاستقلال الاقتصادي والعسكري : 20% من ميزانية الكيان العسكري تأتي من المساعدات الأمريكية (3.8 مليار دولار سنوياً)، بينما يعاني من أعلى نسبة ديون للفرد في العالم.
مقارنة دالة: مثلت جنوب إفريقيا العنصرية قوة إقليمية حتى الثمانينيات، لكنها سقطت بسبب العزلة الدولية وغياب الشرعية الديموغرافية — وهو السيناريو الذي يلوح في أفق الكيان.
2. المواجهة مع إيران: انكشاف القوة العسكرية
كشفت الحرب الأخيرة بين الكيان الصهيوني وإيران بوضوح هشاشة القوة العسكرية الإسرائيلية حين تفقد المظلة الأميركية
فشل "القبة الحديدية": اعترف جنرالات إسرائيليون بأن 50% من الصواريخ الإيرانية اخترقت الدفاعات، ولم يُعزز الموقف إلا تدخل الطائرات الأمريكية (B2) والبريطانية.
التبعية المطلقة للغرب: منذ 1948، لم يخض الكيان حرباً دون دعم غربي مباشر (مثل الجسر الجوي الأمريكي في 1973).
فهل يعقل أن دولة تعتبر نفسها مهيمنة، وتعتمد على دعم دولي دائم في كل معاركها؟
3. الادعاء التوراتي: خرائط لا تُطابق التاريخ
يروج الكيان لفكرة "أرض الميعاد من النيل إلى الفرات"، لكن:
التوراة نفسها تناقض المشروع الصهيوني: سفر أشعياء (الإصحاح 2، العدد 4) : "يَطْبَعُونَ سُيُوفَهُمْ سِكَكاً وَرِمَاحَهُمْ مَنَاجِلَ " - أي دعوة لنزع السلاح، لا للتوسع.
المسيحية التقليدية ترفض التفسير الصهيوني: الكنائس الكاثوليكية والأرثوذكسية ترى أن "وعد الأرض" بُطل بمجيء المسيح. ما يفرغ الطرح السياسي الصهيوني من أي غطاء ديني حقيقي.
4. التحولات الأمريكية: بداية النهاية؟
أكبر تهديد للكيان قد يأتي من داخِل حليفه الأساسي:
تراجع اللوبي الصهيوني: انتخاب عمدة نيويورك المسلم (زهران ممداني 2025) في مدينة يهودية بنسبة 14% يُظهر تحولاً ديموغرافياً وسياسياً.
انتقادات الأجهزة الأمنية الأمريكية: مثل تصريحات تولسي غابرد /هندوسية هندية (مديرةً الاستخبارات الوطنية) التي شكّكت في الرواية الإسرائيلية حول البرنامج النووي الإيراني. توضح أن الموقف الأميركي ليس محسوماً دائماً لصالح تل أبيب.
5. السلام الإبراهيمي: وهم التطبيع
رغم الاتفاقات الرسمية (الإمارات، البحرين، السودان)، فإن:
الشعوب العربية ترفض التطبيع:
مقاطعة جماعية للمنتجات الإسرائيلية في الخليج بعد مجازرغزة.
استمرار التضامن مع فلسطين في المسيرات والمنصات الإعلامية.
السلام "البارد" يتكرر: كما حدث بعد معاهدتي مصر (1979) والأردن (1994)، حيث ظلت العلاقات شكليّة.
يبدو أن المصير نفسه ينتظر الاتفاقات الأحدث، في ظل غياب الثقة ورفض التطبيع على المستوى الشعبي.
الخاتمة: هيمنة أم نبوءة انهيار؟
الكيان الصهيوني اليوم أشبه بـ"عملاق من طين": .. لا يبدو بانه قوة مهيمنة، بقدر ما هو مشروع مضطرب، يعتمد على قوة خارجية وعلى دعم أيديولوجي ديني لم يعد مقنعاً حتى لحلفائه. الحرب مع إيران، وحالة الاستنزاف في غزة، ومأزق الداخل الأميركي، كلها عوامل تشير إلى أن "إسرائيل" في أزمة بقاء، لا في موقع قيادة.
كلمة أخيرة: كما قال إسحاق رابين: "الأمة التي تعتمد على القوة العسكرية 50 عاماً ستنهك نفسها حتماً". هل نشهد الآن نبوءته تتحقق؟
باحث ومخطط استراتيجي
نشكركم على القراءة، ونتطلع لمشاركتكم في مقالاتنا القادمة للحصول على أحدث الأخبار والمستجدات.
0 تعليق