نقدم لكم زوارنا الكرام أهم وآخر المستجدات كما وردت في المقال التالي: الأجهزة الذكية.. إدمان رقمي يستهلك عطلة الصيف - تليجراف الخليج اليوم الأحد 6 يوليو 2025 01:00 صباحاً
ضبط الاستخدام وفق قواعد واضحة ومعلنة داخل الأسرة
ضرورة توفير بدائل جذابة تملأ وقت الطفل بالمتعة والفائدة
المشاركة تحوّل الجهاز من أداة انعزال إلى وسيلة حوار تفاعلي
الاستخدام المفرط للأجهزة يؤدي إلى تغيرات سلوكية
أوصى تربويون واختصاصيون بضرورة تحديد ساعات استخدام الأجهزة الذكية للأطفال خلال العطلة الصيفية، بحيث لا تتجاوز ساعتين يومياً للأطفال دون الثانية عشرة، مع ضرورة تقسيم الوقت على فترات متقطعة تتخللها استراحات قصيرة، لتفادي الإرهاق البصري والذهني، وشددوا على أن التنظيم لا يعني الحرمان، بل ضبط الاستخدام وفق قواعد واضحة ومعلنة داخل الأسرة.
كما دعوا إلى أهمية توفير بدائل جذابة تملأ وقت الطفل بالمتعة والفائدة، مثل إشراكه في المعسكرات الصيفية، أو تنظيم رحلات ترفيهية وثقافية، أو تشجيعه على ممارسة الهوايات والأنشطة اليدوية والرياضية التي تنمي مهاراته الحركية والاجتماعية.
وأكدوا أن هذه البدائل تعزز من استقلالية الطفل وتقلل اعتماده على الشاشات كمصدر وحيد للترفيه.
وأوصوا بمشاركة الأهل لأطفالهم أثناء مشاهدة المحتوى الرقمي، سواء في الألعاب أم الفيديوهات أم التطبيقات التعليمية، مع ضرورة اختيار المحتوى المناسب للفئة العمرية ومناقشة ما يشاهدونه، معتبرين أن هذه المشاركة تحول الجهاز من أداة انعزال إلى وسيلة حوار تفاعلي تعزز القيم والوعي النقدي.
وشددوا على ضرورة إشراك الأطفال في تنظيم روتينهم اليومي داخل المنزل، من خلال توزيع المهام المنزلية، وتشجيعهم على المساهمة في المسؤوليات الأسرية، وهو ما يمنحهم شعوراً بالإنجاز ويقلل من وقت الفراغ الذي يستهلك غالباً أمام الشاشات، وفي حال ظهرت مؤشرات واضحة على الإدمان الرقمي، كفقدان القدرة على النوم، أو تراجع التفاعل الاجتماعي، أو ضعف التركيز والانتباه، أوصوا بضرورة استشارة اختصاصيين نفسيين أو اجتماعيين، وعدم تجاهل الأعراض، تجنباً لتحول الاستخدام الطبيعي إلى حالة مرضية تتطلب تدخلاً علاجياً.
التوتر والعزلة
وأوضحت فاطمة الظنحاني، اختصاصية اجتماعية، أن الاستخدام المفرط للأجهزة الذكية خلال العطلة الصيفية يؤدي إلى تغيرات سلوكية ملحوظة لدى الأطفال، أبرزها نوبات الغضب المفاجئة، وتشتت الانتباه، والانسحاب التدريجي من التفاعل الأسري، مؤكدة أن هذه الأعراض أصبحت شائعة في العيادات النفسية مع نهاية كل إجازة مدرسية، وتزداد حدة كلما كان الطفل دون رقابة أو تنظيم لاستخدام الشاشة.
وأضافت: «إن التعرض المستمر لمحفزات بصرية سريعة ومتنوعة، كما هو الحال في الألعاب الإلكترونية ومقاطع الفيديو القصيرة، يضعف قدرة الطفل على التعامل مع الملل الطبيعي، ويجعل من التفاعل الواقعي أمراً مرهقاً له».
وتابعت: «الطفل الذي يعتاد المتابعة الرقمية المتواصلة يصبح أقل قدرة على الصبر، وأقل تجاوباً مع الأنشطة اليومية العادية».
وحذرت من أن بعض الأطفال يعمدون إلى تقليد محتويات لا تناسب أعمارهم دون إدراك لخطورتها، خصوصاً المحتوى العنيف أو السلبي المنتشر على بعض المنصات.
وقالت: «إن هذا التقليد اللا واعي قد يظهر في سلوكياتهم في البيت أو المدرسة، مما يفرض على الأسرة دوراً رقابياً حازماً ومتواصلاً، إلى جانب توجيه الطفل نحو محتوى آمن ومناسب».
وأكدت ياسمين مصطفى، تربوية، أن الاستخدام المكثف للشاشات خلال الإجازة الصيفية يترك أثراً مباشراً على القدرات المعرفية والتحصيل الدراسي لدى الأطفال، إذ يعود كثير منهم إلى مقاعد الدراسة بذاكرة مشوشة، وصعوبات في التركيز والانضباط الذاتي.
ولفتت إلى أن «الطفل الذي يقضي ساعات طويلة أمام الشاشة، يفقد تدريجياً مهاراته في الاستماع والاستيعاب والقراءة العميقة». وأشارت إلى أن تعود الطفل على المحتوى الرقمي السريع والمثير، يضعف من قدرته على التفاعل مع أنشطة التعليم التقليدية التي تتطلب صبراً وجهداً وتحليلاً، مضيفة إن بعض الأطفال باتوا يرفضون أداء الواجبات الدراسية أو المشاركة الصفية بسبب إدمانهم على الأنماط التفاعلية السريعة في الألعاب أو مقاطع الفيديو.
وبيّنت أن هناك تفاوتاً واضحاً بين الأطفال الذين انخرطوا في أنشطة واقعية خلال الصيف، مثل المعسكرات أو القراءة، وأولئك الذين قضوا وقتهم بالكامل أمام الشاشة.
وقالت: «إن الفئة الثانية تواجه ما يعرف بـ«الفاقد التعليمي الصامت»، وهو تراكم غير مرئي يؤثر على التحصيل الدراسي على المدى الطويل دون أن يتم اكتشافه بسهولة».
التفكك الأسري
وأكدت شاهيناز أبو الفتوح، اختصاصية اجتماعية، أن أحد أخطر تداعيات الاعتماد المفرط على الأجهزة الذكية هو ما وصفته بـ«التفكك الأسري»، حيث ينشغل كل فرد بعالمه الرقمي، ما يؤدي إلى ضعف الروابط العاطفية والتواصل الحقيقي بين أفراد العائلة. وذكرت أن كثيراً من الأسر باتت تعيش تحت سقف واحد، لكن في عوالم متوازية لا يجمعها حديث ولا تفاعل.
وقالت: «إن الجلسات العائلية التي كانت يوماً مساحة للحوار والنقاش والمشاركة أصبحت الآن أقرب إلى صمت رقمي جماعي، حيث ينغمس الطفل في جهازه، ويغيب عن تفاصيل الحياة اليومية».
وأوضحت أن هذا الانفصال لا يقتصر على الأبناء، بل يشمل أحياناً الآباء أيضاً، مما يجعل من ضبط السلوك الرقمي تحدياً مشتركاً.
وحذرت من أن غياب الحوار اليومي بين أفراد الأسرة يعزز من مشاعر الوحدة لدى الطفل، ويدفعه إلى تعويض هذا الغياب عبر منصات التواصل أو الألعاب التفاعلية، ما قد يجعله أكثر عرضة للمحتوى غير المناسب أو العلاقات الافتراضية المشبوهة. ودعت الأسر إلى إعادة إحياء وقت العائلة كنشاط يومي بعيد عن الأجهزة، لاستعادة الروابط المفقودة.
القدوة المنزلية
وأوضح التربوي محمد السيد، أن أي محاولة لتنظيم استخدام الطفل للأجهزة الذكية لن تنجح ما لم تبدأ من الأهل أنفسهم، إذ يعتبر الطفل والديه النموذج الأول الذي يقتدي به.
وقال: «حين يرى الطفل والده أو والدته ممسكين بالهاتف طوال الوقت، فلن يفهم لماذا يمنع هو من استخدامه، ولن يشعر بأن القواعد عادلة». وأضاف: «إن كثيراً من الأهل يفرضون على أطفالهم ضوابط تقنية مشددة، في حين لا يلتزمون بها في سلوكهم اليومي، مما يفقد التوجيه التربوي مصداقيته».
وأشار إلى أن الاتساق بين ما يقوله الأهل وما يفعلونه هو مفتاح النجاح في ضبط العادات الرقمية للأسرة بأكملها.
ودعا إلى تخصيص وقت يومي خالٍ من الأجهزة الذكية داخل المنزل، مثل وقت تناول الطعام أو ما قبل النوم، إلى جانب إشراك الطفل في وضع ميثاق استخدام الشاشة العائلي، بحيث يشعر بأنه شريك في القرار، لا مجرد متلقٍ للأوامر، وهو ما يعزز من قدرته على الانضباط الذاتي واحترام الوقت.
التوجيه وليس المنع
وأكدت أمل الحمادي، اختصاصية نفسية، أن منع استخدام الأجهزة الذكية بشكل كامل لم يعد واقعياً في هذا العصر الرقمي، بل إن الحل يكمن في التوجيه الذكي، وتنظيم الاستخدام وفق معايير مدروسة تتناسب مع عمر الطفل واحتياجاته.
وقالت: «التقنية جزء من حياتنا، والهدف ليس إبعاد الطفل عنها، بل مساعدته على استخدامها بوعي».
وأشارت إلى أهمية استخدام أدوات الرقابة الأبوية، وتطبيقات ضبط وقت الشاشة، إلى جانب تشجيع الطفل على اختيار تطبيقات تعليمية وتفاعلية تغذي فضوله وتدعم مهاراته.
وأضافت: «إن التوجيه يجب أن يكون مبكراً، حتى لا يصبح التصحيح لاحقاً صعباً أو يصطدم برفض داخلي من الطفل.
وأكدت أن الأطفال الذين يربون على وعي رقمي مبكر يكونون أكثر قدرة على اتخاذ قرارات سليمة في المستقبل، مشيرة إلى أن التربية الرقمية اليوم أصبحت ضرورة لا خياراً، وعلى الأسرة أن تتحمل هذا الدور بجدية ومسؤولية».
0 تعليق