"البيجيديون" وسياسة "خالف تعرف"! - تليجراف الخليج

0 تعليق ارسل طباعة

نقدم لكم زوارنا الكرام أهم وآخر المستجدات كما وردت في المقال التالي: "البيجيديون" وسياسة "خالف تعرف"! - تليجراف الخليج اليوم الأحد 6 يوليو 2025 11:40 صباحاً

بصرف النظر عما عرف عن عبد الإله ابن كيران رئيس الحكومة الأسبق والأمين العام لحزب العدالة والتنمية ذي التوجه الإسلامي ومعه كافة قياديي الحزب، من ازدواجية في المواقف وخلط الدين بالسياسة للتلاعب بالعواطف ودغدغة المشاعر وخاصة في مواسم الانتخابات. وانطلاقا مما يصدر عنهم من تصريحات إعلامية مستفزة ومثيرة للغضب، فإنني وبعد تفكير عميق لم أجد من الأمثلة ما ينطبق على سلوكهم أفضل من المثل الشعبي: "خالف تعرف"، وهو القول الذي غالبا ما يستعمل للإشارة إلى كل شخص يرغب في سرقة الأضواء من حوله ولفت الانتباه إليه، أو يسعى جاهدا إلى تكريس اسمه وتحقيق الشهرة، عبر معاكسة الآخرين ليس فقط في أقوالهم، بل حتى في مواقفهم من عديد القضايا الوطنية وسواها.

      فقد رأينا كيف أن ابن كيران الذي سارع صباح يوم السبت 14 يونيو 2025 خلال تناوله الكلمة بمناسبة انعقاد المؤتمر الجهوي السابع للحزب بجهة بني ملال-خنيفرة، إلى الدعوة الصريحة لدعم الجمهورية الإسلامية الإيرانية فور القصف الإسرائيلي الذي استهدف فجر يوم الجمعة 13 يونيو 2025 منشآت نووية ومصانع وصواريخ باليستية، وعدد من القادة العسكريين والعلماء النوويين وغيرهم من المدنيين، مشددا على أن "الواجب الأخلاقي والإنساني والديني يقتضي نصرة كل من يدافع عن الفلسطينيين، مهما بلغت الخلافات"، ناسيا أو متناسيا أن هذه الدولة التي يتباكى من أجلها، هي نفسها التي تكن العداء المبدئي لوحدة المغرب الترابية، ولا تخفي تحالفها الاستراتيجي مع النظام العسكري الجزائري الفاسد والحاقد، ودعمها المتواصل لجبهة البوليساريو ومناوراتها الانفصالية.

      أبى إلا أن يبتلع لسانه ولم يصدر عن الحزب الذي يقوده أي بيان استنكار أو تنديد بالهجوم الإرهابي الجبان على مدينة السمارة، الذي نفذته يوم الجمعة 27 يونيو 2025 ميليشيات البوليساريو الانفصالية، بعد أن تم إطلاق ما لا يقل عن خمسة صواريخ باتجاه المدينة، سقطت بالقرب من مدرسة وقاعدة تابعة لبعثة الأمم المتحدة "المينورسو"، دون أن تخلف من حسن الحظ أي خسائر بشرية. وهو الهجوم الثاني بعد ذلك الذي حدث في ليلة 28/29 أكتوبر 2024 وأسفر عن مقتل شخص واحد وعدة إصابات متفاوتة الخطورة، والثالث من نوعه في ظرف بضعة شهور، بعد قصف مدينة المحبس يوم 10 نونبر 2024، مستهدفا مدنيين صحراويين كانوا يحيون الذكرى 49 للمسيرة الخضراء المظفرة.

      وفي ذات السياق، وبتزامن مع النقاش الدائر في الولايات المتحدة الأمريكية حول مشروع القانون الذي تقدم به النائب الجمهوري "جو ويلسون" رفقة زميله النائب الديمقراطي أمام مجلس الكونغرس، والهادف إلى ضرورة التعجيل بتصنيف "جبهة البوليساريو" ضمن المنظمات الإرهابية عبر العالم. وهي المبادرة التي ارتأى صاحباها دعمها بوثائق ومستندات تؤكد بما لا يدع مجالا للشك تورطها في عدة أنشطة إرهابية وتحالفها مع الحرس الثوري الإيراني وحزب الله اللبناني، بدعم مباشر من "كابرانات" الجزائر.

      وبعد مرور يومين فقط على ذلك الهجوم الإرهابي الجبان لجبهة البوليساريو الانفصالية، خرج علينا القيادي البارز في حزب "المصباح" ورئيس المجموعة النيابية للعدالة والتنمية بمجلس النواب عبد الله بوانو بموقف مثير للغرابة والسخرية خلال كلمته في الجلسة الافتتاحية للمؤتمر الجهوي لذات الحزب بجهة درعة تافيلالت، المنعقد يوم الأحد 29 يونيو 2025 في مدينة الراشيدية، حين خاطب أولئك الإرهابيين من مرتزقة البوليساريو بالإخوان، واصفا ما قاموا به من اعتداء على مدينة السمارة مجرد أعمال صبيانية، معربا عن رفضه التام تصنيف جبهة البوليساريو منظمة إرهابية، حيث قال: "هاذ جبهة البوليساريو فيهم خوتنا وأولاد عمنا وجلهم مغاربة" بدعوى أنهم ضلوا طريق الحق والصواب، داعيا في ذات الوقت هذه "الجبهة" إلى "حل نفسها والعودة إلى الوطن" دون تحميلها صفة الإرهاب...

      فصمت ابن كيران على ما تعرض له جزء من التراب الوطني من اعتداء سافر في واضحة النهار، واعتراض بوانو على تصنيف "جبهة البوليساريو" ضمن قائمة المنظمات الإرهابية، ينمان عن أن هناك خللا ما في عقلية ومشاعر الرجلين وعدم إيلائهما للقضايا الوطنية المصيرية ما تستحقه من بالغ الأهمية. وإلا ما معنى عدم صدور أي بيان أو موقف عن الحزب الإسلامي المغربي بخصوص هذه الهجمات الإرهابية التي تهدد أمن واستقرار أقاليمنا الجنوبية وتعرض حياة مواطنين أبرياء للخطر، كما فعل مع أحداث غزة وطهران؟ وهل بوصف بوانو عناصر البوليساريو بالإخوان وممارساتهم الخطيرة بالأعمال الصبيانية كاف للرد على هؤلاء المرتزقة؟

      إن على ابن كيران وبوانو أن يعلما جيدا أن الصحراء المغربية أهم بكثير من الحسابات الحزبية الضيقة، باعتبارها من أبرز ثوابت الأمة التي يلتف حولها المغاربة والهيئات السياسية على اختلاف ألوانها، ولا يحق للثاني الادعاء بأن عناصر البوليساريو إخوان لنا أخطؤوا الطريق، وهو يعلم أن المنحدرين من أصول صحراوية مغربية لا يمثلون عدا الأقلية من ساكنة مخيمات تندوف حسب الوثائق الأممية، وأن جبهة البوليساريو التي لا يتحمس لوصفها بالمنظمة الإرهابية، تتكون من أشخاص من مختلف الجنسيات التي لا علاقة لهم من قريب أو بعيد بالمغرب، لاسيما أنهم طالما زرعوا آلاف الألغام المضادة للأفراد في الصحراء، وهاجموا عديد المواقع ومنها فم الحصن، طانطان، المحبس، الكركرات، السمارة وغيرها...

 

إخترنا لك

أخبار ذات صلة

0 تعليق