من المليارات إلى المتاهة السياسية.. جدران فولاذية تعترض حزب ماسك الجديد - تليجراف الخليج

0 تعليق ارسل طباعة

نقدم لكم زوارنا الكرام أهم وآخر المستجدات كما وردت في المقال التالي: من المليارات إلى المتاهة السياسية.. جدران فولاذية تعترض حزب ماسك الجديد - تليجراف الخليج اليوم الأحد 6 يوليو 2025 08:23 مساءً

في تحوّل لافت من وادي السيليكون إلى دهاليز السياسة الأميركية، يحاول إيلون ماسك اقتحام الساحة الحزبية بتأسيس كيان سياسي جديد، لكنه يواجه جدرانًا فولاذية من التحديات. فبين نظام انتخابي يُقصي اللاعبين الجدد، ومشهد سياسي منقسم، يجد الملياردير المثير للجدل نفسه أمام متاهة معقّدة قد لا تنفع فيها الثروة أو النفوذ التكنولوجي. فهل ينجح ماسك في إعادة رسم الخريطة السياسية أم تتحطم طموحاته على صخور الواقع الأميركي الصلب؟

ويواجه أغنى رجل في العالم تحديًا سياسيًا جديدًا، لا يقل تعقيدًا عن طموحاته التكنولوجية، إذ تعرقلت خططه لتأسيس حزبه السياسي الجديد الذي أطلق عليه اسم "حزب أمريكا"، وذلك بسبب عقبات قانونية فيدرالية وإشكالات شخصية مع الرئيس دونالد ترامب.

أعلن ماسك، عبر منصته "X"، عن انطلاق الحزب الجديد تلبية لنتائج استطلاع أجراه في الرابع من يوليو، حيث صوّت 65.4% من متابعيه لصالح تأسيس الحزب. كتب ماسك: "بهامش 2 إلى 1، أنتم تريدون حزبًا جديدًا، وستحصلون عليه!"، مضيفًا: "اليوم، تم تأسيس الحزب الأمريكي ليعيد إليكم حريتكم".

لكن الحماس لم يدم طويلًا، فقد برزت أمام ماسك عقبة بيروقراطية صارخة تمثلت في لجنة الانتخابات الفيدرالية (FEC)، التي تشترط تسجيل أي حزب سياسي جديد إذا تجاوز نشاطه المالي حدودًا معينة. وبحسب تقارير صحيفة نيويورك تايمز، فإن خطة ماسك لا تزال في طور الفكرة أكثر من كونها خطوة تنفيذية حقيقية، ولم يتم حتى الآن تسجيل الحزب رسميًا لدى اللجنة.

المشكلة الأكبر أن اللجنة نفسها حالياً غير مؤهلة للعمل، نظرًا لشغور ثلاثة من مقاعدها الستة، مما يمنعها من بلوغ النصاب القانوني اللازم لاتخاذ القرارات. ومنذ بدء ترامب ولايته الثانية، لم يُعيّن أي مفوضين جدد، مما يعطّل قدرة اللجنة على الموافقة على إنشاء أحزاب جديدة أو التعامل مع مستجدات انتخابية.

في تقرير نشرته يوم الأحد، سلطت صحيفة "واشنطن بوست" الضوء على العقبات الكبرى التي تواجه إيلون ماسك في مشروعه السياسي الجديد، بعد إعلانه تأسيس حزب "أمريكا".

ورغم الزخم الإعلامي والإمكانات المالية الهائلة، فإن مسار الحزب الوليد محفوف بالصعوبات. ووفقاً للتقرير، فهذه أبرز التحديات:

النظام المغلق.. الحزبان يحتكران اللعبة

يعاني النظام الانتخابي الأميركي من هيمنة ثنائية صارمة، حيث يعمل بمبدأ "الفائز يحصد كل شيء". هذا يعني أن الأحزاب الصغيرة أو الجديدة تواجه صعوبات جمّة في شق طريقها، لا سيما مع تعقيد قوانين تسجيل الأحزاب في الولايات، والحاجة لتواقيع ضخمة لتأهيل مرشحيها.

سجل الإخفاقات الطويل

منذ عام 1968، لم ينجح أي مرشح من خارج الحزبين الجمهوري والديمقراطي في الفوز بأصوات المجمع الانتخابي. حتى محاولات ضخمة مثل حملة الملياردير روس بيرو عام 1992 انتهت دون تمثيل حقيقي في السلطة، مما يعكس تحديًا تاريخيًا متجذرًا.

خطة بلا خارطة واضحة

يركّز ماسك، حسب التقرير، على دعم مرشحين محددين في انتخابات نصفية قادمة، لكنه لم يوضح بعد ما هي السباقات التي سيخوضها الحزب. هذه الضبابية قد تُربك الناخبين وتؤدي إلى تشتيت أصوات المحافظين دون تحقيق نتائج حاسمة.

جمهور بلا هوية موحّدة

يعوّل ماسك على جذب "الأغلبية الصامتة" أو الوسطية، لكن هذا الجمهور المتنوع أيديولوجيًا يصعب توحيده تحت مظلة واحدة. ويرى محللون أن الولاء العاطفي الراسخ للحزبين التقليديين لا يزال عائقًا كبيرًا أمام أي بديل.

عزلة سياسية متصاعدة

خلافات ماسك العلنية مع ترامب والجمهوريين قلّصت من حجم التأييد السياسي الذي كان يتمتع به، خصوصًا من الجناح اليميني. ورغم امتلاكه المال والتأثير، تبقى معضلة ماسك في حشد دعم شعبي فعلي يُترجم إلى حملات ميدانية حقيقية.

رجل قليل الصبر في ميدان طويل النفس

يشكك خبراء في استعداد ماسك للالتزام بسنوات من العمل السياسي البطيء والمرهق. فالمعروف عن رجل الأعمال سرعته في اتخاذ القرار وتوقعه لنتائج فورية، وهو ما يتعارض تمامًا مع طبيعة التغيير السياسي العميق الذي يتطلب سنوات من التنظيم والتجذّر.

رغم حماسه الكبير وإعلانه المثير، يبدو أن طموح إيلون ماسك السياسي سيُختبر أمام واقع أميركي لا يرحم الغرباء عن مؤسساته، مهما بلغ تأثيرهم أو ثرواتهم.

وترى المحللة السياسية وعضوة اللجنة السابقة آن رافيل أن هذا الجمود قد يكون مقصودًا، قائلة: "من الواضح أن الرئيس ترامب لا يرغب في أن تعمل اللجنة، وقد يكون الهدف إبقاء الوضع تحت السيطرة لأسباب سياسية بحتة"، وفقا لما نقلته صحيفة "ديلي ميل ".

الخلاف بين ترامب وماسك لم يكن وليد اللحظة. فبعد أن كانت العلاقة بينهما توصف بالودية، وعيّن ماسك كمستشار خاص للرئيس ومسؤول عن "وزارة كفاءة الحكومة"، توترت الأمور بعد خلاف حول مشروع قانون أطلق عليه ترامب اسم "الفاتورة الجميلة"، والذي أنهى الإعفاءات الضريبية عن السيارات الكهربائية – ما اعتبره ماسك هجومًا مباشرًا على تيسلا، الشركة التي يقودها.

بعد استقالة ماسك من منصبه، تصاعدت حرب التصريحات بين الطرفين، وتبادل الرجلان الاتهامات على العلن. ماسك وصف ترامب بالجحود، مؤكدًا أنه ساعده في الفوز بالانتخابات، بينما رد ترامب بوصف ماسك بـ"المجنون".

الأزمة تعمقت بعد أن ألغى ترامب ترشيح رجل أعمال مقرب من ماسك – جاريد إيزاكمان – لمنصب رئيس وكالة ناسا، بسبب تبرعاته السابقة للديمقراطيين.

وكما لو أن الأمور لم تكن مشتعلة بما يكفي، خرج ترامب مؤخرًا عن صمته ليعترف بأنه هو من سرّب معلومات عن تعاطي ماسك لمواد مخدرة، وهي الاتهامات التي وردت في كتاب للصحفي مايكل وولف، وتزعم أن ماسك استخدم مواد مثل الكيتامين والإكستاسي خلال حملته الانتخابية لدعم ترامب. ماسك أنكر هذه المزاعم ونشر نتائج اختبار مخدرات على حسابه ردًا على ذلك.

اليوم، يواجه ماسك تحديًا مزدوجًا: عرقلة قانونية تقف أمام تأسيس "حزب أمريكا"، وصدام سياسي مفتوح مع حليف الأمس دونالد ترامب. وبينما يتابع الرأي العام هذه التطورات بشغف، يبقى السؤال: هل سيتمكن إيلون ماسك من اقتحام المشهد السياسي الأمريكي بنفس الجرأة التي اقتحم بها عالم التكنولوجيا، أم أن البيروقراطية والسياسة القديمة ستقيدان طموحاته؟

إخترنا لك

أخبار ذات صلة

0 تعليق