شهدت قوات الحزام الأمني بمحافظة أبين، خلال الأيام الماضية، موجة استقالات طالت عددًا من القيادات الإدارية والتنفيذية البارزة داخل القطاع، في ظل تصاعد التوترات الداخلية وتنامي الاحتجاجات على خلفية ما وصفه المستقيلون بـ"سوء الإدارة وتدهور الأوضاع المالية والتنظيمية".

وأفادت مصادر أمنية مطلعة بأن كلًا من رشيد السباعي مدير إدارة شؤون الأفراد والمالية، وسالم رزيق الذيب مدير دائرة التموين، قدما استقالتيهما بشكل رسمي، لينضما بذلك إلى سلسلة من المسؤولين الذين انسحبوا خلال الأسابيع الماضية احتجاجًا على ما وصفوه بـ"التهميش والإقصاء وغياب المعالجات الجادة لمشكلات القطاع".

غضب داخلي ودعوات للإصلاح

وتتزامن هذه الاستقالات مع حالة من الغضب والتشاؤم التي تسود صفوف منتسبي الحزام الأمني، الذين يطالبون منذ أشهر بصرف مستحقاتهم المالية المتأخرة وإنهاء مظاهر الفساد والاختلال الإداري، فضلًا عن غياب استراتيجية واضحة لإدارة هذا الجهاز الأمني الحيوي.

وفي ظل ذلك، دعت شخصيات محلية وأكاديمية إلى تدخل عاجل لوقف الانهيار الداخلي الذي يعاني منه الحزام الأمني، محذرة من أن استمرار هذا الوضع قد يؤدي إلى خلق فراغ أمني خطير يهدد استقرار المحافظة ويُضعف القدرة على مواجهة التحديات الأمنية المتزايدة.

استقالة قيادي أمني بارز في زنجبار

في موازاة ذلك، كشفت المصادر عن تقديم الرائد ناصر وارد ، قائد كتيبة الطوارئ والتدخل السريع بالحزام الأمني في مدينة زنجبار، استقالته الرسمية إلى القائد العام للحزام الأمني في أبين العميد حيدرة السيد ، دون الإفصاح عن الأسباب الحقيقية التي دفعته لاتخاذ هذا القرار، مشددًا على أن قراره "نهائي ولا رجعة فيه".

ويُعد الرائد وارد من القيادات الشابة الواعدة داخل الحزام الأمني، حيث كان معروفًا بانضباطه العالي والتزامه بمهامه الأمنية، إضافة إلى حضوره الميداني القوي في مواقع العمل الأمني، مما جعله موضع ثقة وتقدير من قبل المواطنين والجهات الأمنية على حد سواء.

وحملت استقالة وارد تداعيات رمزية كبيرة، خاصةً في ظل التوترات الأمنية التي تشهدها زنجبار في الآونة الأخيرة، وهو ما أثار العديد من التساؤلات حول خلفيات الخطوة وتأثيرها على الوضع الأمني العام في المدينة والمحافظة.

قائد الحزام الأمني يرفض الاستقالات ويدعو للحوار

في المقابل، رفض العميد حيدرة السيد ، قائد قوات الحزام الأمني بأبين، قبول الاستقالات، مؤكدين أن هذه الخطوات لا تصب في صالح المحافظة أو المرحلة الحساسة التي تمر بها من الناحية الأمنية.

وقال السيد إن الهدف الأول والأخير هو الحفاظ على تماسك المؤسسة الأمنية وتعزيز جبهتها الداخلية ، مشيرًا إلى أن الوقت الحالي يتطلب التماسك والتكاتف وليس الانسحاب أو الانقسام.

ودعا السيد جميع القيادات إلى تغليب مصلحة أبين فوق أي اعتبارات شخصية أو إدارية ، والعمل على حل الإشكاليات القائمة عبر الحوار البنّاء والمسؤول، وذلك ضمن إطار مؤسسي يحافظ على هيبة الجهاز الأمني ويجنبه المزيد من الاهتراء.

وشدد على أن قيادة الحزام الأمني منفتحة تمامًا على جميع الآراء والملاحظات، وأنها تعمل بجدية على دراسة ومعالجة القضايا المطروحة بما يحقق الكفاءة والفعالية في الأداء، وبما يخدم المواطن ويحمي أمن واستقرار المحافظة.

دعوة للوحدة والتعاون

واختتم العميد حيدرة السيد تصريحاته بدعوة صريحة إلى الحفاظ على وحدة الصف وروح الفريق الواحد ، مؤكداً أن أبواب القيادة مفتوحة أمام الجميع للمساهمة في عمليات الإصلاح والبناء، وأن مواجهة التحديات الأمنية تستلزم تضافر الجهود ورص الصفوف بعيدًا عن الخلافات الداخلية.

وتشير التطورات الحالية إلى مرحلة حرجة تمر بها المؤسسة الأمنية في أبين، حيث تتداخل فيها القضايا التنظيمية والإدارية بتحديات أمنية وسياسية، ما يستدعي تحركًا سريعًا وجاد من الجهات المعنية لإنقاذ ما يمكن إنقاذه وتفادي انهيار شامل قد يكون له تبعات خطيرة على مستوى المحافظة والجنوب ككل.