نقدم لكم زوارنا الكرام أهم وآخر المستجدات كما وردت في المقال التالي: بعد "جدل" قرابة 6 عقود .. المخ البشري قادر على تكوين خلايا عصبية جديدة - تليجراف الخليج اليوم الثلاثاء 15 يوليو 2025 02:48 مساءً
تليجراف الخليج - يدور الجدل في أوساط العلماء والمتخصصين في مجال طب الأعصاب منذ قرابة ستة عقود بشأن سؤال جوهري بالغ الأهمية، وهو هل يستطيع المخ البشري تكوين خلايا عصبية جديدة، لاسيما بعد أن أثبت العلم أن هذه العملية الحيوية تحدث بالفعل لدى بعض الفصائل الحيوانية في مرحلة النضج. ونظرا لأن جميع الدلائل التي تثبت حدوث نفس العملية في العقل البشري ما زالت ظرفية وغير مؤكدة، فقد استطاع فريق من الباحثين في السويد، بفضل تقنية علمية جديدة، العثور على خلايا عصبية حديثة التكوين في أمخاخ أشخاص بالغين تصل أعمارهم إلى 78 عاما، كما تمكنوا للمرة الأولى على الإطلاق من تحديد خلايا المخ التي أنجبت تلك الخلايا العصبية الجديدة.
وتمثل نتائج هذه الدراسة التي نشرتها الدورية العلمية Science أول مؤشر على أن "الخلايا السلفية"، وهي نوعية من الخلايا يمكنها أن تنقسم إلى أنواع مختلفة من الخلايا داخل جسم الإنسان، موجودة بالفعل داخل المخ، ويمكنها التحول إلى خلايا عصبية.
ويقول الباحث جيرد كامبرمان أخصائي علم الأعصاب بجامعة دريسدن الألمانية: "تتوافر لدينا الآن أدلة قوية تؤكد تحول الخلايا السلفية إلى خلايا عصبية داخل المخ البشري". ومن المعروف أنه في مرحلة الحمل، تنمو الخلايا العصبية داخل مخ الجنين حتى يصل عددها إلى مئة مليار خلية عندما يخرج المولود إلى الحياة، ويظل عددها في التراجع حتى يفارق الإنسان الحياة. وقد أثبتت دراسة أجريت عام 1962 أن أمخاخ الفئران تستمر في تكوين خلايا عصبية حتى عندما يبلغ الفأر سن النضج، كما رصدت دراسات أخرى خلايا عصبية شابة في أمخاخ بشر بالغين، ولكن لم يتضح آنذاك ما إذا كانت تلك الخلايا "غير الناضجة" هي في حقيقة الأمر خلايا حديثة التكوين، أم أن الإنسان يخرج إلى الحياة وفي مخه مجموعة من الخلايا العصبية غير مكتملة، وأن هذه الخلايا تنمو وتتطور مع تقدم العمر.
وقد تيقنت هذه الدراسات من مسألة واحدة وهي أنه إذا كانت الخلايا العصبية تتكون داخل مخ الإنسان في مرحلة البلوغ، فلابد أن ذلك يحدث في منطقة الحصين، وهي جزء عميق داخل المخ يضطلع بدور رئيسي في عملية الذاكرة وتخزين المعلومات، غير أنه حتى وقت قريب، لم يتمكن أطباء الاعصاب من العثور على خلايا سلفية وهي التي يمكنها أن تنقسم وتتطور إلى خلايا عصبية جديدة في المخ.
واستطاعت مارتا باترليني أخصائية طب الأعصاب في معهد كارولينسكا للأبحاث في السويد، بمساعدة فريقها البحثي، تحديد طريقة تكون الخلايا العصبية الجديدة داخل مخ الانسان البالغ.
واستخدمت باترليني تقنية علمية جديدة لفحص الخلايا العصبية غير مكتملة النمو والخلايا السلفية في جزئية الحصين داخل أمخاخ ستة أطفال بعد أن فارقوا الحياة في الصغر وتم التبرع بأمخاخهم لصالح أنشطة البحث العلمي، حيث أجرى الباحثون عملية "تسلسل الحمض النووي الريبوزي" (RNA sequencing) لأكثر من 100 ألف خلية داخل المخ. واستطاعوا من خلال هذه التقنية رصد الدلالات التي تحدد المراحل العمرية للخلايا داخل المخ. وقالت باترليني في تصريحات للموقع الإلكتروني Scientific American المتخصص في الابحاث العلمية: "لا توجد دلالة أو مؤشر واحد يحدد حدوث تكوين نشط للخلايا العصبية، بل هي مجموعة من الدلالات المجتمعة".
وبعد تحديد هذه الدلالات في أمخاخ الاطفال، عكف الفريق في البحث عن دلالات مماثلة لها في أمخاخ 19 جثة لأشخاص تتراوح أعمارهم ما بين 13 إلى 78 عاما، وتبين لهم أن جميع هذه الأمخاخ تحتوي على خلايا عصبية غير مكتملة النمو باستثناء واحد. كما وجد الباحثون أيضا خلايا سلفية عصبية في أمخاخ الأطفال الستة وكذلك الجثث الـ19.
ووجد الباحثون كمية كبيرة من الخلايا السلفية العصبية والخلايا غير مكتملة النمو في أمخاخ اثنين من الموتى البالغين واتضح أن أصغرهما سنا كان يعاني من الصرع، وهو مرض قد يرتبط بالزيادة الواضحة في تكون الخلايا العصبية داخل المخ. وقد أثبت العلماء أن زيادة معدلات تكون الخلايا العصبية في أمخاخ الفئران يقترن بتعرضها لنوبات صرع، غير أن هذه الصلة لا تزال غير واضحة تماما بالنسبة للبشر.
ويعتقد الفريق البحثي أن عملية تكون الخلايا العصبية ربما تحدث أيضا في أجزاء أخرى من المخ البشري غير الحصين، بعد أن أثبت العلم أنها تحدث بشكل منتظم في منطقة "البصلة الشمية" داخل أمخاخ الفئران.
وتشير بعض الأبحاث إلى أن اختلال تكون الخلايا العصبية في أمخاخ الفئران يقترن بأمراض مثل الزهايمر والاكتئاب، ويقول الباحث أونوت دوميترو المتخصص في طب الأعصاب بمعهد كارولينسكا في تصريحات لموقع Scientific American أن فهم طريقة تكون الخلايا العصبية لدى البشر قد يمهد الطريق أمام علاج سلسلة من الأمراض والاضطرابات.
ومن جانبه، يقول الباحث كامبرمان من جامعة دريسدن إنه إذا تمكن العلم من فهم لغز تكون الخلايا العصبية، فقد يبدأ العلماء في التعرف على تاثير هذه الظاهرة على مخ الانسان، ومردودها على مختلف الاضطرابات العصبية، ويؤكد أن هذه الدراسة تنطوي على أهمية كبيرة لأنها "سوف تساعدنا أخيرا في تنحية هذه الخلاف جانبا، ثم البدء في التركيز على السؤال بشأن طريقة إسهام هذه الخلايا في وظائف العقل البشري".
نشكركم على القراءة، ونتطلع لمشاركتكم في مقالاتنا القادمة للحصول على أحدث الأخبار والمستجدات.
0 تعليق