التنظيم الدولي الشيعي! - تليجراف الخليج

0 تعليق ارسل طباعة

نقدم لكم زوارنا الكرام أهم وآخر المستجدات كما وردت في المقال التالي: التنظيم الدولي الشيعي! - تليجراف الخليج اليوم الأربعاء 16 يوليو 2025 03:51 مساءً

مدخل تاريخي
قبل الحديث عن التنظيم الدولي الشيعي المعاصر يقتضي الأمر التوقف، بصورة سريعة عند الجذور الأولى لهذا التنظيم، حيث يُرجعها الباحث المصري سيد قمني في كتابه "الحزب الهاشمي" إلى تأسيس "حلف المطيبين" قبل الإسلام الذي تبناه بنو عبد مناف، وذلك بموازاة "حلف الأحلاف" الذي تبناه بنو عبدالدار، وكان هذان الحلفان على عداوة شديدة فيما بينهما على قرابتهما العائلية، تخففت هذه العداوة في بواكير صدر الإسلام، ثم عادت بقوة بعد ذلك، وقد فصلنا القول في هذا في كتابنا "الهادوية بين النظرية السياسية والعقيدة الإلهية".

سنتجاوزُ هنا موقف أبي سفيان بعد موت النبي، ثم الكتلة الأموية التي تشكلت أثناء فترة الخليفة الثالث، وصراعات علي ومعاوية، والحِلف العلوي العباسي أثناء حكم الأمويين، بشعاره السياسي:" "الرضا من آل محمد"، فليس هذا حديثنا أساسا.
يبدأ التنظيم السياسي الخطير منذ تشكل ــ لأول مرة ــ ما عُرف بنقابة الطالبيين التي ضمّت في بدايتها: الحَسنيين والحُسينيين والطالبيين، ثم اقتصرت بعد ذلك على الحَسنيين والحُسينيين فقط، وذلك منتصف القرن الثالث الهجري إبان حكم الخليفة المنتصر العباسي سنة 249هـ، وكان أول نقيب لهم هو الحسين ابن أبى الغنائم، من نسل علي بن أبي طالب، وفي عهد الخليفة الذي تلاه سنة 252هـ وهو المعتز بن المتوكل عمل على جمعهم من أغلب المدن العراقية إلى مدينة "سامرا" وأجرى لهم الرواتب، وشدد عليهم في الاتصال بأبناء عمومتهم في بلاد الجيل والديلم، المتحالفين مع الفرس، وبقوا كذلك حتى عهد الخليفة المعتمد بن المتوكل، وآنذاك وصل عددهم إلى أربعة آلاف نسمة.

وفي عهد الخليفة المعتضد تأسست النقابة الخاصة بالعلويين فقط، في العراق، وأول من وليَ رئاستها الشريف الرضي ثم أخوه شريف المرتضى. وحينها أصبحت أشبه بتنظيم سياسي شبه علني الوجود، سرّي التكتيك، كما توحي بذلك "حائيّة" الشريف الرضي، التي يعنونها البعض هكذا: "العُلا والمعالي"، والتي منها:
فَإِنَّنا في أَرضِ أَعدائِنــا
لا نَطَأُ العَذراءَ إِلّا سِفاح

ويتوارث هذه القصيدة الشباب الهاشميون "السلاليون" والشيعة بشكل عام إلى اليوم، وقد كانت مقررًا من مقررات المراكز الصّيفية التابعة للحوثيين سابقا، في كتيب صغير يحمل اسم: "مختصر نهج البلاغة" للإمام علي، ضمن مقرراتٍ أخرى، كانوا يمارسونها علنا، على مرأى ومسمع من الدولة، في أمانةِ العاصمة، وبعض المحافظات، قدمتُ عنها دراسة مفصلة في العام 2009م.

ولأهميّةِ هذا الكيان السياسي ودوره فقد عمل الفاطميون أُثناء حكمهم لمصر على نقل النقابة إلى هناك، ولا تزال إلى اليوم قائمة هناك، وتُسمى بنقابة الأشراف، ويزعمون أنهم يحتفظون بالسجلات التي استقدموها من بغداد نفسها آنذاك، مع أن للنقابة فرعا سابقا لها في مصر منذ عصر خمارويه بن أحمد بن طولون، رأسها هناك: على بن الحسين بن طباطبا، سنة 281هـ؛ أي من قبل الفاطميين. وانتشرت هذه الفروع لاحقًا إلى مختلف الأقطار. وقد بسط القول في هذا ابن كثير في تاريخه، وكذا المسعودي في مروج الذهب.

على أية حال.. خلال هذه الفترة، وبعد أن أسّسوا تنظيمهم السياسي "النقابة"، عمدوا إلى ترشيد عملية الثورات والتثوير، بعد أن كانت فوضوية سابقا؛ لأنّ كل ثورات الطالبيين التي قاموا بها ضد الأمويين والعباسيين ــ على كثرتها ــ قد فشلت جميعًا، ومن ثم تم تشكيل ما عُرف بنقابة الطالبيين، وبدأوا بإعداد أبنائهم وتأهيلهم سياسيا وعلميا وحربيا، حتى أن كل عُنصرٍ منهم ليبدو مسعرَ حرب بحد ذاته، طامعًا في الملك، ساعيًا لاستعادة مجد الأسرة الضائع حد توهمهم.

المجمع العالمي لأهل البيت
في موازاة كيانات تنظيمية دولية دينية وسياسية عابرة للقارات، وهي كثيرة، يأتي التنظيم الدولي الشيعي "المجمع العالمي لأهل البيت" الذي أسسه عام 1990م علي خامنئي ورفاقه في طهران، بمصفوفةٍ تنظيمية دقيقة، محددة الأهداف والأنشطة، متكونا من:
1ــ الجمعية العامة، وتضم شخصيات كبيرة من مختلف أنحاء العالم، يجتمعون كل أربع سنوات مرة واحدة.
2ــ الهيئة العليا، وعدد أعضائها 25 عضوا، من مختلف دول العالم، يتم انتخابهم من الجمعية العامة، ونسبتهم الكبرى من إيران. ومهمة هذه الهيئة رسم الخطوط العريضة للمشروع الشيعي العالمي.
3ــ الأمين العام، ويتم انتخابه من خلال الهيئة العليا، وقد تعاقب على الأمانة العامة منذ التأسيس وحتى اليوم أربعة أمناء، آخرهم اليوم الشيخ محمد حسن أختري.
4ــ اللجان الفرعية، وهي أشبه بالدوائر التنفيذية: الثقافية والسياسية والاقتصادية، ولها موازنتها السنوية بعشرات الملايين من الدولارات، بنظر المرشد الأعلى.

وتُعتبر الدائرة الثقافية أم الدوائر وأهمها، متبعين في هذا الاستراتيجية الصفوية المعروفة التي جعلت من الثقافة والفنون ركيزتها الكبرى في مشروعهم آنذاك. وقد فصلنا هذا في دراسة سابقة.

ووفقًا للتقرير الأخير الذي قدمه الأمين العام المذكور في فبراير 2024م، فإنّ هذا المجمع قد قام بتأسيس 20 جمعية في أكثر من دولة، كما أقام العديد من المخيمات الثقافية والتعليمية في 13 دولة عربية وإسلامية وأوروبية، وافتتاح مواقع إلكترونية باللغتين: الإنجليزية والعربية، وإصدار ونشر 434 كتابا، تم إرسال نصف مليون كتاب منها إلى 24 دولة. وإنشاء حوالي 400 مكتبة في مختلف أنحاء البلاد وأكثر من 600 مكتبة في العراق بالإضافة إلى العديد من المكتبات في أفغانستان وأنحاء أخرى من العالم، وإقامة العديد من الاجتماعات والندوات، ودعم قنوات تلفزيونية، وتقديم الدعم للتجمعات الشيعية، والتمهيد لإقامة اتحادات للصحفيين والحقوقيين والأطباء والمؤلفين والفنانين الذين ينتمون لأهل البيت.
انظر: خليل علي حيدر، على الرابط:https://sunnahorshiah.com/site/statistics/info/227

وبالتأملِ في أهداف هذا التنظيم الدولي نجد أنّ مهمته تجمع بين التنظير ورسم السياسات الشيعية العالمية الكبرى، وبين التنفيذ أيضا من خلال الأنشطة التي يتبنى دعمها والإشراف عليها والتواصل بها من خلال روابط وكيانات شيعية دونَه في كثير من الأقطار، بعضها في أمريكا وأروبا.
ولعلّ النشاط الشّيعي المحموم في شرقِ أفريقيا خلال السّنوات الأخيرة، وفي المنطقة العربية بشكل عام، كما هو الحال في أوروبا وأمريكا يأتي ضمن هذه الأهداف المرسومة من داخل طهران..!
الأعجب من هذا أنّ أغلب أقلام النخبة الثقافية والسياسية اليوم لا تتحدث عن هذا النشاط المسعور، ولم تلتفت له بعد، لا في اليمن، ولا في غير اليمن..!

إخترنا لك

أخبار ذات صلة

0 تعليق