غزة وكذبة حقوق الإنسان: نفاق العالم في أقبح صوره #عاجل - تليجراف الخليج

0 تعليق ارسل طباعة

نقدم لكم زوارنا الكرام أهم وآخر المستجدات كما وردت في المقال التالي: غزة وكذبة حقوق الإنسان: نفاق العالم في أقبح صوره #عاجل - تليجراف الخليج اليوم السبت الموافق 19 يوليو 2025 05:13 مساءً

 

كتب كابتن اسامه شقمان - 

في القرن الحادي والعشرين، حيث تُرفع شعارات العدالة والحرية والمساواة في كل مؤتمر أممي، تقف غزة كشاهدٍ حيّ على أعظم كذبة أخلاقية في التاريخ الحديث: حقوق الإنسان.

غزة لا تحتاج إلى بيانات إدانة، ولا إلى اجتماعات طارئة تخرج بـ "قلق عميق". ما تحتاجه هو اعتراف صريح من هذا العالم المنافق: أن دماء الأبرياء فيه ليست متساوية، وأن الضمير الإنساني يتم استئجاره حسب الجغرافيا والدين والسياسة.

عندما تُقصف مدارس ومشافٍ ومنازل، ويُدفن الأطفال تحت الركام، لا تُسمّى الجريمة جريمة، بل تُمرر عبر مصطلحات مضللة: "اشتباك"، "رد على استفزاز"، "خطأ غير مقصود". هذه ليست مجرد كلمات، بل أدوات قتل ناعم، تُستعمل لتبرير المجازر.

منظمة الأمم المتحدة نفسها، التي قامت على أنقاض الحرب العالمية الثانية لحماية الشعوب، أصبحت عاجزة عن مجرد تسمية المعتدي. أما منظمات حقوق الإنسان الكبرى، فغالبًا ما تُدين القتل في غزة بجُمل تبدأ بـ"لكن"، وتنتهي بـ"من الجانبين".

هل هذا هو ميزان العدالة؟ أم أننا أمام نظام أخلاقي أعور، يرى الضحايا حسب هويتهم السياسية أو الدينية؟

في زمن أفلاطون، كانت العدالة فضيلة. أما في زمننا هذا، فهي سلعة. تُمنح لبعض الشعوب وتُسلب من أخرى، حسب ما يخدم مصالح الإمبراطوريات الحديثة.

الصور القادمة من غزة تكشف الحقيقة، لكن المنصات العالمية تُعيد قولبتها لتُصبح "رواية". لا يُسمّى الاحتلال احتلالًا، بل "نزاعًا". ولا تُسمّى المقاومة مقاومة، بل "تحريضًا".

حين تصبح الكاميرا أداة للتمويه، والمصطلح أداة للتضليل، تتحول الكارثة إلى سردية مشوهة، يُعاد تدويرها لتخدم رواية الجلاد وتُسكت صرخة الضحية.

غزة اليوم لم تعد مجرد جغرافيا. إنها فكرة. إنها امتحان للإنسانية. هل يمكن للإنسان أن يبقى إنسانًا أمام هذا الكم من القتل؟ أم أن الصمت هو الشكل الجديد للقبول؟ هل ما زال هناك معنى لـ "الكرامة" في عالم تُدفن فيه القيم مع الضحايا تحت الأنقاض؟

في أوكرانيا، يُقدَّم الدعم فورًا، وتُرسل الأسلحة، وتُفرض العقوبات، وتُشعل الشوارع العالمية بالغضب. أما في غزة، فالردّ العالمي غالبًا هو الصمت، أو تحميل الضحية مسؤولية مصيرها.

حقوق الإنسان؟ أم حقوق الإنسان الأبيض؟ حرية؟ أم حرية من يتفق معنا في الدين والسياسة واللون؟

هذا ليس سؤالًا تحريضيًا، بل فلسفيًا وجوديًا. فغزة تكشف ما لا يريد العالم الاعتراف به: أن الإنسانية المنتقاة ليست إنسانية، بل عنصرية مقنّعة.

غزة ليست بحاجة إلى دموع المتعاطفين، بل إلى يقظة الضمير. هي تطالب بشيء بسيط: أن تُعامل ككل مدينة على هذه الأرض، أن تُحترم حياة سكانها كما تُحترم حياة الآخرين.

وعندما يُرفع الستار عن هذه المسرحية العالمية، سيُكتَب في التاريخ أن غزة، رغم الدم والحصار والمجازر، فضحت البشرية. وأن طفلًا واحدًا خرج من تحت الركام، كان أكثر شرفًا من كل البيانات الدبلوماسية، وأكثر صدقًا من كل خطابات الأمم.

 

.

نشكركم على القراءة، ونتطلع لمشاركتكم في مقالاتنا القادمة للحصول على أحدث الأخبار والمستجدات.

إخترنا لك

أخبار ذات صلة

0 تعليق