شهد قطاع غزة تدهورًا غير مسبوق في الأوضاع الصحية والغذائية، وفقًا لما صرح به محمد أبو عفش، مدير جمعية الإغاثة الطبية في غزة، والذي أكد أن القطاع يعاني من أزمة إنسانية خانقة، نتيجة استمرار الحصار ومنع إدخال المساعدات الغذائية والطبية منذ أكثر من خمسة أشهر.

وأشار إلى أن هذا الوضع أدى إلى تفشي حالات سوء التغذية، خاصة بين الأطفال وكبار السن، في ظل انعدام تام للمواد الغذائية الأساسية، بما فيها الحليب والمكملات الغذائية الضرورية.

مراكز الصحة تستقبل المئات من المصابين بسوء التغذية

أوضح أبو عفش أن المراكز الطبية في غزة استقبلت، منذ صباح اليوم، نحو 700 حالة لأشخاص يعانون من أعراض حادة لسوء التغذية، نتيجة غياب الوجبات الغذائية لعدة أيام متتالية.

ووصف هذه الحالات بأنها مؤشر خطير على اقتراب انهيار تام للمنظومة الصحية في القطاع، مشددًا على أن هذا الوضع قد يؤدي إلى ارتفاع كبير في معدلات الوفيات إذا لم يتم التدخل بشكل عاجل لإنقاذ ما يمكن إنقاذه.

مدينة غزة وشمالها في حالة مجاعة شاملة

أكدت جمعية الإغاثة الطبية أن نسبة المجاعة في مدينة غزة وشمالها تجاوزت 95% وتقترب من 100%، في ظل استمرار انقطاع المساعدات، ووجود أكثر من مليون ومئة ألف مواطن محاصر دون غذاء أو ماء كافٍ.

وأشار أبو عفش إلى أن ما يتم إدخاله من مساعدات إنسانية لا يغطي حتى جزءًا بسيطًا من الاحتياجات اليومية لهؤلاء السكان، ما يجعل الوضع مرشحًا للتفاقم في أي لحظة.

وزارة الصحة الفلسطينية: القطاع يعاني من مجاعة حقيقية

من جانبها، أعلنت وزارة الصحة الفلسطينية أن غزة تمر بـ حالة مجاعة حقيقية، مؤكدة وجود نقص حاد في المواد الغذائية الأساسية وارتفاع واضح في حالات الوفاة المرتبطة بالجوع وسوء التغذية، خاصة في صفوف الأطفال والمرضى وأصحاب الأمراض المزمنة.

وطالبت الوزارة الجهات الدولية بسرعة التحرك وإدخال المساعدات الإنسانية، معتبرة أن الوضع الحالي يمثل تهديدًا مباشرًا للحياة في القطاع بأكمله.

دعوات دولية عاجلة لإنهاء الحصار

في سياق متصل، صرح "زيد تيم"، أمين سر حركة فتح، أن الاحتلال الإسرائيلي يمارس حرب إبادة وتجويع ممنهجة ضد الشعب الفلسطيني، مؤكدًا أن استمرار الصمت الدولي هو الذي سمح لهذا العدوان بالتوسع والاستمرار.

ودعا تيم خلال مداخلة له عبر قناة "النيل" للأخبار إلى ضرورة اتخاذ قرار دولي فوري بوقف إطلاق نار دائم وإنهاء العدوان والحصار، مشيرًا إلى أن تغاضي المجتمع الدولي عن محاسبة الاحتلال على جرائمه شجعه على التمادي في ارتكاب المزيد من الانتهاكات ضد المدنيين العزل.

القطاع يواجه أسوأ أزماته عبر تاريخه

تُجمع المؤسسات الإنسانية والطبية على أن غزة تمر حاليًا بـ أسوأ أزمة صحية وغذائية ومعيشية منذ سنوات طويلة، وسط تحذيرات من كارثة إنسانية غير مسبوقة.

وأكدت تقارير طبية أن كل الحالات التي تصل إلى المستشفيات تعاني من نقص التغذية الحاد، وفقر الدم، والإرهاق الجسدي الناتج عن الجوع، في وقتٍ باتت فيه الأدوية والمستلزمات الطبية شحيحة بشكل يعيق تقديم أبسط أشكال الرعاية.

في ظل هذا المشهد المأساوي، ترتفع الأصوات المطالبة بتدخل دولي حقيقي، لا يكتفي بالإدانة، بل يسعى فعليًا إلى إنقاذ أرواح مهددة بالموت جوعًا، وإعادة الحياة إلى أكثر من مليون إنسان محاصر بلا غذاء أو دواء.