نهاية وهم الدولتين: الضفة الغربية ضاعت، والأردن في مرمى النيران #عاجل - تليجراف الخليج

0 تعليق ارسل طباعة

نقدم لكم زوارنا الكرام أهم وآخر المستجدات كما وردت في المقال التالي: نهاية وهم الدولتين: الضفة الغربية ضاعت، والأردن في مرمى النيران #عاجل - تليجراف الخليج اليوم الثلاثاء الموافق 22 يوليو 2025 01:44 مساءً

ترجمة * 

لم تنظر الحكومات الإسرائيلية المتعاقبة، سواء كانت من حزب العمل أو الليكود أو تحالفاتها المتطرفة الحالية، إلى الضفة الغربية على أنها أرض محتلة. فهي ليست أرضًا متنازعًا عليها داخل المشروع الصهيوني، بل حق إلهي – "يهودا والسامرة"، قلب أسطورة "أرض إسرائيل".

الوجود الإسرائيلي هناك ليس ضرورة عسكرية أو ورقة تفاوضية، بل هو حجر الأساس لرؤية استعمارية تعتبر السيادة الفلسطينية تهديدًا يجب تفكيكه، لا حقًا يجب الاعتراف به.

*"الضم الزاحف"*

تقوم دولة الاحتلال اليوم بتنفيذ المرحلة الأكثر عدوانية من هذا المشروع من خلال ضم صامت ومستمر. دون إعلان رسمي لتجنب العواقب الدبلوماسية بينما يستمر الإبادة الجماعية في غزة، تقوم تل أبيب بإعادة رسم الخرائط على الأرض.

توسع المستوطنات بوتيرة غير مسبوقة، تبني طرقًا التفافية مخصصة للمستوطنين اليهود فقط، وتُرسخ بنية الفصل العنصري في المنطقة "ج" – الجزء الأكبر من الضفة الغربية المحتلة، والذي يشكل أكثر من 60% من المساحة. يتم استخدام السيطرة العسكرية الإسرائيلية، التي أُقرت باتفاقيات أوسلو عام 1993، لتحقيق الهيمنة الإقليمية الكاملة.

استغلت دولة الاحتلال هجومها العسكري على إيران في 13 يونيو لتشديد قبضتها على الضفة الغربية المحتلة، من خلال إقامة حواجز جديدة، منع الوصول إلى القرى والبلدات الفلسطينية، تكثيف المداهمات اليومية والاعتقالات الجماعية، وفرض قيود شديدة على الحياة اليومية لما يقارب 3.2 مليون فلسطيني. أدى تدمير البنية التحتية في المخيمات إلى تهجير ما لا يقل عن 40,000 فلسطيني في الأشهر الأخيرة – تطهير عرقي بطيء وصامت يحدث تحت غطاء الحرب.

تعززت هذه التكتيكات بقرار مجلس الوزراء الإسرائيلي في 11 مايو ببدء تسجيل الأراضي على نطاق واسع في المنطقة "ج". وعلى الرغم من عدم تسميته رسميًا بـ"قانون التنظيم"، إلا أن "عملية تسوية الأراضي" تعكس نية وهيكل تشريع عام 2017، عبر شرعنة البؤر الاستيطانية وتقنين سرقة الأراضي الفلسطينية.

هذا الجهد المجدد يمنح دولة الاحتلال صلاحيات واسعة لمصادرة الأراضي وتعميق قبضتها على الأراضي المحتلة تحت ستار النظام البيروقراطي.

بالتوازي، أعادت السلطات الإسرائيلية إحياء خطة E1 الاستيطانية المتوقفة منذ فترة طويلة قرب القدس الشرقية المحتلة، والتي تشمل بناء 3,412 وحدة استيطانية. الخطة ستعزل القدس الشرقية عن باقي الضفة الغربية المحتلة وتهجر قسريًا مجتمعات بدوية مثل الخان الأحمر.

وفي أواخر مايو، وافق مجلس الوزراء الإسرائيلي على إنشاء 22 مستوطنة غير قانونية جديدة في الضفة الغربية المحتلة وشرعنة عدة بؤر استيطانية قائمة. هذا يعزز بنية الفصل العنصري الممتدة من القدس حتى غور الأردن.

الهدف لم يعد سرًا – إعادة تشكيل الخريطة بما يجعل قيام دولة فلسطينية مستقبلية مستحيلًا جغرافيًا وسياسيًا. إنها عملية خلق ضفة غربية بلا سيادة فلسطينية، بلا تواصل جغرافي، وبلا دولة مستقبلية. وضمن هذا المخطط، ستتولى السلطة الفلسطينية إدارة الشؤون المدنية تحت البوت العسكري الإسرائيلي، سلطة وهمية بلا قوة ولا أرض ولا كرامة.

*الأردن تحت الضغط*

في ظل هذه التطورات، يبدو أن الأردن هو الدولة المجاورة الأكثر قلقًا. فالمملكة الهاشمية تربطها بالضفة الغربية المحتلة علاقات تاريخية وجغرافية ومجتمعية عميقة، خاصة خلال فترة الوحدة من 1948 حتى 1967. وهذا التاريخ يمنح عمّان حساسية خاصة تجاه التغيرات عبر نهر الأردن.

إلا أن ما يثير القلق هو غياب موقف أردني (حاسم) تجاه تنامي السيطرة الإسرائيلية على الضفة الغربية المحتلة. فالتصريحات الرسمية تظل في إطار الاعتراضات الدبلوماسية العامة، وتفتقر لأي سياسة ردع حازمة أو تعبئة استراتيجية.

لطالما خشي الأردن من أن يُفرض عليه دور "الوطن البديل" للفلسطينيين. فالأفكار مثل "الوطن البديل" و"الكونفدرالية" – التي تهدف إلى نقل القضية الفلسطينية إلى الأرض الأردنية – ليست جديدة، وقد ظهرت مرارًا منذ السبعينيات، لكنها اليوم تبدو أكثر تنظيمًا كمسار بديل لتصفية القضية الفلسطينية.

أكثر من نصف سكان الأردن من اللاجئين الفلسطينيين أو من أصول فلسطينية، ويرتبطون عائليًا ووطنياً بالضفة الغربية المحتلة. وأي محاولة لحل الدولتين دون بديل فلسطيني ذو سيادة، قد تجعل من الأردن صمام تنفيس ديمغرافي. سيتسبب ذلك باضطرابات، وموجات تهجير جديدة، وانهيار التوازن الهش داخل المملكة.

وقد حذر المسؤولون الأردنيون مرارًا من أن أي عمليات تهجير قسري للفلسطينيين ستُعتبر أفعالًا حربية. وهذا القلق ليس نظريًا؛ فقد طرح مشرعون إسرائيليون مرارًا صيغًا لخطة "الأردن هو فلسطين"، التي بموجبها يتم تهجير أو إخضاع فلسطينيي الضفة لحكم أردني في إطار كونفدرالية مفروضة من إسرائيل والغرب، تُعفي إسرائيل من المسؤولية. تهدف "الكونفدرالية الأردنية-الفلسطينية" إلى تكليف الأردن بإدارة ما تبقى من السكان الفلسطينيين بعد استكمال إسرائيل لسيطرتها الإقليمية.

وقد عبّر رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو عن استراتيجيته بشكل واضح: الفلسطينيون قد يحصلون على سلطة إدارية، لكن ليس على سيادة إقليمية. يسعى للحفاظ على السيطرة الإسرائيلية تحت قناع من السلطة المفوضة، لتحويل "السلطة الفلسطينية" إلى ورقة توت لتغطية استمرار الهيمنة.

وفي مقابلة مع قناة فوكس نيوز، أدلى نتنياهو بتصريح فاضح: "نطمح لمنح الفلسطينيين سلطة، لا أرضاً."

*فخ الكونفدرالية*

لهذا ترى عمّان أن اقتراح الكونفدرالية فخ استراتيجي. فدون قيام دولة فلسطينية مستقلة حقًا، فإن أي شكل من أشكال الترتيبات الإدارية هو مجرد ستار لعملية ضم تدريجية.

الهدف الحقيقي هو تحويل إدارة الفلسطينيين إلى الأردن إلى أن تُنهي إسرائيل هندستها الديمغرافية لفلسطين التاريخية.

ويعتقد أنصار هذا المخطط أن الظروف الإقليمية اليوم مواتية أكثر من أي وقت مضى. فمنذ تولي دونالد ترامب الحكم في 2017، قامت عدة دول في جامعة الدول العربية بتطبيع علاقاتها مع إسرائيل ضمن "اتفاقات إبراهيم" عام 2020. جاء ذلك رغم انتهاكات إسرائيل المتكررة للمعاهدات، بما في ذلك خروقاتها المستمرة لاتفاق وادي عربة للسلام مع الأردن عام 1994.

وتشير تقارير إلى أن دولًا أخرى على وشك توقيع اتفاقيات مماثلة. وبعد سقوط حكومة الرئيس السوري السابق بشار الأسد، تُعد سوريا المرشحة الجديدة للانضمام إلى "تحالف إبراهيم".

*الدبلوماسية تُدفن تحت الجرافات*

ومع تغيّر الموقف السياسي الأمريكي، انتقل انهيار حل الدولتين من الاحتمال إلى السياسات الفعلية. فقد أوضح ترامب نيته إلغاء الدولة الفلسطينية تمامًا.

ورفضت وزارة خارجيته دعم حل الدولتين، وصرّح في فبراير: "ستتولى الولايات المتحدة إدارة قطاع غزة، وسنقوم بعملنا هناك أيضًا"، في إشارة إلى خطته لتحويل غزة إلى "ريفييرا ما بعد الحرب".

حتى قرار مجلس الأمن رقم 2735، الذي صاغته إدارة الرئيس السابق جو بايدن وتم اعتماده في يونيو 2024، بات بلا معنى. فهو يدعو إلى قيام دولتين ديمقراطيتين، إسرائيل وفلسطين، تعيشان جنبًا إلى جنب بسلام. لكن ضم إسرائيل المستمر يجعل هذا الحلم مستحيلًا. إذ تدفن تل أبيب القرار في الأرض نفسها التي تعبّدها للمستوطنين الصهاينة.

الأردن، لم يعد على الهامش، بل أصبح مهددًا بشكل مباشر بطموحات دولة الاحتلال التوسعية.

ومع تسارع تل أبيب في محو القضية الفلسطينية، تجد عمّان نفسها في الزاوية؛ واقعة تحت ضغط اللامبالاة الأمريكية، ومحاطة بدول عربية تعمّق علاقاتها مع إسرائيل.

أما السلطة الفلسطينية، التي كانت يومًا الحاكم المفضل لواشنطن في الشأن الفلسطيني، فهي تنهار تحت وطأة عدم جدواها. لا تسيطر على أرض، ولا تملك سلطة حقيقية، ولا تتمتع بشرعية شعبية تُذكر. وإذا انهارت بالكامل، سيكون الأردن أول من يتلقى الصدمة.

تواجه المملكة الهاشمية لحظة خطر تاريخي حقيقي. ولكي لا تُجند لإدارة الاحتلال الإسرائيلي بالوكالة، يجب على عمّان أن تتخلى بشكل حاسم عن الصيغ الفاشلة، وأن تبني جبهة عربية-فلسطينية موحدة ومتماسكة.

وإلا، فإن الأردن يواجه خطر الانجراف إلى نظام إقليمي جديد يكون فيه الحاجز والضحية في آنٍ معًا لدفن الدولة الفلسطينية نهائيًا.

نشكركم على القراءة، ونتطلع لمشاركتكم في مقالاتنا القادمة للحصول على أحدث الأخبار والمستجدات.

إخترنا لك

أخبار ذات صلة

0 تعليق