الرهن العقاري مقابل إيصال الخدمة: هل تهدد ملكية العقارات في الأردن؟ #عاجل - تليجراف الخليج

0 تعليق ارسل طباعة

نقدم لكم زوارنا الكرام أهم وآخر المستجدات كما وردت في المقال التالي: الرهن العقاري مقابل إيصال الخدمة: هل تهدد ملكية العقارات في الأردن؟ #عاجل - تليجراف الخليج اليوم الأربعاء الموافق 23 يوليو 2025 03:41 مساءً

كتب د . خالد عسود المحارب - 

بداية أنوه بأن ما سأتطرق إليه في هذا المقال هو خطير وخطير جداً، فجميعنا يعرف بأن طلب المواطن إيصال خدمة التيار الكهربائي لمنزله يخضع لعقد مع شركة الكهرباء الأردنية، وهذا عقد يتحكم فيه طرف واحد هو الشركة، ولا يحق للمواطن التغيير أو الاعتراض وعليه توقيعه كما هو، بمعنى آخر (عقد إذعان)، وهذا المصطلح القانوني يعني أن المستهلك لا يملك حرية التفاوض على بنود العقد بل يجبر على القبول بشروط موضوعة سلفاً من قبل طرف أقوى اقتصاديا وتنظيميا، مقابل مواطن مجبور لا يستغني عن خدمة الكهرباء في بيته او صاحب مصنع لمصنعه ؟

ما يجري تداوله من نية شركة الكهرباء الأردنية إضافة غاية لهذا العقد يتضمن "الرهن العقاري" كشرط لتوصيل الخدمة، أثار قلقاً واسعاً بين المواطنين والمراقبين القانونيين والحقوقيين، لما يشكله من تهديد حقيقي لحق الملكية الخاص وكونه قد يفتح الباب لتكرار هذا النموذج من قبل شركات خدمات أخرى مما يضع ممتلكات الأردنيين على المحك.

المقترح الجديد يعني ببساطة إذا أردت توصيل التيار الكهربائي إلى عقارك، فعليك رهن هذا العقار لصالح شركة الكهرباء، أي أن الشركة سيكون لها حق قانوني على العقار المرهون وقد تتمكن من التصرف به مثل البيع أو الحجز في حال تخلفت عن السداد أو وجد خلاف مالي معها.

بالتالي، فإن إدخال شرط كالرهن العقاري في هذا النوع من العقود يعد تجاوزاً خطيراً على مبدأ العدالة التعاقدية ويحول الخدمة من حق أساسي إلى أداة ابتزاز قانوني.

إن هذا التعديل ان حصل سيعمل على تفريغ الملكية العقارية من مضمونها ، فإذا أصبح الحصول على خدمة كهرباء مشروطاً برهن العقار فإن المواطنين يجبرون على التنازل جزئياً عن ملكيتهم مما يحول العقارات إلى أصول مهددة دائماً بالمصادرة ، كذلك ستفتح الباب أمام باقي شركات الخدمات ، فما الذي سيمنع شركات الماء أو الاتصالات أو الإنترنت وحتى البلديات من المطالبة برهن عقاري مقابل تقديم خدماتها؟ وفي هذه الحالة يتحول المواطن إلى رهينة لشركات الخدمات ويصبح حقه في السكن أو تملك العقار مقيداً بقيود مالية ثقيلة.

كما ان الرهن العقاري سيفتح المجال أمام حجز العقارات أو بيعها في حال تأخر المستهلك عن السداد حتى لو كانت قيمة الدين زهيدة مقارنة بسعر العقار هذا الأمر قد يؤدي إلى تفاقم أزمة التهجير الاقتصادي القسري.

لا ننسى ان كل ذلك يحصل بوجود انعدام توازن بين المواطن والشركة فشركات الخدمات خاصة تلك التي تحتكر السوق أو تعمل بترخيص حصري تتمتع بقوة تفاوضية هائلة وبالتالي فأن فرض هذا النوع من الشروط يكرس مبدأ ( الطرف القوي يفرض على الطرف الضعيف ) ويزيد من اللاعدالة الاجتماعية.

لهذا من واجب الدولة ممثلة بسلطاتها التشريعية والتنفيذية حماية حقوق المواطن الأساسية وفي مقدمتها حقه في السكن والخدمات الأساسية مثل الكهرباء والماء . ان السماح بمثل هذا التعديل يعد تفريطاً خطيراً في دور الدولة الرقابي والتنظيمي ويناقض الدستور الأردني الذي يحمي حق الملكية.

فإذا تعذرت شركة الكهرباء بمشاكل التحصيل أو تسعى لتأمين مستحقاتها، فإن هناك أدوات قانونية متاحة أكثر عدالة مثل طلب كفالات شخصية أو بنكية أو إستخدام عدادات مسبقة الدفع أو تشريعات منظمة لقطع الخدمة بعد فترة إنذار واللجوء إلى القضاء لتحصيل الديون، أما الرهن العقاري مقابل الخدمة فهو إجراء غير متوازن ويجب أن يرفض جملة وتفصيلاً .

إن الرهن العقاري مقابل إيصال خدمة الكهرباء إذا تم، فهو ليس مجرد تعديل إداري أو بند مالي بل تحول جذري في العلاقة بين المواطن والدولة وبين الإنسان والخدمة العامة فإذا مر هذا التعديل فأنه سيشكل سابقة خطيرة تهدد ملكيات الأفراد وتحول الأردنيين إلى مستأجرين مقيدين في بيوتهم .

لذلك يجب التصدي لهذا المقترح قانونياً وشعبياً وإعلامياً ومطالبة الجهات الرقابية والتشريعية بحماية المواطنين من مثل هذه السياسات التي تمس جوهر العدالة الاجتماعية والاستقرار الاقتصادي .

نشكركم على القراءة، ونتطلع لمشاركتكم في مقالاتنا القادمة للحصول على أحدث الأخبار والمستجدات.

إخترنا لك

أخبار ذات صلة

0 تعليق