نقدم لكم زوارنا الكرام أهم وآخر المستجدات كما وردت في المقال التالي: هذا ما سيخسره الاقتصاد الجزائري إذا قررت الإمارات سحب استثماراتها - تليجراف الخليج اليوم الثلاثاء 6 مايو 2025 01:27 مساءً
في وقت كانت فيه العلاقات الجزائرية الإماراتية تمر بفترة هدوء وترقب، تفاجأ المتابعون بتصاعد نبرة الهجوم الإعلامي من بعض المنابر الجزائرية الرسمية وشبه الرسمية تجاه أبوظبي، في سلوك بدا خارجا عن منطق التوازن الدبلوماسي، خصوصا في ظل ارتباط اقتصادي عميق بين البلدين، ما قد يدفع الإمارات إلى مراجعة حضورها الاستثماري في السوق الجزائرية، وهو ما سيترتب عنه ثمن اقتصادي ثقيل يصعب تعويضه في المدى القريب.
وتحتل الإمارات المرتبة الأولى عربيا من حيث الاستثمارات المباشرة في الجزائر، إذ بلغ حجم استثماراتها أكثر من 10 مليارات دولار إلى غاية سنة 2018، وفق أرقام غير رسمية تداولتها عدة مصادر اقتصادية، تشمل مشاريع استراتيجية كبرى، على رأسها مصفاة الألومنيوم في بني صاف بولاية عين تموشنت، التي قدرت تكلفتها بما يفوق 5 مليارات دولار، ومحطة توليد الكهرباء في حجرة النص بولاية بومرداس، التي تصل قدرتها إلى 1200 ميغاواط بتمويل إماراتي يتجاوز مليار دولار.
إلى جانب ذلك، هناك استثمارات عقارية إماراتية ضخمة مثل مشروع "دنيا بارك" الذي يضم أكثر من 13 ألف وحدة سكنية، ومجمعات فندقية وتجارية في العاصمة الجزائر، كما شملت الشراكة بين الطرفين مشاريع صناعية في قطاع السيارات، كالمساهمة في إنتاج مركبات مرسيدس بنز بالشراكة مع شركات ألمانية وجهات جزائرية سيادية.
وفي حال انسحبت الإمارات، فإن أولى الضربات ستطال سوق الشغل، حيث تقدر الوظائف المباشرة وغير المباشرة المرتبطة بهذه الاستثمارات بما يفوق 50 ألف منصب شغل، كما سيتأثر مناخ الاستثمار بشكل ملحوظ، إذ أن سحب استثمارات بهذا الحجم سيبعث برسالة سلبية للمستثمرين الأجانب الآخرين، خصوصا أولئك الذين يتابعون باهتمام مؤشر الاستقرار السياسي والاقتصادي في الجزائر.
من جهة أخرى، فإن تغطية الفجوة التمويلية الناتجة عن هذا الانسحاب، ستفرض على سكان قصر المرادية البحث عن شركاء بديلين، قد لا يتوفرون بالمرونة والالتزام ذاتهما اللذين أبدتهما الإمارات على مدى أكثر من عقدين من التعاون، كما أن الاستثمار الوطني، في وضعه الحالي، غير قادر على تعويض هذا الفراغ، بالنظر إلى محدودية التمويل ونقص الكفاءة في إدارة المشاريع الكبرى.
وستؤثر الأزمة الجارية إذا ما انتقلت من الإعلام إلى الاقتصاد أيضا على صورة الجزائر الدولية المهزوزة في الأصل، حيث سيقرأ الانسحاب الإماراتي كفشل في الحفاظ على بيئة آمنة للمستثمرين العرب، ويعيد الجزائر خطوات إلى الوراء في مسار تحسين مناخ الأعمال، الذي ما زال يتأرجح في المراتب المتأخرة عالميا.
وتقتضي الحكمة التي يفتقدها العسكر الجزائري الحاكم إعادة النظر في الخطاب الرسمي وشبه الرسمي، والتمييز بين الخلاف السياسي المحتمل والالتزام الاقتصادي القائم، باعتبار أن العلاقات لا تدار بالعواطف، والمصالح لا تحمى بالهجمات الإعلامية.