مواقع الإمارات المرشحة لـ «التراث العالمي» .. مكانة حضارية وأدوار ثقافية - تليجراف الخليج

نقدم لكم زوارنا الكرام أهم وآخر المستجدات كما وردت في المقال التالي: مواقع الإمارات المرشحة لـ «التراث العالمي» .. مكانة حضارية وأدوار ثقافية - تليجراف الخليج اليوم الجمعة 9 مايو 2025 12:09 صباحاً

تزخر الإمارات بالعديد من المواقع الأثرية التي تحفل بقيمة تاريخية كبرى وتعكس مكانة ثقافية متميزة، وتبذل الدولة جهوداً حثيثة في سبيل إدراج مواقعها الأثرية في قائمة مواقع التراث العالمي التابعة لمنظمة الأمم المتحدة للتربية والعلوم والثقافة (اليونسكو).

شذا الملا

وفي هذا السياق، أكدت شذا الملا، وكيل مساعد قطاع الهوية الوطنية والفنون المكلف في وزارة الثقافة، لـ«تليجراف الخليج»، أن المواقع الأثرية في الإمارات تمثل سجلاً حياً يعكس عمق تاريخها وإرثها الثقافي الغني، مشيرةً إلى أن موقعاً واحداً حتى الآن قد حظي بالتسجيل في قائمة التراث العالمي لليونسكو، وهو موقع العين الثقافي، الذي يضم مدافن حفيت، وبدع بنت سعود، وجبل حفيت، ومناطق الأفلاج، نظراً إلى أهميته الاستثنائية في توثيق تطور المجتمعات القديمة في المنطقة.

12 موقعاً أثرياً

وأوضحت أنه إلى جانب ذلك، تم تسجيل 12 موقعاً أثرياً في القائمة التمهيدية لليونسكو، وهي: خور دبي، «جلفار»، ومدينة تجارة اللؤلؤ في الجزيرة الحمراء، ومنطقة شمل، وموقع أم النار، والسبخة الساحلية - أبوظبي، قلعة ضاية، ومسجد البدية، وموقع الدور بأم القيوين، وصير بونعير، وقلب الشارقة، والمنطقة الوسطى بالشارقة. ولفتت إلى أنه يتم اختيار هذه المواقع بناءً على معايير دقيقة تعكس أهميتها التاريخية والثقافية.

وقالت: «تروي كلّ من هذه المواقع فصلاً مهماً من تاريخ الإمارات، ما يعزز مكانتها على الساحة الثقافية العالمية، ويمكن أن نفصل هذه المعايير كالتالي. أولاً، القيمة العالمية الاستثنائية، إذ تمتاز المواقع المختارة بأهمية تتجاوز الحدود الوطنية، مسلطةً الضوء على تطور الحضارات القديمة ودورها في التجارة والتبادل الثقافي.

ثانياً، التاريخ العريق: تحتوي المواقع على أدلة أثرية تعود إلى آلاف السنين. ثالثاً، الحفاظ على التراث الثقافي: يشكّل ترشيح هذه المواقع خطوة مهمة في تعزيز جهود صونها وحمايتها للأجيال القادمة، ما يضمن استدامة الإرث الثقافي للإمارات.

رابعاً، التنوع الأثري والمعماري: تضم المواقع المسجلة عناصر معمارية متنوعة مثل : الحصون، المدافن، أنظمة الري التقليدية، المناطق السكنية. وهو يعكس التنوع الثقافي والحضاري في الدولة».

وأوضحت شذا الملا أنه بفضل تلك العوامل؛ يروي كل من هذه المواقع فصلاً فريداً من تاريخ الإمارات وتراثها العريق.

مواقع جديدة

وكشفت شذا أنه في إطار الجهود المستمرة لحماية وتوثيق التراث الثقافي والطبيعي في دولة الإمارات، تعمل وزارة الثقافة حالياً على استكمال إجراءات ترشيح مواقع جديدة في ثلاث إمارات مختلفة لإدراجها في القائمة التمهيدية لليونسكو، بحيث تعمل مع إمارة الشارقة على تسجيل المناظر الطبيعية القديمة في الفاية، مشيرةً إلى أن هذا الموقع الأثري الواقع في الشارقة يُعد من أقدم الأدلة على استيطان الإنسان في المنطقة، حيث كشفت الحفريات الأثرية عن أدوات حجرية تعود إلى أكثر من 125 ألف عام، ما يجعله شاهداً على الهجرات البشرية المبكرة من أفريقيا إلى الجزيرة العربية، كما تحتوي المنطقة على تكوينات صخرية وجيولوجية مهمة تعكس تطورات المناخ القديم والتفاعل البشري مع البيئة.

وأضافت: «كما نعمل مع إمارة الفجيرة على تسجيل وادي الوريعة، الذي يُعد من أبرز المواقع البيئية في الدولة، ويضم أول محمية جبلية طبيعية في الإمارات، ويتميز بينابيعه العذبة الدائمة التي تُعد موطناً لأكثر من 100 نوع من الطيور و20 نوعاً من الثدييات و17 نوعاً من الزواحف، إضافة إلى النباتات النادرة التي تعكس تنوع النظام البيئي الفريد في المنطقة، كما يحتوي الموقع على أدلة أثرية تشير إلى استيطان الإنسان للمنطقة منذ العصر الحجري الحديث».

وبينت شذا الملا أن العمل جارٍ، أيضاً، مع إمارة رأس الخيمة، على تسجيل قلعة ضاية التاريخية، التي تعد آخر حصن جبلي لا يزال قائماً في الإمارات، حيث يعود تاريخها إلى أكثر من 200 عام، مؤكدةً أن القلعة لعبت دوراً محورياً في الدفاع عن الساحل الشمالي للدولة خلال القرن التاسع عشر، وتوفر إطلالة استراتيجية على المناطق المحيطة.

حماية استراتيجية

وأكدت الوكيل المساعد لقطاع الهوية الوطنية والفنون، المكلف، في وزارة الثقافة، أن الوزارة تعمل مع إمارة دبي على تسجيل مواقع حتا الأثرية التي تُعد من أبرز المعالم التراثية في إمارة دبي، وتشكّل شاهداً حيّاً على عمق الجذور التاريخية للمنطقة؛ إذ تضم حتّا مجموعة من الحصون والمباني الدفاعية التقليدية، أبرزها حصن حتّا الذي يعود إلى القرن الثامن عشر، وكان يشكّل نقطة حماية استراتيجية للواحات والمزارع المحيطة، مضيفةً أن المنطقة تحتوي على بقايا مساكن قديمة ومساجد تراثية وأساليب بناء حجرية تعكس المهارات المحلية في التشييد باستخدام مواد البيئة الجبلية.

وتابعت: «ضمن خطواتنا القادمة، سنعمل على استكمال الملفات التفصيلية لكل موقع، استناداً إلى الدراسات العلمية والتاريخية، إضافة إلى تعزيز التعاون مع الخبراء والجهات المحلية والدولية، كما سنضع خططاً متكاملة لإدارة هذه المواقع وصونها وفق أعلى المعايير».

وأضافت: إن إدراج مواقع أثرية في الإمارات ضمن القائمة الرسمية لمواقع التراث العالمي التابعة لليونسكو يعكس الأهمية الاستثنائية لهذه المواقع على المستوى العالمي والمحلي بالتأكيد، ويؤكد دورها في التاريخ الإنساني وامتداد الحضارات.

وأشارت شذا إلى أن هذه الخطوة تعني أن المواقع المختارة تلبي معايير اليونسكو من حيث الأصالة، والتاريخ، والتأثير الثقافي.

واستطردت: «تكمن قيمة تسجيل مواقع أثرية في الإمارات ضمن القائمة الرسمية لمواقع التراث العالمي التابعة لليونسكو في جوانب عدة، أهمها، الحفاظ على التراث؛ إذ يسهم هذا الإدراج في تعزيز الجهود الوطنية والدولية لحماية هذه المواقع وصونها من التهديدات، مثل: التوسع العمراني أو التغيرات البيئية».

وذكرت أن تسجيل المواقع الأثرية في قائمة اليونسكو يدعم السياحة الثقافية وخطط تنميتها، ويعزز استقطاب الباحثين والسياح المهتمين بالتاريخ، ما ينعكس إيجابياً على الاقتصاد المحلي ويشجع الاستثمار في قطاع الثقافة.

وفي ختام حديثها، أكدت شذا الملا، أن هذه الجهود تساعد على تعريف الأجيال القادمة بقيمة وأهمية مواقع الدولة والتاريخ المرتبط بها، ويعزز الوعي بأهمية التراث بين المواطنين والمقيمين، ويضمن صون نبض المفردات التراثية والتاريخية المرتبطة بهذه المواقع، إضافة إلى ما يحققه ذلك من تعزيز للتعاون الدولي؛ إذ يفتح تسجيلها في هذه القائمة، الباب أمام فرص تعاون مع منظمات دولية وخبراء عالميين في مجال الحفظ والترميم والبحث والدارسة.

وبناء على هذه الركائز والاعتبارات والفوائد جميعاً، نجد أن إدراج مواقع الإمارات الأثرية، يمثل خطوة استراتيجية نحو تعزيز قيم الهوية الوطنية، وترسيخ مكانة الدولة في المشهد الثقافي العالمي.