اليمن ..وجيبوتي.. وجها لوجه - تليجراف الخليج

نقدم لكم زوارنا الكرام أهم وآخر المستجدات كما وردت في المقال التالي: اليمن ..وجيبوتي.. وجها لوجه - تليجراف الخليج اليوم الثلاثاء 20 مايو 2025 08:23 صباحاً

الناظر الى البحر الاحمر يجد ان بين الضفتين الشرقية والغربية لمضيق باب المندب علاقة تاريخية فريدة بين اليمن وجيبوتي تتجاوز حدود الجغرافيا والسياسة والاتفاقيات لتصل إلى عمق الروابط الإنسانية والثقافية والاجتماعية أيضا التي نسجا مداميكها التاريخ والتجاور معًا ومع كل منعطف تمر به اليمن تُثبت جيبوتي أنها أكثر من كونها دولة شقيقة بل سند إنساني ووجه آخر للكرامة والتكافل.

فمنذ العصور القديمة شكّل البحر الرابط بين البلدين ممرًا للتجارة والتبادل والحركة البشرية المتواصلة حيث كان اليمنيون يعبرون إلى القرن الأفريقي للتجارة أو الاستقرار كما استقبلت السواحل اليمنية في زمن مضى أجيالًا من أبناء جيبوتي الذين وجدوا في اليمن أرضًا مفتوحة وعلاقات قائمة على الودّ والتكامل والتكافل على السواء .

واليوم ما تزال هذه العلاقة قائمة على نفس الأسس لكنها تجلّت بأبهى صورها في السنوات الأخيرة عندما فتح الأشقاء في جيبوتي أبوابهم لليمنيين الفارين من الحرب، دون تردد أو تمييز وفي ظل الأزمة التي تعصف باليمن منذ اكثر من عقد من الزمن وجد عشرات الآلاف من اليمنيين في جيبوتي مأوى آمنًا فمنذ اندلاع الصراع استقبلت جيبوتي آلاف النازحين ووفّرت لهم أماكن إقامة مؤقتة وسهّلت لهم الوصول إلى الرعاية والخدمات بجهود حكومية وشعبية تعكس عُمق الأخوّة بين البلدين الشقيقين الجارين.

وما يميّز تجربة اليمنيين في جيبوتي هو غياب الشعور بالغربة فالمُدن الجيبوتية احتضنت العائلات اليمنية وتعايش السكان المحليون معهم بكل ودّ واحترام حتى بات من الصعب التفرقة بينهم في كثير من النواحي الاجتماعية والثقافية.

سياسيًا كانت جيبوتي من أوائل الدول التي عبّرت بوضوح عن دعمها لوحدة اليمن واستقراره وساندت كل الجهود الإقليمية والدولية الهادفة لإنهاء النزاع واستعادة مؤسسات الدولة أما شعبيًا فقد عبّر المواطن الجيبوتي عن تضامنه لا بالشعارات بل على الواقع الفعلي بدءًا من إيواء الأسر اليمنية وصولًا إلى إشراكهم في سوق العمل المحلي في الحدود المتاحة.
وبلا شك ان الحكومتين (اليمنية والجيبوتية )تسعيان في الفترة الأخيرة إلى تطوير العلاقات الاقتصادية من خلال التعاون في مجالات الموانئ والنقل البحري والتبادل التجاري وفتح آفاق للاستثمار المتبادل والجميع يتمنى أن تُفضي هذه الشراكة إلى تعزيز الاستقرار الإقليمي خاصة أن كلا البلدين يتمتعان بموقع استراتيجي يربط قارات العالم.

(لم نشعر يومًا أننا في بلد غريب) هكذا يقول العديد من اليمنيين في جيبوتي تجربتهم ففي بلد لا يملك ثروات كبيرة لكنه يملك إرادة التضامن أصبح اليمنيون جزءًا من المجتمع يشاركون في التعليم والتجارة ويساهمون في التنمية.

القيادة الجيبوتية برئاسة فخامة الرئيس إسماعيل عمر جيله قدّمت مثالًا يُحتذى به في كيفية إدارة ملف النزوح من منطلق أخلاقي وإنساني بحت وسط إغلاق كثير من الدول حدودها أوانها وضعت قيودًا صارمة على الجنسية اليمنية( للاسف الشديد )في حين ان الأشقاء في جيبوتي لم يفعلوا ذلك .
ومن هنا نقول ان العلاقات بين اليمن وجيبوتي ليست وليدة اللحظة بل إرثًا حضاريًا وإنسانيًا متراكمًا أثبت أنه أكثر صلابة من الأزمات وأكثر عُمقًا من التصريحات الرسمية وجيبوتي كما يقول اليمنيون لم تكن يومًا مجرد بلد مضيف بل كانت دومًا الوطن الثاني الذي لا يعرف معنى الغربة ولا يغلق أبوابه في وجه أشقائه.
وختاما أتوجه من خلال هذه الأسطر المتواضعة بمناشدة الرئيس إسماعيل عمر جيلة وكذلك معالي وزير الداخلية ان يمنحا إخوانهم اليمنيين في جيبوتي متسعا من الوقت لترتيب اوضاعهم بخصوص الإقامة وتخفيض الرسوم لان وضع اليمنيين لايحتاج إلى شرح أو تفصيل وخاصة بعد حدوث بعض التصرفات الفردية من رجال الأمن التي حصلت مؤخرا نحو كثير من اليمنيين هناك وهنا اسجل جل الشكر والتقدير للقيادة في جيبوتي بدءا من فخامة الرئيس والحكومة وخاصة معالي وزير الداخلية سعيد نوح حسن وكذلك العقيد يوسف ضرار وكل الأخوة الجيبوتيين مسؤولين وشعب على تحاوبهم لأي مناشدة تصلهم كما لا أنسى اسدل الشكر الى عميد السلك الدبلوماسي سعادة السفير عبد الله السقطري سفير الجمهورية اليمنية لدى جيبوتي على تجاوبه لأي طلب يصله .
واخيرا إلى كل اهالينا اليمنيين في جيبوتي عليكم أن تلتزموا بقوانين البلد المضيف وأن تكونوا انموذجا يحتذى به فقد حصلت من بعضكم اعمالا لاعلاقة لها بشي اسمه اليمن واصبروا على آلام الغربة فلا بد لليل أن ينجلي ومهما اشتدت علينا المحن سيأتي يوم نعيش فيه مثل بقية العالم وحينها نذكر العالم انه صمت عن المآسي والاهوال التي عصفت بنا جميعا .