نقدم لكم زوارنا الكرام أهم وآخر المستجدات كما وردت في المقال التالي: فاطمة راشد بن حسين.. من التسويق إلى الألوان - تليجراف الخليج اليوم الأربعاء 21 مايو 2025 11:43 مساءً
لم تكن فاطمة راشد بن حسين تتوقع أن تعود إلى موهبتها الأولى بعد سنوات من الانشغال بالدراسة والعمل. كانت دائماً تشعر أن لديها شيئاً مميزاً، لكنها لم تلتفت إليه وسط زحمة الحياة. تقول: كنت متميزة في الرسم منذ صغري، لكنني لم أكن أُدرك تلك الموهبة أو أُعيرها الانتباه.
في المدرسة لم يكن هناك من يوجهني، كما أنني كنت سريعة الملل، لا أتبع التعليمات، ولا أندمج مع الأجواء الدراسية بسهولة. ومع مرور الوقت، تلاشت الموهبة وسط الالتزامات اليومية.
الطريق المهني
بعد حصولها على البكالوريوس، انشغلت فاطمة في العمل، وسلكت طريقاً مهنياً بحتاً، وواصلت دراستها لتحصل على الماجستير وتصبح مديرة للتسويق. كانت أحاديث التقاعد تدور من حولها، لكنها كانت تسمع في داخلها صوتاً خافتاً يلح عليها: «ستبدعين يوماً ما في مجال الفن اليدوي». لم تأخذ الأمر بجدية إلا حين بدأت تفكر في الاستقالة.
تقول فاطمة: «بحثت عن أماكن تدريبية، والتحقت بورش فنية بدأت بالموزاييك، ثم تعلمت الديكوباج والرسم على الزجاج. كنت أحب البساطة في العمل، وأُفضّل استخدام مواد بسيطة وسريعة، لا أُحب خلط الألوان كثيراً، وأحياناً أترك العمل كما هو دون تعديل».
كانت البداية من خلال تطبيق فن الديكوباج على صواني التقديم، لكنها لم تشعر بالمتعة الكاملة إلا عندما مزجت بين الفن والتراث، فبدأت بتزيين المدخن الإماراتي. هذه الخطوة كانت نقطة التحول، حيث لاقت ورشها إقبالاً كبيراً، فبدأت تقدم ورشة واحدة في الأسبوع، ثم قررت أن تخطو الخطوة الكبيرة: الاستقالة والتفرغ التام للفن.
وتضيف: «بدأت أرسم على الدلّة، فناجين القهوة، وكاسات الشاي، وتعلمت من فنانات في إيطاليا واليابان، وكنت أحب مشاركة كل ما أتعلمه. هذا ما دفعني لأن أصبح مدربة، وشعرت بتأثير هذا القرار على المتدربات».
إبداع أنثوي
تؤمن فاطمة بأن كل امرأة تحمل في داخلها حساً فنيًا وذوقاً خاصاً، وتقول: «الفضول هو ما يدفعنا للتجربة، وشغفي بالتعلّم جعلني أُجرب أساليب وتقنيات مختلفة في الرسم. الهواية بالنسبة للمرأة مهمة جداً، فهي تعزز الطاقة الأنثوية الكامنة فيها، وأنا درّبت أكثر من 2000 امرأة حتى الآن».
وترى فاطمة أن الإبداع ليس محصوراً في الموهبة فقط، بل يحتاج إلى فرصة وصبر، وأن الحرف اليدوية بطبيعتها قريبة من المرأة، سواء في التطريز أو الخياطة أو الكروشيه، وحتى في الرسم على الأواني التي تعشقها الكثير من السيدات.
وتتابع: «الهواية تُعلّم الصبر، لأنها تحتاج إلى صفاء ذهني وهدوء. الأعمال اليدوية تنشّط الذاكرة، وتُحسن التركيز، وتُنمّي الملاحظة وسرعة البديهة. أما التحديات التي واجهتني فكانت كثيرة، منها صعوبة توفر بعض الأدوات، وأيضاً عدم تقدير البعض للفن اليدوي، لكنني كنت محاطة بدعم كبير من أسرتي، وكان لتفاعل الجمهور عبر مواقع التواصل الاجتماعي دور كبير في انتشاري».
وسيلة تعبير
اليوم، تُعدّ فاطمة بن حسين قدوة حقيقية لكل من يظن أن الوقت قد فات على الشغف، أو أن الهواية لا مكان لها في زحام الحياة. لقد أثبتت أن العودة إلى الذات ممكنة، وأن الفن ليس فقط وسيلة للتعبير، بل باباً واسعاً للهدوء، والاتصال بالجمال، وتحقيق الذات.