الاعـتزال.. العمـر مجرد رقم - تليجراف الخليج

نقدم لكم زوارنا الكرام أهم وآخر المستجدات كما وردت في المقال التالي: الاعـتزال.. العمـر مجرد رقم - تليجراف الخليج اليوم السبت 28 يونيو 2025 08:34 صباحاً

يشهد متوسط أعمار اعتزال لاعبي كرة القدم تطوراً ملحوظاً في السنوات الأخيرة، حيث ارتفع تدريجياً مقارنة بالماضي ليصل إلى ما بين 35 و38 عاماً وأحياناً أكثر، وبات من الشائع رؤية لاعبين يستمرون في الملاعب حتى منتصف أو أواخر الثلاثينات، بل وحتى إلى الأربعينات، بفضل تطور الطب الرياضي، واهتمام الأندية ببرامج التغذية، والعناية بالتعافي البدني والنفسي.

بالإضافة إلى التكنولوجيا الحديثة في تحليل الأداء وتقليل الإصابات، هذا التطور المذهل في حياة اللاعبين جعل بعضهم يصل إلى القمة في عمر ما بين 30 و34.

ويعد البرتغالي كريستيانو رونالدو من أبرز النماذج الملهمة في عالم كرة القدم، حيث يستمر «الدون» في تقديم عروضه الساحرة وهو في عمر الـ40، بتسجيله الموسم الماضي 93 هدفاً وصنع 19 في 105 مباريات مع فريقه النصر السعودي الذي جدد التعاقد معه حتى 2027، ولطالما أكد رونالدو في العديد من التصريحات أنه مستمر بالعطاء في ملاعب كرة القدم حتى يمنعه جسده عن مواصلة اللعب.

وإلى جانب رونالدو هناك العديد من النماذج تعكس تحولاً كبيراً في مفهوم العمر الكروي، حيث لم يعد تقدم السن عائقاً بقدر ما هو تحدٍ يدار علمياً ومهنياً وأنه بالإمكان مواصلة اللعب في مستوى عالٍ بعد سن 38، ومن الأمثلة السويدي زلاتان إبراهيموفيتش الذي اعتزل في سن 41، والحارس الإيطالي جيانلويجي بوفون الذي استمر حتى عمر 45 والأرجنتيني ليونيل ميسي الذي يستمر في التألق مع فريقه انتر ميامي في عمر الـ 38 عاماً، ولوكا مودريتش مع ريال مدريد (39 عاماً).

ارتفاع متوسط أعمار اللاعبين ليس ظاهرة عالمية فقط، محلياً يوجد العديد من اللاعبين في دوري أدنوك للمحترفين الذين اقتربوا من منتصف الثلاثينات أو حتى الأربعينات ولا يزالون يقدمون عطاءً غزيراً في ملاعبنا، ومنهم الأسطورة إسماعيل مطر الذي اعتزل العام الماضي في عمر الـ41 عاماً بعد مسيرة حافلة مع ناديه الوحدة والمنتخب الوطني الذي خاض معه 136 مباراة دولية أحرز خلالها 36 هدفاً.

وعلى خطى إسماعيل مطر يواصل وليد عباس مدافع شباب الأهلي مسيرته الاحترافية بثبات رغم تخطيه عتبة الـ40 عاماً منذ أيام قليلة، وفي السياق أكد أنه لم يفكر بعد في الاعتزال وأن شغفه للعب وتحقيق المزيد من الألقاب يمنحه المزيد من الطاقة الإيجابية للبقاء أطول فترة ممكنة في الملاعب، مشيراً إلى أنه متحمس لخوض تجربة جديدة مع فريقه في الموسم المقبل.

وفي هذا العمر الرياضي المتقدم، نجح وليد عباس في تحقيق رباعية تاريخية مع شباب الأهلي الموسم الماضي، ليؤكد من جديد أن «العمر مجرد رقم» وأنه ما زال باستطاعته تقديم الكثير في ملاعب كرة القدم، لأنه حريص بشكل دائم على المحافظة على لياقته البدنية والذهنية لخوض المباريات.

وقال: «طموحي تقديم أفضل ما عندي حتى اليوم الأخيرة من مسيرتي داخل الملاعب، لأنه لا يزال لدي الكثير لتقديمه مع شباب الأهلي، الذي يسعى دائماً لتحقيق كل البطولات».

وبالرغم من تحقيق 22 لقباً في مسيرته، إلا أن وليد عباس ما زال متعطشاً لتحقيق المزيد، مشيراً إلى أن الألقاب أغلى إرث يتركه اللاعب وراءه، ووحدها التي تكتب اسمه بحروف الذهب في سجلات ناديه. وأضاف: الألقاب هي ما يميزك أنت كلاعب، وهي الدافع الأول الذي يجعلك تستمر في الملاعب، وهذه الرباعية التاريخية تجعلني متحمساً للاستمرار أطول فترة ممكنة.

قرار شخصي

أكد المدرب سالم ربيع أنه لا يوجد سن اعتزال محدد للاعب كرة القدم لأنه قرار شخصي بالأساس يعتمد على عوامل مختلفة وظروف كل لاعب، والمهم هو أن يتخذ القرار بعناية، مع مراعاة الصحة البدنية والنفسية للاعب.

بالإضافة إلى تطلعاته المستقبلية، مشيراً إلى أن دخول عالم الاحتراف واتباع اللاعب نمط حياة صحي ونظام تدريب صارم من العوامل التي أسهمت في ارتفاع المتوسط العمري لاعتزال اللاعب.

وصرح سالم ربيع أن أساليب التدريب المتطورة حالياً لعبت دوراً مهماً في رفع لياقة اللاعبين وتحسين أدائهم رغم تقدمهم في العمر، مشيراً إلى أنه بات أمراً مألوفاً مشاهدة لاعبين في منتصف الثلاثينات يؤدون أفضل من لاعبين آخرين في منتصف العشرينات، وفي هذا السياق تحدث سالم ربيع عن واقعة تعود لموسم 1983 – 1984 عندما كان لاعباً في صفوف النصر، قائلاً:

«كنا نتدرب تحت قيادة المدرب البرازيلي الراحل لابولا، ومعه مدرب لياقة اسمه باولو، هذا الأخير كان يقدم لنا تدريبات على مستوى عال لم نشهدها من قبل حتى أن زميلنا سالم بوشنين قال لو حصلنا على مثل هذه الجرعات التدريبية من البداية لكنا قادرين على الاستمرار في اللعب 4 مواسم أخرى».

وأضاف: الإعداد البدني الجيد الذي يعتمد على النهج العلمي، يعزز صحة اللاعب ولياقته البدنية ويجعله على أتم الجاهزية ويمنحه عمراً أطول في الملاعب.

وأوضح سالم ربيع أن الشغف الشخصي والرغبة في الحفاظ على القدرة التنافسية عاملان نفسيان مهمان، يختار بعض اللاعبين إطالة مسيرتهم الكروية رغم تقدمهم في السن لمجرد حبهم للعبة ورغبتهم في اللعب مع فرقهم والمساهمة في تحقيق ربما تحديات جديدة، في المقابل، قد يشعر آخرون بالحاجة إلى الاعتزال مبكراً لأسباب صحية أو لاستكشاف فرص أخرى، سواء في التدريب أم الإدارة أم مجالات أخرى.

وكشف سالم ربيع أنه، بصرف النظر عن التقدم في العمر، يمكن أن تلعب الفرص خارج الملعب دوراً متزايداً في قرار الاعتزال، مشيراً إلى أن العديد من اللاعبين يقررون الاعتزال للتفرغ لمشاريعهم الخاصة.

وأكد ربيع أن عقلية اللاعبين تطورت عما كانت عليه في السابق، حيث يحرص العديد منهم على اتباع أسلوب حياة صحي بتعيين مدربي لياقة ومشرفي تغذية، مشيراً إلى أن الأسطورة إسماعيل مطر يعد أحد أبرز النماذج الملهمة في الكرة الإماراتية بعد أن استطاع الاستمرار بعد الأربعين.

نموذج ملهم

من جهته، أكد فهد مسعود لاعب الوحدة السابق أن تطور عقلية اللاعبين وتبنيهم أسلوب الحياة الصحي من أبرز العوامل التي أدت إلى إحداث التحول العمري في الملاعب ورفع متوسط أعمار اعتزال اللاعبين إلى ما بعد منتصف الثلاثينات.

مشيراً إلى أن البرتغالي كريستيانو رونالدو بصدد تقديم نموذج ملهم للاعبي كرة القدم في العالم، حيث يعتبر لاعباً استثنائياً وهو يقدم أفضل مستوياته منذ دخوله فترة الثلاثينات حتى تخطيه الأربعينات، وقال:

من أبرز العوامل التي ساهمت في إطالة عمر اللاعبين في الملاعب التخصص الدقيق في تأهيل اللاعبين، استخدام الأجهزة الحديثة لتقوية العضلات، وتطبيق نظم راحة مدروسة، وارتفاع الوعي الشخصي لدى اللاعبين بشأن نمط الحياة الصحية في المحافظة على جاهزيتهم البدنية.

وأوضح مسعود أن مهنة اللاعب من أفضل الوظائف في العالم، لأنها تمنح الشهرة والمال وحب الناس، لذا يسعى كل لاعب إلى البقاء في دائرة الضوء وقريباً من جماهيره أطول فترة ممكنة في حياته.

مشيراً إلى أنه مع انتشار استخدام وسائل التواصل الاجتماعي، أصبح اللاعبون يعيشون في تحد مستمر ومتعلقون بمسيرتهم الكروية أكثر من السابق، لذا يكون من الصعب اتخاذ قرار الاعتزال.

مسألة معقدة

وأكد بدر حارب لاعب الوصل سابقاً أن اتخاذ قرار الاعتزال بات مسألة معقدة ومتعددة العوامل، إذ تعتمد على عوامل مختلفة مثل الحالة البدنية والأداء والشغف الشخصي والفرص المتاحة خارج الملعب، وقال:

«في الماضي، كان اللاعبون غالباً ما ينهون مسيرتهم أواخر العشرينات أو في أوائل الثلاثينات، بسبب ضعف الرعاية الطبية، والإجهاد البدني، وغياب أساليب التدريب المتطورة.

ومع التقدم في علوم الرياضة والطب والتدريب البدني، تغير الوضع تماماً وبات العديد من اللاعبين يستمرون في الملاعب إلى ما بعد منتصف الثلاثينات، ولكن البعض يفضل الاعتزال للحفاظ على صحتهم على المدى الطويل عندما يلاحظون علامات تراجع لياقتهم البدنية مبكراً».

وأضاف: تعد الحالة البدنية للاعب عاملاً حاسماً في تحديد الوقت المناسب للاعتزال، في الوقت الحالي ومع تطور نمط الحياة لدى اللاعبين وبفضل نظام تدريب صارم وإدارة صحية فعالة، أصبح اللاعبون قادرون على تقديم مستوى عالٍ من الأداء حتى بعد سن الخامسة والثلاثين.

وأوضح حارب أن هناك عوامل عدة تسهم في دفع اللاعب إلى تأخير اتخاذ قرار الاعتزال، منها انتشار استخدام وسائل التواصل الاجتماعي، حيث يسعى اللاعب إلى تعزيز حضوره عبر مواصلة اللعب، إضافة إلى المبالغ المالية المغرية التي بات يحصل عليها اللاعبون، وبالتالي يحرصون على البقاء أطول فترة ممكنة في الملاعب.

وصرح حارب أن الأداء على أرض الملعب يعد مؤشراً أساسياً على استمرار اللاعب من عدمه، في حال أنه لم يعد قادراً على تلبية متطلبات اللعبة على المستوى الاحترافي، فقد يدفعه ذلك إلى التفكير في الاعتزال، ومع ذلك، يستطيع بعض اللاعبين، رغم تراجع سرعتهم أو قدرتهم على التحمل، تعويض ذلك بالخبرة والذكاء التكتيكي والقيادة.

وأشار حارب إلى أن التطور العلمي وأساليب التدريب الحديثة منحت للاعبين الفرصة لإبطاء آثار التقدم في السن، وأن العديد من المدربين يتبنون هذه الأساليب المتطورة في الإعداد البدني ويشجعون اللاعبين على الاستمتاع بأجسادهم بدلاً من الضغط عليها.

دراسة

وكشفت بعض الدراسات أن المسافة الإجمالية المقطوعة والركض عالي الكثافة والسرعة القصوى التي بلغها اللاعبون الذين تجاوزت أعمارهم 30 عاماً قد انخفضت بشكل ملحوظ. ومع ذلك، يبدو أن الأداء الفني يتحسن بالنسبة للاعبين الكبار في السن.

حيث أشارت البيانات إلى أن نسبة التمريرات الناجحة كانت أعلى بنسبة تتراوح بين ثلاثة وخمسة في المائة بين اللاعبين الذين تزيد أعمارهم على 30 عاماً، مقارنة باللاعبين الذين تتراوح أعمارهم بين 16 و29 عاماً.

وهناك ما لا يقل عن 6 عوامل أسهمت في رفع متوسط عمر اللاعبين في الملاعب وبقائهم أطول فترة ممكنة في الملاعب، في مقدمتها تطور الطب الرياضي في مجالات العلاج الطبيعي، والتأهيل، والجراحة، والتشخيص المبكر للإصابات. ثانياً:

تحسن التغذية واللياقة البدنية والاعتماد على الفيتامينات والمكملات الضرورية لاستعادة الطاقة. ثالثاً: الوعي والاحترافية لدى اللاعبين فيما يتعلق بنمط الحياة: النوم الجيد، التقليل من الضغوط، تجنب العادات السلبية مثل السهر أو التدخين. رابعاً: تقليل الضغط البدني في المباريات عبر استخدام تقنيات تحليل الأداء والبيانات. خامساً:

الحوافز الاقتصادية (ارتفاع العوائد المالية للاعبين) ما يجعلهم أكثر حرصاً على الاستمرار لفترة أطول. سادساً: تحسن أرضيات الملاعب والتجهيزات (أكثر جودة وأقل تسبباً في الإصابات) واستخدام الأحذية والمعدات الرياضية الحديثة التي تراعي سلامة المفاصل والعضلات.