في خطوة مفاجئة تحمل بصمة استراتيجية واضحة، قرر الملياردير المغربي والوزير السابق حفيظ العلمي تصفية الفرع الأوروبي لمجموعته الاستثمارية "سهام هولدينغ"، واضعًا بذلك حدًا لتجربة استثمارية دامت أربع سنوات في السوق العقارية الفرنسية. 

القرار، الذي عهد بتنفيذه لنجله محمد العلمي، يعكس تحوّلًا جذريًا في أولويات المجموعة، التي باتت تضع القارة الإفريقية في قلب مخططاتها التوسعية.

وكان فرع "سهام غروب أوروبا" قد تأسس عام 2020 برأسمال أولي قدره 100 ألف يورو، رُفع لاحقًا إلى 200 ألف يورو، بهدف اقتحام السوق العقارية الأوروبية، إلا أن العلمي قرر الآن طي هذه الصفحة نهائيًا، في أعقاب استحواذ ضخم قامت به مجموعته أواخر 2024، تمثل في شراء أغلب أسهم "الشركة العامة المغرب" وشركتها التابعة "المغربية للحياة"، في صفقة بلغت قيمتها نحو 8 مليارات درهم، ما يعزز حضور "سهام" كلاعب رئيسي في القطاع المالي المغربي والإفريقي.

الانسحاب من أوروبا لا يعني تراجعًا، بل يعكس توجهًا حازمًا نحو التموقع القاري، حيث تتطلع "سهام هولدينغ" إلى تعزيز استثماراتها في مجالات حيوية مثل الخدمات المالية والتعليم والزراعة والعقار عبر إفريقيا. ويأتي هذا التوجه في سياق تزايد الرهان العالمي على القارة السمراء كسوق ناشئة وواعدة.

المثير أن قرار التصفية يأتي بعد أسابيع من تداول اسم مجموعة "سهام" في مفاوضات متقدمة للاستحواذ على حصة "الشركة العامة فرنسا" في فرعها بموريتانيا، مما يشير إلى أن المجموعة لا تكتفي بإعادة التموضع داخل حدود المغرب، بل تتجه بثبات لتوسيع نفوذها المغاربي والإفريقي.

يبدو أن العلمي، الذي راكم تجربة سياسية كوزير سابق وسمعة قوية في الأوساط الاقتصادية، يسير بخطى ثابتة نحو بناء إمبراطورية استثمارية ذات امتداد إفريقي، تُراهن على القطاعات ذات القيمة المضافة العالية، وتستفيد من انسحاب بعض المجموعات الأجنبية من الأسواق الإفريقية.