نقدم لكم زوارنا الكرام أهم وآخر المستجدات كما وردت في المقال التالي: رواتب خيالية ومناصب مرموقة... فلماذا يرفضها الجميع؟ - تليجراف الخليج اليوم الأربعاء 14 مايو 2025 01:20 مساءً
تشهد مكاتب العائلات الخاصة حول العالم نمواً ملحوظاً، مع توجه الأثرياء نحو خدمات مالية مخصصة لإدارة ثرواتهم المتزايدة، إلا أن هذا التوسع يصطدم بعقبة كبيرة تتمثل صعوبة العثور على مديري أموال موثوقين ومؤهلين.
وبحسب توبياس بريستل، المدير الإداري لمؤتمرات Prestel and Partner، فإن التوظيف في هذا القطاع لا يخضع دائما لمعايير الكفاءة فقط، بل تلعب الثقة دورا حاسما في اختيار المرشحين.
ويقول: "في كثير من الأحيان، يحصل على الوظيفة الشخص الجدير بالثقة، لا الأفضل من الناحية المهنية. فإذا كنت تملك 500 مليون دولار، فلمن تسلّم المفاتيح؟".
ووفقا لموقع cnbc، يُنظر إلى مكاتب العائلات من قبل العديد من المرشحين المحتملين على أنها بيئة عمل "غير آمنة"، نتيجة لبنيتها التنظيمية غير الرسمية، وغموض خطوط الإدارة، وغياب آفاق الترقّي المهني، كما توضح إيريس شو، مؤسسة شركة "جينغا" للخدمات المحاسبية في سنغافورة.
وبحسب تقرير صادر عن "ديلويت"، بلغ عدد مكاتب العائلات عالميًا 8,030 مكتبا حتى سبتمبر الماضي، تدير أصولا بقيمة 3.1 تريليونات دولار، ويتوقع أن يتجاوز العدد 10,700 مكتب بحلول عام 2030، مع أصول مدارة تُقدّر بـ5.4 تريليونات دولار.
لكن هذا النمو لا يواكبه توافر في الكفاءات، ففي دراسة لـ"ماكنزي"، حذّرت الشركة من أن قطاع إدارة الثروات قد يواجه نقصا يصل إلى 100 ألف مستشار مالي بحلول 2034، إذا لم تتغير معدلات إنتاجية العاملين فيه.
ويواجه التوظيف تحديات كبيرة، لا سيما في مكاتب العائلات بأمريكا الشمالية وأوروبا، حيث يشير تقرير مشترك بين "كامبدن ويلث" و"RBC" إلى أن التوظيف والاحتفاظ بالموظفين يمثلان عقبة رئيسية.
وفي آسيا، وخصوصا في مراكز الثروة مثل سنغافورة، تلجأ العديد من المكاتب إلى الأتمتة والتعاقد الخارجي لمواجهة نقص الكفاءات.
الثقة تسبق الكفاءة
الثقة الشخصية تظل عاملا حاسما في التوظيف داخل هذه المكاتب، وقد تطغى أحيانا على اعتبارات الكفاءة المهنية، وفقا لريتو ياوخ، شريك في شركة SZ&J. ويقول: "بعض العائلات تعطي الأولوية للثقة المطلقة، حتى لو أتى ذلك على حساب جودة الأداء".
وتواجه مكاتب العائلات صعوبة في إيجاد موظفين قادرين على دمج مهام متعددة، مثل المدير المالي ومدير الاستثمار في شخص واحد، وهو ما تعتبره إيريس شو مطلبا يصعب تلبيته، مضيفة "قلة من المحترفين يمتلكون الاستعداد والقدرة لتولي هذا الكم من المسؤوليات".
في المقابل، بدأت بعض مكاتب العائلات في رفع عروضها المالية لجذب المواهب، بما في ذلك دفع رواتب مرتفعة قد تصل إلى 190 ألف دولار سنويا للمساعدين التنفيذيين، إلى جانب تقديم حوافز مثل حصص من الأرباح وفرص استثمار مشترك، كما أورد تقرير آخر لـ"كامبدن ويلث" و"HSBC".
مخاوف الجيل الجديد
ورغم هذه الحوافز، يبدي العديد من الشباب ترددا في الالتحاق بمكاتب العائلات، معتبرين أنها تفتقر إلى الهياكل المؤسسية الواضحة، وأنها تصلح كوظائف في نهاية المسار المهني فقط. ويُعد غياب مسار وظيفي واضح أحد أبرز الأسباب وراء هذا العزوف، إضافة إلى ارتفاع معدل دوران الموظفين، الذي يتراوح عادة بين سنة وسنتين في المناصب الاستثمارية.
ويشير ياوخ إلى أن النجاح في بيئة مكتب العائلة يتطلب شخصية متزنة، تجمع بين الثقة بالنفس والتواضع المهني. "عليك أن تعرف متى تعبّر عن رأيك، ومتى تتراجع لأن القرار النهائي سيكون للعائلة دائما".
هذا التوازن الدقيق هو ما دفع "جون"، وهو محامٍ في الأربعينات من عمره، إلى رفض عرض عمل كمسؤول قانوني في مكتب عائلي بسنغافورة. "الأمر أشبه بوضع كل البيض في سلة واحدة. شخص واحد قد يقرر فجأة الاستغناء عنك"، قال جون، الذي فضّل عدم الكشف عن اسمه الحقيقي.
وأعرب عن قلقه من نقص الشفافية في آليات الترقية والمكافآت، إضافة إلى صعوبة العودة إلى المسار المهني التقليدي بعد العمل في بيئة غير مؤسسية كهذه.
ويخلص ياوخ إلى أن العمل في مكاتب العائلات قد يكون مجزيا لمن يبحث عن محتوى مهني غني، أكثر من سعيه وراء ترقيات وظيفية تقليدية، مؤكدا "إذا كنت مستعدا لأن تكون جزءا من شيء خاص، فهذا المسار قد يناسبك".
0 تعليق