يعاني أصحاب الأعمال حول العالم من الرسوم الجمركية الباهظة التي فرضها الرئيس الأميركي دونالد ترامب منذ توليه منصبه، وتعد إميلي لي أول من رفعت شكواها إلى المحكمة بخصوص هذه الرسوم.

في دعوى قضائية رفعت في محكمة اتحادية في فلوريدا قبل أيام، جادل محامو لي، وهي صاحبة شركة صغيرة في بينساكولا، بأن الرسوم الجمركية التي فرضها ترامب على الصين "غير قانونية" و"غير دستورية"، وتخاطر بإحداث عواقب وخيمة على شركات مثل شركة سيمبليفيد، وهي شركة القرطاسية التي أسستها لي في عام 2008 والتي تضم 10 موظفين، وقد حوّلت هذه الدعوى، التي تُعد أول قضية معروفة تتحدى رسوم ترامب الجمركية، لي، بين عشية وضحاها تقريبًا، إلى وجه علني لمعركة قانونية عالية المخاطر يمكن أن تكون لها عواقب وخيمة على الاقتصاد العالمي.

تقول لي لصحيفة فاست كومباني : "شركتي بمثابة طفلي الرابع، وأنها لم تكن تنوي رفع دعوى قضائية قط، قبل بضعة أسابيع، ومع دخول رسوم ترامب الجمركية على الصين والمكسيك وكندا حيز التنفيذ، وتحذير البيت الأبيض من فرض المزيد منها، أرادت لي ببساطة أن تُعرّف الناس بالتأثير الملموس لارتفاع الرسوم الجمركية على شركة صغيرة مثلها، والتي تبيع، من بين منتجات أخرى، مُخططات يومية مصنوعة في الصين. تقول لي: "رأيتُ الكثير من المعلومات المغلوطة وسوء الفهم حول من يدفع الرسوم الجمركية، وما الغرض منها، شعرتُ بحاجتي لمشاركة وجهة نظر شركة صغيرة نابعة من شخص حقيقي، إنسان حقيقي".

قصية لي

كتبت لي عن تجربتها على إنستغرام: كيف دفعت شركتها منذ عام 2017 رسومًا جمركية بقيمة 1.17 مليون دولار على الواردات من الصين، وكيف أنها قد تُضطر هذا العام، في ظل زيادة ترامب للرسوم الجمركية، إلى دفع 350 ألف دولار إضافية، وكيف أدت هذه التكاليف إلى ارتفاع أسعار المستهلكين وانخفاض رواتب الموظفين، وكتبت لي: "لا أستطيع الصمت حيال هذا الأمر بعد الآن، الرسوم الجمركية تُدمر الشركات".

لفت المنشور، الذي انتشر بسرعة هائلة، انتباه محاميي تحالف الحريات المدنية الجديد (NCLA)، وهي مجموعة قانونية تُحارب ما تعتبره تجاوزًا حكوميًا، وتقول إنها رفعت دعوى قضائية نيابةً عن لي بعد يوم واحد فقط من كشف ترامب عن سلسلة جديدة من الرسوم الجمركية العالمية، مما أدى إلى انهيار الاقتصاد العالمي.

وتركز قضية لي بشكل خاص على أمرين تنفيذيين وقعهما ترامب في فبراير ومارس، وكلاهما فرض رسومًا جمركية على السلع الصينية باسم وقف تدفق الفنتانيل إلى الولايات المتحدة.

وفي الأمرين، أعلن ترامب أزمة الفنتانيل حالة طوارئ وطنية واستشهد بقانون الصلاحيات الاقتصادية الطارئة الدولية كسلطة له لفرض الرسوم الجمركية.

لكن وفقًا للدعوى القضائية، لا يمنح قانون IEEPA الرئيس هذه الصلاحية، ولا حتى يذكر التعريفات الجمركية على الإطلاق، وتجادل الرابطة الوطنية لقانون NCLA بأن الكونغرس وحده هو المخول بمنح الإذن بفرض التعريفات. ويحق للرئيس بموجب القانون فرض حظر أو عقوبات تجارية، ولكن فقط إذا كانت "ضرورية" لمعالجة حالة الطوارئ.

بينما تُركز قضية شركة سيمبليفيد تحديدًا على الرسوم الجمركية الصينية، تقول الرابطة الوطنية للمحامين القانونيين (NCLA) إن الحكم قد يؤثر على النطاق الكامل للرسوم الجمركية العالمية التي فرضها ترامب الأسبوع الماضي على معظم دول العالم.

القانون لايسمح

وصرح جون فيكيوني، كبير مستشاري التقاضي في الرابطة الوطنية للمحامين القانونيين (NCLA)، لصحيفة فاست كومباني : "نؤكد أن القانون لا يسمح للرئيس بفرض رسوم جمركية مهما كانت حالة الطوارئ المعلنة أو القائمة" .

في تصريحٍ لصحيفة فاست كومباني ، قال نائب السكرتير الصحفي الرئيسي للبيت الأبيض، هاريسون فيلدز: "يتمتع الرئيس ترامب بسلطةٍ واسعةٍ لفرض رسومٍ جمركيةٍ لمعالجة قضايا الطوارئ الوطنية، وتتطلع إدارة ترامب إلى تحقيق النصر في المحكمة".

إن كون الرابطة الوطنية لقانون الشركات (NCLA) هي الجهة التي تطرح هذه القضية أمرٌ بالغ الأهمية في حد ذاته، فرغم أن المنظمة تصف نفسها بأنها غير حزبية، إلا أنها ناضلت مرارًا وتكرارًا من أجل قضايا يدافع عنها المحافظون، بما في ذلك تقليص الصلاحيات التنظيمية للوكالات الحكومية، وتلقت في الماضي دعمًا ماليًا من ممولين يمينيين، بما في ذلك مؤسسة الملياردير تشارلز كوخ. ويعكس انخراط الرابطة الوطنية لقانون الشركات مدى تجاوز معارضة رسوم ترامب للخطوط الحزبية.

لي ديمقراطية مسجلة، أسست شركة "سيمبليفيد" بعد تصميمها لبطاقات دعوة زفافها، بدأ مشروعها كعمل جانبي، ثم تطور على مر السنين حتى عام2011، حيث بدأت بتوسيع نطاق عملها ليشمل تصميم منتجات أخرى مثل مخططات اليوميات والتقويمات.

في البداية، قامت بتصنيع هذه المخططات في الولايات المتحدة مقابل 38 دولارًا للوحدة وبيعها على Etsy مقابل 50 دولارًا للوحدة. تقول لي: "لم يكن الأمر مستدامًا"، لذلك لجأت إلى الشركات المصنعة الصينية لبناء الشركة، وبحلول عام 2017، كانت الأعمال مزدهرة، لكن الرسوم الجمركية التي فرضها ترامب على السلع الصينية في ولايته الأولى كانت بمثابة ضربة للنتيجة النهائية.

تقول لي : "هذا يعني أنه كان عليّ تخصيص أموال كانت ستذهب إلى التوظيف، والتي كانت ستذهب إلى مكافآت الموظفين التي كان من الممكن أن تذهب إلى الجهود الخيرية أو النمو". "لقد استوعبنا ذلك قدر استطاعتنا"، بما في ذلك عن طريق رفع الأسعار.

لكن لي غير متأكدة من قدرة العمل على تحمل زيادة أخرى وخاصة إذا كانت صارخة مثل ما يقترحه ترامب. من المقرر أن تتلقى شركة سيمبليفيد شحنة جديدة من المخزون في غضون أسابيع، لكن ليس لديها أي فكرة عن شكل فاتورة الرسوم الجمركية عند وصولها. في الدعوى، تجادل NCLA بأن تصرفات ترامب قد "ألحقت ضررًا اقتصاديًا وتنافسيًا" بشركة سيمبليفيد.

قد تشعر لي بالقلق مما ينتظرها، لكنها تأمل أن تُلهم قضيتها أصحاب أعمال آخرين للوقوف في وجه هذه الأزمة. تقول: "هذه هي حقيقة ما يحدث، أنا من حررت الشيكات، إنها حقيقة، من يدفع ثمن هذا؟ إنها ليست قناعة سياسية".