نقدم لكم زوارنا الكرام أهم وآخر المستجدات كما وردت في المقال التالي: مريم الغيثي: أحياناً يبدأ الشفاء من ضربة فرشاة - تليجراف الخليج اليوم الأحد 25 مايو 2025 12:13 صباحاً
يأخذنا الفن أحياناً إلى ما هو أبعد من الجمال البصري؛ إلى مساحات داخلية تتيح التأمل، وتفتح نوافذ لفهم الذات، وتفريغ المشاعر، والتعبير عما لا يُقال بالكلمات. في هذا الإطار تبرز تجربة الفنانة التشكيلية مريم الغيثي، التي اختارت أن توظف الفن أداة للتشافي النفسي والعاطفي.
«تليجراف الخليج» تسلط الضوء على هذه التجربة المختلفة في حديث مع الغيثي، التي تتحدث عن بداياتها والأساليب التي تتبعها، مؤكدة أن الفن هو لغة داخلية قادرة على التعبير والشفاء.
كيف بدأت رحلتكِ مع العلاج بالفن؟
بدأت رحلتي مع العلاج بالفن من خلال مشاركتي في ورش تأملية فنية، وكانت تجربة فارقة بالنسبة لي. شعرت بعمق التأثير الذي يمكن أن يحدثه الفن حين يتجاوز كونه وسيلة للتعبير الجمالي، ليصبح أداة لفهم الذات وتهدئة المشاعر، عندها أدركت أنني أرغب بمشاركة هذا النوع من التجربة مع الآخرين، لاسيما أنني أمارس الفن التشكيلي منذ سنوات.
ما الذي يميز ورشكِ عن غيرها من جلسات العلاج الفني أو التأمل الإبداعي؟
ورشي تدمج بين التأمل والخيال، حيث أطلب من المشاركات الانفصال عن الواقع مؤقتاً، والدخول في حالة تأمل عميق، ثم تحويل ما شاهدنه أو شعَرنه في تلك الحالة إلى عمل فني. هذه الرحلة بين الخيال والواقع تمنح المشاركات فرصة فريدة للتعبير عن مشاعرهن وأفكارهن بطريقة صادقة وعفوية.
في إحدى الورش، توزّعين مفاتيح رمزية على المشاركات. ما معناها؟ وكيف تفاعلن معها؟
في تلك الورشة حصلت كل مشاركة على مفتاح رمزي يمثل قدرتها على فتح «صناديقها الداخلية». خلال التأمل تتخيل المشاركة نفسها في حديقة سرية مليئة بالصناديق، وكل صندوق يرمز إلى عطايا ومعانٍ خاصة. عند فتح أحدها بخيالها يظهر لها رمز أو صورة تُلهمها لترسمه. كان التفاعل رائعاً، فالفكرة عززت شعور المشاركات بالاختيار والتمكين.
ما نوع التحولات التي شهدتِها لدى المشاركات بعد حضورهن الورش؟
كثير من المشاركات عبّرن عن شعورهن بالراحة والتفريغ بعد الجلسة. التأمل يكشف مشاعر دفينة قد لا ننتبه لها في زحمة الحياة، والرسم يمنح مساحة للتعبير عنها بشكل غير مباشر.
وسيلة للتعبير
كيف تختارين مواضيع أو تمارين الورشة؟
أختار المواضيع من وحي خيالي، وأحاول دائماً أن أبتعد بالمشاركات عن المألوف والمعتاد، لأمنحهن مساحة للتجدد والاكتشاف. بالطبع أراعي الفئة العمرية.
هل ترين أن كل شخص قادر على الاستفادة من العلاج بالفن؟
بكل تأكيد الفن لا يشترط مهارة تقنية، بل هو وسيلة للتعبير. حتى من لا يعرف الرسم يمكنه اختيار الألوان وتوزيعها على اللوحة بطريقة تعبّر عن مشاعره. الأهم هو التواصل مع الذات، وليس إنتاج لوحة متقنة.
كيف يتكامل الفن مع مشاعركِ في أعمالكِ الشخصية؟
كل عمل فني أُنتجه هو انعكاس لحالتي النفسية في لحظة ما. أعتبر الفن سجلاً صامتاً لمشاعري وتحولاتي. من بين الأعمال الأقرب إلى قلبي تلك التي أشتغل فيها على الفخار، لأنها تحمل طابعاً حسياً وتجريبياً عميقاً يلامس الروح مباشرة.
لغة داخلية
ما الأدوات أو الألوان التي تعبّرين بها أكثر خلال جلساتك؟
في أعمالي الشخصية أستخدم عادة الألوان الزيتية، لكن خلال الورش أفضّل الألوان المائية أو السريعة الجفاف لتتناسب مع وقت الجلسة.
ما الرسالة التي تحاولين إيصالها من خلال هذه التجربة الفنية المشتركة؟
رسالتي أن لكل إنسان عالماً داخلياً يستحق أن يُكتشف ويُفهم. الفن هو لغة داخلية تساعدنا على رؤية هذا العالم بوضوح. عبر اللون والرمز والتأمل يمكننا أن نقترب من أنفسنا أكثر.
وفي نهاية هذه الرحلة الفنية التأملية يتضح أن تجربة مريم الغيثي تتجاوز حدود اللوحة والفرشاة، لتعيد تعريف الفن وسيلة للتواصل مع الذات والبحث عن التوازن والسكينة. من خلال جلساتها يتحوّل اللون إلى لغة، والخيال إلى أداة استكشاف، والرسم إلى مساحة حرة تُنصت فيها المشارِكة إلى صوتها الداخلي، وتكتشف أن الشفاء قد يبدأ أحياناً من ضربة فرشاة.
0 تعليق