نقدم لكم زوارنا الكرام أهم وآخر المستجدات كما وردت في المقال التالي "صنايعى بناء" ولاعب موهوب.. نجم منتخب الشباب يرسم مستقبله على جدران الأمل - تليجراف الخليج ليوم الثلاثاء 27 مايو 2025 01:10 صباحاً
في قلب المنيا، حيث يُعانق النيل الأرض، تتجلى قصة أسامة ربيع، فتىً في ريعانِ الشباب، أنهى موسمه الكروي مع فريق المنيا مبكرًا في دوري الممتاز "ب"، ليترك المستطيل الأخضر خلفهُ ويعتليَ السقالات، مُمسكًا بزمام المطرقة والمعول، صانعًا من عرق جبينه قوت يومه، لقد احتضنته مهنة البناءِ في صغره حتى أتقنها، فبات "صنايعي" ماهرًا، لكنَّ نبض الكرة في عروقه لم يخفت، فموهبتُه خطفته من علوِ البنايات الشاهقة إلى سهولِ الملاعب الخضراء.
في عمر الثانية والعشرين، لا تزال الحياة تُروض القلوب، لكن أسامة ربيع، لاعب المنيا، لم ينتظر أن تُمنحه الفرص، بل اقتنصها بيد خشنةٍ من أثر البناء، وأخرى ناعمة من دفء الموهبة، وحينما تتوقف الملاعب والصافرات، لا يتردد أن يخلع حذاء الكرة وينتعل حذاء العمل.
في طفولته عملَ أسامة ربيع في البناء حتى أتقن المهنة، لا كهاوٍ يبحث عن قوت يومه، بل كمقاتلٍ يصنع غده بيده، لكن كرة القدم، تلك الساحرة العنيدة، لم تسمح له بالابتعاد طويلًا، نادته من خلف الجدران الخرسانية، وانتشلته من بين الأسمنت والغبار، وأعادته إلى العشب الأخضر، حيث تنبت الأحلام، وبين قلب يتوق لأن "يعيش مستورًا"، وروحٍ تطمح لأن "تعيش مشهورًا"، يتصارع الحلمان في جوفه، حلم الكرامة، وحلم الكاميرا.
على صعيد المسيرة الكروية، بدأ أسامة ربيع مسيرته من أكاديمية في سمالوط، ليحط رحاله أولًا في نادي الاتحاد السكندري، ثم طار إلى الإمارات، حيث لعب سنة كاملة في نادي حتا، قبل أن يعود إلى الاتحاد تحت قيادة حسام حسن، ثم عماد النحاس، وهناك استدعاه منتخب مصر للشباب.

لكن طريق المجد لم يكن معبّدًا، عقبات العقود، وتقلّب الأحوال، أجبرته على الرحيل، فانتقل إلى طلائع الجيش مع طارق العشري، إلا أن التغييرات الفنية قلبت الأمور رأسًا على عقب، فانتقل إلى نادي الهلال المطروحي في القاهرة، لكن حين انسحب المستثمر، سقط الحلم في الفراغ، فطرق أسامة كل الأبواب، أراد الرحيل، قدّم العروض، لكن الرد كان صمتًا، حتى جاءه الفرج في شهرٍ بارد، حين اتصل به شديد قناوي، ففتح له أبواب نادي المنيا.
يعيش أسامة اليومَ حُلمًا يراودهُ في كل حين، أن يُكمل نصف دينهِ ويدخل القفص الذهبي، لكنَّ الواقع يصفعه مرارًا، فراتبه من كرة القدم لا يكاد يسد رمق عيشه، فكيف له أن يُحصل تكاليف الزواج وهو يرزح تحت وطأة ضيق الحال؟
حكاية أسامة تُجسد صراعًا داخليًا لا ينتهي، صراع بينَ طموحٍ يُنازعه أن يعيش مستورًا كريمًا، وآخر يشدُّهُ إلى الشهرة وبريق النجومية، فحلمُ أسامة أن يسطعَ نجمه في سماء كرة القدم لا يزال حيًا، لكنَّ واقع المعيشة يفرض عليه تحديات جسامًا، فهل يُقدر لهذه الموهبة أن تُلامس سقف طموحاتها وتُحلّق بعيدًا عن متاعب الفقر؟

0 تعليق