التجارب الفنية الإماراتية توثق الهوية وتعكس قضايا المجتمع - تليجراف الخليج

0 تعليق ارسل طباعة

نقدم لكم زوارنا الكرام أهم وآخر المستجدات كما وردت في المقال التالي: التجارب الفنية الإماراتية توثق الهوية وتعكس قضايا المجتمع - تليجراف الخليج اليوم الأربعاء 28 مايو 2025 01:14 صباحاً

ليس الفن مجرد أداة لخلق الجمال أو المتعة البصرية، بل هو مرآة تعكس هوية المجتمعات وتحولاتها، ووسيلة تعبير تتجاوز الشكل إلى المضمون، تتناول القضايا البيئية والاجتماعية والإنسانية بلغة الرموز والخامات والألوان.

وفي هذا السياق، أصبح الفنان المعاصر شاهداً ومشاركاً في التغيير، يلتقط نبض الحياة اليومية ويعيد صياغته بصرياً ليطرح أسئلة، ويثير وعياً، وينسج حواراً بينه وبين جمهوره.

«تليجراف الخليج»، طرحت ثلاثة تساؤلات جوهرية على مجموعة من الفنانين الإماراتيين والباحثين، تمحورت حول قدرة الفن على التعبير عن الهوية، ودور الفنان في التوعية المجتمعية، وكيفية إيصال الرسائل العميقة دون التفريط بعنصر الجمال.

وفي هذا السياق، أكدت الفنانة التشكيلية عزة القبيسي، أن لكل فنان طريقته في التعبير عن هويته، لكنها شخصياً تربط ذلك بالخامات التي تستخدمها في أعمالها الفنية، مثل كرب النخيل والجريد، والتي تشكل جزءاً من البيئة المحلية وتحمل رمزية ثقافية عميقة. وأضافت: «لدي سلسلة فنية بعنوان البحث عن الهوية أطلقتها عام 2008، استخدمت فيها رموزاً كالغافة والنخلة لطرح تساؤلات تتعلق بالهوية والانتماء، لا لإعطاء أجوبة مباشرة، بل لفتح باب التأمل».

وتؤمن القبيسي بأن للفنان دوراً يتجاوز خلق الجمال، إذ يمكنه التفاعل مع قضايا البيئة والإنسان وحتى السياسة، لأن هذه المواضيع تشكّل محيطه الطبيعي، ومن خلالها يستطيع التعبير عن مواقفه بطريقة فنية.

أما عن الحفاظ على الجمال في العمل الفني رغم عمق الرسالة، فتؤكد أن الجمال نسبي، وأن استخدام الخامة بذكاء هو ما يُنتج تجربة بصرية ناجحة، سواء كانت مصقولة أو صادمة، ناعمة أو خشنة. «في النهاية، الفن منظور شخصي، وما يراه البعض جميلاً قد يراه آخرون مختلفاً، لكن الأهم أن يحمل العمل فكراً وصدقاً في الطرح».

ملامح المجتمع

واستحضر الفنان والخطاط عبدالله الاستاد، الإرث الثقافي والاجتماعي في أعماله، ويحرص على إبراز التفاصيل اليومية البسيطة التي تشكّل ملامح المجتمع، رغم تعددها واختلافها. وقال: «الفنان يمتلك أداة فريدة هي الخيال والحرية، ومن خلالهما يستطيع أن يثير التساؤلات لدى المتلقي، وأن يخلق الجمال وينشر الوعي في آنٍ معاً».

ويرى الاستاد أن الفنان الناجح هو من يقرأ جمهوره جيداً، ويفهم مستوى وعيه وتقبله، ليصيغ رسالته بما يتناسب مع هذا الوعي. وفي بعض الأحيان، لا يتردد في استخدام عنصر الصدمة لإيصال رسالة معينة أو تحفيز التفكير. ويختم بالقول: «ليس كل ما يُعتبر جميلاً بالضرورة جميلًا للجميع، وليس كل ما يبدو قبيحًا يخلو من الجمال، فالفن أداة لإعادة تعريف المفاهيم وإعادة ترتيبها».

تنوع في الأساليب

ووصف الباحث عبدالعزيز الملا، الفنان بأنه في حوار دائم مع ذاته ومجتمعه، وأنه غالباً ما يعكس المتغيرات المجتمعية في أعماله، سواء من خلال التعبير الذاتي أو من خلال طرح موضوعات تراثية ومجتمعية. ويشير إلى أن المشهد الفني في الإمارات.

كما يظهر في المعارض السنوية مثل معرض جمعية الفنون التشكيلية، يُظهر تنوّعاً في الأساليب والتوجهات، بين الفن الحديث وما بعد الحداثة والفن المعاصر.

وأضاف أن الهوية الفنية ليست ثابتة، بل تتطور مع التجربة المعيشة، وأن الكثير من الفنانين الشباب يمزجون بين التراث والحداثة بأساليب تعكس بحثهم عن الذات وفهمهم للعالم من حولهم.

كما يلفت إلى أن بعض الفنانين يستخدمون الفن لتسليط الضوء على قضايا تتقاطع بين البيئة وحقوق الإنسان، كما في بينالي الشارقة، حيث نجد أعمالاً تربط بين استغلال الموارد الطبيعية والتاريخ الاستعماري والحقوق البيئية للسكان الأصليين.

وأكد أن الجمال لا يُنتقص حتى عندما تكون الرسالة قوية، لأن الفنان بطبيعته يسعى لأن يكون عمله معبراً وذا معنى، ويجب أن يُفهم في سياقه الثقافي والاجتماعي لفهم دوافعه واختياراته الجمالية.

من جهتها، نوهت الفنانة التشكيلية شما آل حامد، بأن الفنان يستطيع التعبير عن هويته من خلال الألوان، التكوينات، والتفاصيل التي يستلهمها من حياته اليومية وذكرياته الشخصية. وأضافت: «أستلهم أعمالي من تجارب الطفولة ومن المواقف التي شكّلت شخصيتي، فهي تنعكس على أسلوبي الفني بشكل تلقائي».

وترى أن الجمال في الفن ليس محصوراً في شكل واحد، بل هو مفهوم واسع يتغير بحسب السياق والثقافة. وأردفت: «الفنان الحقيقي يُعبّر لأنه يشعر أن ذلك هو دوره، وأن عليه أن يُخرج أفكاره إلى العالم، مهما كانت معقدة أو مؤلمة أو غير مألوفة». وأشارت إلى أن الفن يمكنه أن يطرح قضايا عميقة تتجاوز الشكل، دون أن يتخلى عن حسه الجمالي، لأن الجمال في النهاية هو انعكاس للصدق الفني.

إخترنا لك

أخبار ذات صلة

0 تعليق