بوحمالة.. ورقة أخرى تسقط وفي قلبها غصة وألم ومرارة - تليجراف الخليج

0 تعليق ارسل طباعة

نقدم لكم زوارنا الكرام أهم وآخر المستجدات كما وردت في المقال التالي: بوحمالة.. ورقة أخرى تسقط وفي قلبها غصة وألم ومرارة - تليجراف الخليج اليوم الأربعاء 28 مايو 2025 08:11 مساءً

كما هو معلوم، رحلت عنا صبيحة اليوم الأربعاء، الفنانة القديرة "نعيمة بوحمالة"، بعد صراع مرير مع المرض، لكنه لم يكن صراعًا جسديًا فقط، بل كان صراعًا وجوديًا ضد التهميش والنسيان والخذلان. لم تكن نهايتها مجرد محطة طبيعية لحياة فنية امتدت لخمسة عقود، بل كانت خاتمة حزينة لرحلة فنانة قاومت المرض والإقصاء في صمت، وواجهت وحدها قسوة أن تُنسى وهي على قيد الحياة.

في زمن كانت فيه الشاشة المغربية تُنير بحضورها، تقمصت "بوحمالة" أدوارًا عديدة دخلت البيوت والقلوب، وأضفت على الدراما المغربية نكهة الصدق والبساطة والعفوية. لكن تلك الأضواء التي طالما لاحقتها، انطفأت بشكل فجائي، وتُركت لتتآكل بعيدًا عن الكاميرا، بعيدًا عن التقدير، بعيدًا عن دفء الجمهور الذي لم يسمع بصوتها إلا حين اعتلت منصة يوتيوب لتصرخ بأسلوبها الساخر، محاولة كسر عزلتها من خلال سلسلة "نعيمة ديكولاص"، وكأنها كانت تقول: "أنا هنا... مازلت حية، لا زلت قادرة على العطاء، فلماذا تجاهلتموني؟".

سنواتها الأخيرة لم تكن فقط صعبة… بل كانت قاسية جدا. خضعت لعمليات جراحية على مستوى القلب، ولم تجد من يمد لها يد العون، لا نقابة حقيقية تسند، ولا مؤسسات ترعى من قدّموا عمرهم للفن. كانت تعاني في صمت، ووحده صوت الإحباط من يعلو في يومياتها أكثر من صوت الأمل، سيما في ظل واقع فني بات يركّز على "اللاشيء"، ويحتفي بالسطحيين، ويمنح الشهرة لمن لا علاقة له بالفن إلا عبر "محتوى" أجوف على منصات التواصل.

رحيل "نعيمة بوحمالة" يعيد للواجهة المأساة المتكررة لرواد الفن المغربي، ممن يرحلون في عزلة، بكرامة جريحة وجسد منهك. نستحضر هنا معاناة "محمد الشوبي" قبل أشهر، ومأساة "محمد الخلفي"، وقبلهما "نور الدين بكر".. والقائمة طويلة جدا، لمبدعين فارقوا الحياة وهم في أمسّ الحاجة لرعاية صحية، أو حتى كلمة اعتراف بجميلهم. في المقابل، تفتح الأبواب وتُمنح الأضواء والمكافآت والدعم السخي لمن يسمون جوار بـ"المؤثرين"، في مشهد عبثي يؤلم كل من يعرف معنى الفن الحقيقي.

أمام هذا العبث، هل تبقى وزارة الثقافة في موقع المتفرج؟ هل يكفي أن تصدر بيانات نعي روتينية حين يموت أحد الرواد؟ أين هي السياسات الحقيقية لحماية الفنان المغربي في شيخوخته؟ أين هو الصندوق الذي يُؤَمِّن كرامته حين تبهت الأدوار وتضعف الصحة؟ إن المسؤولية هنا جسيمة، ولا يمكن تأجيلها أكثر.

نعيمة بوحمالة لم ترحل فقط، بل تركت خلفها مرآة عاكسة لخذلان مجتمع بأكمله لرواده. تركتنا نعيد طرح سؤال موجع: هل يُكافأ المبدع المغربي بالنسيان حين تنتهي الأدوار؟

إخترنا لك

أخبار ذات صلة

0 تعليق