تشهد العلاقات التجارية بين الولايات المتحدة والصين توتراً متصاعداً، وسط انتقادات أميركية لاذعة لفشل بكين في تنفيذ تعهداتها الأخيرة، ما دفع إدارة الرئيس دونالد ترمب لاتخاذ خطوات عقابية جديدة، في وقت تتواصل فيه الضغوط الاقتصادية والتجارية بين الطرفين.

مسؤولون أميركيون: خيبة أمل من الصين وتحضيرات لإجراءات عقابية
كشفت شبكة CNN، نقلاً عن مسؤولين أميركيين، أن واشنطن تدرس إجراءات عقابية ضد الصين بسبب إخلالها بالتزاماتها في محادثات التجارة الأخيرة. وأعرب المسؤولون عن إحباط كبير جراء فشل بكين في تنفيذ تعهدات كانت ستسهم في تخفيف حدة النزاع التجاري بين البلدين.

البيت الأبيض: خيارات لمحاسبة الصين وترمب يأمل في التعاون

في السياق ذاته، قالت نائب كبيرة موظفي البيت الأبيض إن لدى الإدارة الأميركية خيارات لمحاسبة الصين على انتهاكها الاتفاق المتعلق بالرسوم الجمركية. وأكدت أن الرئيس دونالد ترمب يأمل بأن تختار الصين طريق التعاون والتفاهم المشترك، مشددة على ضرورة التزام بكين بالنظام الدولي القائم على القواعد.

وزير الخزانة: المفاوضات متعثرة.. ومكالمة مرتقبة بين ترمب وشي

من جهته، وصف وزير الخزانة الأميركي سكوت بيسنت محادثات التجارة مع الصين بأنها "متعثرة قليلاً"، مضيفاً أن التوصل إلى اتفاق نهائي سيتطلب على الأرجح مشاركة مباشرة من الرئيسين ترمب وشي جين بينغ.

وفي مقابلة مع قناة "فوكس نيوز"، قال بيسنت إن "التقدم كان بطيئاً" منذ جولة المفاوضات التي جرت بين البلدين في جنيف، والتي أعقبتها جولة أخرى في كوريا الجنوبية، متوقعاً مزيداً من المحادثات خلال الأسابيع المقبلة.

وأوضح الوزير الأميركي: "أعتقد أننا قد نجري مكالمة في وقت ما بين ترمب وشي"، مضيفاً: "بالنظر إلى حجم المحادثات وتعقيدها... سيتطلب هذا الأمر من الزعيمين إبداء رأيهما".

تصعيد تقني: قيود أميركية جديدة على صادرات الرقائق إلى الصين

رغم التوصل سابقاً إلى اتفاق مؤقت خفّض الرسوم الجمركية لمدة 90 يوماً، إلا أن واشنطن صعّدت مجدداً من إجراءاتها ضد بكين، عبر فرض قيود جديدة على تصدير الرقائق الإلكترونية، مستهدفة هذه المرة مصممي الرقائق.

وأعلنت وزارة التجارة الأميركية أن استخدام رقائق الذكاء الاصطناعي من نوع "أسيند" (Ascend) التابعة لشركة هواوي في أي مكان في العالم، يُعد انتهاكاً لقواعد التصدير الأميركية.

الصين ترد: اتهامات بالتنمّر وتهديدات قانونية

أثارت هذه الإجراءات غضب بكين، إذ وصفت وزارة التجارة الصينية التحذير الأميركي بأنه "مثال نموذجي على الممارسات من جانب واحد والتنمر الذي لا يستند إلى السوق"، ملوّحة باتخاذ إجراءات قانونية ضد أي جهة تُطبّق القيود الأميركية على رقائق هواوي.

كما اتهمت الصين إدارة ترمب بأنها تسعى إلى تقويض محادثات جنيف من خلال التصعيد الأحادي.

تعديل أميركي بعد انتقادات الصين

في أعقاب التصعيد الصيني، عدّلت وزارة التجارة الأميركية صيغة تحذيرها، موضحة أنها تصدر إرشادات بشأن مخاطر استخدام الدوائر المتكاملة للحوسبة المتقدمة الصينية، بما فيها رقائق هواوي أسيند، دون أن تتضمن عبارة "في أي مكان في العالم" التي أثارت الجدل.

واشنطن توضح: لا نريد الفصل الكامل عن الصين

وفي تصريح لافت خلال مشاركته في منتدى الاستثمار السعودي الأميركي بالرياض، قال بيسنت إن الولايات المتحدة لا تسعى إلى فصل اقتصادها بالكامل عن الصين، لكنها تعمل على الفصل في قطاعات استراتيجية تعرّضت لأزمات خلال جائحة كورونا، مثل صناعات الأدوية والرقائق الإلكترونية.

وأكد أن المفاوضات مع بكين لن تبدأ من نقطة الصفر، بل ستنطلق من الاتفاق التجاري الموقع في يناير 2020 خلال الولاية الأولى للرئيس ترمب.

إخفاقات الاتفاق السابق

ورغم توقيع الاتفاق المذكور، لم تلتزم الصين بتعهداتها بشراء منتجات أميركية بكميات محددة، نتيجة تداعيات جائحة كورونا، وهو ما ساهم في ارتفاع العجز التجاري الأميركي مع الصين خلال تلك الفترة، ومهّد الطريق لتصاعد الحرب التجارية مجدداً.