نقدم لكم زوارنا الكرام أهم وآخر المستجدات كما وردت في المقال التالي: بودن لـ"تليجراف الخليج": انضمام بريطانيا لمبادرة الحكم الذاتي مؤشر قوي يؤكد قرب حسم ملف الصحراء المغربية - تليجراف الخليج اليوم الثلاثاء 3 يونيو 2025 09:31 مساءً
يشكل إعلان المملكة المتحدة عن دعمها لمخطط الحكم الذاتي، واعتباره "الأساس الأكثر مصداقية وقابلية للتطبيق" لتسوية نزاع الصحراء المغربية، نقطة تحول فارقة في هذا الملف، وامتدادًا متينًا لمرحلة المواقف الاستثنائية المعبر عنها من طرف القوى الدولية الكبرى.
ويأتي هذا التطور الجديد بعد الاعتراف الأمريكي بمغربية الصحراء سنة 2020، والموقف الإسباني سنة 2022، ثم الفرنسي سنة 2024، فضلاً عن مواقف داعمة من قوى إقليمية تنتمي لفضاءات جيوسياسية متنوعة، ما يعزز الاصطفاف الدولي حول المبادرة المغربية كحل نهائي وواقعي للنزاع المفتعل.
وفي تصريح خص به موقع "تليجراف الخليج"، أشار الدكتور "محمد بودن"، الخبير في الشؤون الدولية المعاصرة، إلى أن هذا التحول في الموقف البريطاني يحمل في طياته ثلاث رسائل استراتيجية، أولها أنه يقفز بالعلاقات المغربية-البريطانية إلى مستويات رفيعة، ويجعل منها نموذجًا متميزًا للتعاون بين ملكيتين عريقتين في إطار الشراكة شمال-جنوب. وثانيها، أن الدعم البريطاني للمصالح العليا للمملكة المغربية يعكس وجود تفكير مشترك بين البلدين، وتوافقًا في الرؤى المرتكزة على المنفعة المتبادلة، ودفع السلام والازدهار في المنطقة. أما ثالثها، كون هذا الموقف يمثل مؤشرا موثوقا على اقتراب الحسم النهائي للنزاع.
في سياق متصل، شدد الدكتور "بودن" على أن الجزائر إذا ما قامت بتقييم موضوعي للإرادة الدولية الداعمة لمبادرة الحكم الذاتي، وراجعت نهجها المعزول، فإن احتمال التحاقها بركب الدول الكبرى المقتنعة بالمبادرة المغربية يبقى قائما، ولا يمكن اعتباره من سابع المستحيلات.
ويرى الدكتور "بودن" أن تصرف المملكة المتحدة وفق هذا الموقف، سواء على الصعيد الثنائي أو الإقليمي والدولي، يعكس التزامًا صريحًا بالعهود، ويعزز من رؤية دولية متنامية تعترف بسمو مبادرة الحكم الذاتي كأرضية واقعية وصلبة لتسوية النزاع، خصوصًا مع اقتراب الاستحقاقات الأممية القادمة.
كما يرى المتحدث ذاته أن الاهتمام البريطاني المتزايد بالمملكة المغربية مرتبط كذلك بالمصالح الاقتصادية المشتركة، لا سيما في مجالات الاستثمار، الطاقة، الزراعة، وغيرها، والتي شكلت محاور رئيسية في اتفاقيات التعاون بين البلدين.
وفي السياق ذاته، يشير الدكتور "بودن" إلى أن التوقيت والسياق السياسي للموقف البريطاني يمنحانه أربع دلالات استراتيجية كبرى. أولًا، الموقف الجديد الداعم لمبادرة الحكم الذاتي صادر عن مدرسة دبلوماسية بريطانية معروفة بقاعدة واقعية شهيرة تقول: "If you can’t beat them, join them". أي أنه: "إذا لم تستطع هزيمتهم، انضم إليهم". ثانيًا، هذا التحول هو ثمرة دبلوماسية المبادرة الملموسة التي أطلقها جلالة الملك محمد السادس، و تجسيد لرسالة الرباط التي جعلت من قضية الصحراء معيارًا لصدقية الصداقات وفعالية الشراكات، بما يعكس التأثير المتنامي للمغرب في كبريات العواصم العالمية. ثالثًا، تكمن أهمية الموقف البريطاني في الأدوار الكبرى التي تضطلع بها لندن في السياسة الدولية، باعتبارها من الدول الخمس دائمة العضوية بمجلس الأمن، وفاعلا رئيسيًا في منظمة التعاون الاقتصادي والتنمية (OCDE)، ورابطة الكومنولث التي تضم 56 دولة، فضلًا عن موقعها القيادي في حلف الناتو، ومجموعتي السبع والعشرين. ورابعًا، جاء هذا الموقف البريطاني بعد أقل من عام على تولي كير ستارمر، زعيم حزب العمال، رئاسة الحكومة، كما يأتي قبيل الذكرى الـ80 لتأسيس الأمم المتحدة، وفي عام يوافق خمسينية النزاع الإقليمي المفتعل، ما يمنحه طابعًا تحفيزيًا للمجتمع الدولي لدفع مسار التسوية في أفق أكتوبر القادم.
بهذا، يشدد الخبير المغربي على أن بريطانيا وبعد هذا القرار التاريخي، تكون قد أضافت بصمتها النوعية في مسار النزاع، وكرست مع دول كبرى أخرى واقعًا جديدًا في ملف الصحراء المغربية، تُبنى فيه الشراكات على أسس الاحترام المتبادل والرؤى المتقاسَمة، وتُقاس فيه الصداقات بمواقف صريحة من السيادة والوحدة الترابية.
0 تعليق