شكرًا لمتابعتكم، سنوافيكم بالمزيد من التفاصيل والتحديثات الاقتصادية في المقال القادم: المواجهة الإيرانية الإسرائيلية ترسم ملامح مستقبل الشرق الأوسط - تليجراف الخليج ليوم الثلاثاء 17 يونيو 2025 02:28 صباحاً
منذ إنتصار الثورة في إيران، إختارت طهران الإنتقال من العلاقة التحالفية مع تل أبيب إلى حالة الصدام معها، من دون أن تقع مواجهة مباشرة بين الجانبين على مدى السنوات الماضية، حيث كانت الأمور تقتصر على حروب غير مباشرة، قبل أن تطور الأوضاع، منذ يوم الجمعة الماضي، نتيجة الضربات العسكرية التي وجهتها إسرائيل لها.
حتى الساعة، ليس هناك من هو قادر على حسم الصورة التي ستكون عليها نتيجة الضربات المتبادلة بين تل أبيب وطهران، حيث من الممكن طرح الكثير من الأسئلة حول ما إذا كانت ستقود إلى تسوية في وقت قريب أم تستمر طويلاً.
في هذا السياق، السؤال الأول الذي من المفترض أن يطرح هو عن توازنات التسوية التي من الممكن أن ترضي الجانبين، حيث أن إسرائيل سبق أن أعلنت أن الهدف القضاء على المشروع النووي الإيراني، بينما إيران، التي تعلن بشكل دائم أنها لا تطمح إلى تصنيع قنبلة نووية، رفضت ما كان يطرح عليها بالنسبة إلى منعها من تخصيب اليورانيم، ما يدفع إلى السؤال عما إذا كانت الضربات الإسرائيلية، التي تحظى بغطاء من الولايات المتحدة، هدفها الفعلي دفع طهران إلى تقديم تنازلات في المفاوضات، أم أن المعركة باتت إسقاط نظامها السياسي.
من حيث المبدأ، لا يمكن فصل ما يحصل اليوم عن المعارك التي حصلت في المنطقة، في العامين الماضيين، أي بعد عملية "طوفان الأقصى" التي نفذتها حركة "حماس"، على إعتبار أنها دفعت تل أبيب إلى أخذ القرار بالقضاء على كل ما تراهه تهديداً لها، الأمر الذي يُعبر عنه رئيس الوزراء بنيامين نتانياهو بالإعلان عن السعي إلى تغيير وجه الشرق الأوسط.
عملياً، نجحت إسرائيل في إضعاف كل من "حماس" في قطاع غزة و"حزب الله" في لبنان، بالإضافة إلى التخلص من النظام السوري السابق، بينما هي لا تزال توجه الضربات إلى حركة "أنصار الله" في اليمن، لكن الأبرز يبقى السعي إلى إضعاف النظام الإيراني أو إسقاطه، على إعتبار أنه رأس الحربة في المحور.
في الجهة المقابلة، لم تبادر طهران إلى التدخل بالقوة الكاملة خلال المواجهات الماضية، لا سيما تلك التي تتعلق بالجبهة اللبنانية، بالرغم من أنها أدت إلى توجيه ضربات قاسية لأحد أبرز حلفائها، كما أنها لم تنجح في منع سقوط النظام السوري السابق، إلا أنها اليوم لا تملك إلا خيار الذهاب في المواجهة حتى النهاية، على إعتبار أنها باتت هي المهددة بالإضعاف أو حتى السقوط.
في الوقت الحالي، لا تزال المعركة محصورة بين الجانبين الإيراني والإسرائيلي، لكن ليس هناك ما يمنع توسعها، في حال وجد أحدهما أن هناك مصلحة له في ذلك أو أن الأمور وصلت إلى حد التهديد الوجودي، فلتل أبيب حلفاء، حتى الآن يدعمونها بشكل غير مباشر، لن يقبلوا توجيه ضربة قاضية لها، بينما في المقابل هناك جهات إقليمية ودولية ليس لها مصلحة في سقوط النظام الإيراني، ليس فقط لأنه نظام حليف بل أيضاً بسبب التداعيات التي من الممكن أن تترتب على مصالحهم، منهم الصين وروسيا.
في مطلق الأحوال، العنوان الأبرز لهذه المعركة هو أنها ستحدد ملامح الشرق الأوسط في السنوات المقبلة، الأمر الذي لا يمكن الحسم فيه راهنا، بغض النظر عن الخاتمة التي ستوضع لها، على إعتبار أن نتائج الميدان والمعادلات التي سيفرزها هي التي ستحدد ذلك، لكن الأكيد هو أن إسرائيل تريد تكريس معادلة تنهي ما كان قائماً في السنوات الماضية، بينما إيران لن تقبل المس بنظامها السياسي، بل ستذهب إلى الرمي بكل أوراق قوتها في سبيل منع ذلك، وبين الحدّين قد تبرم تسويات لا تستثني مختلف الساحات الإقليمية.
0 تعليق