تغيير النظام الانتخابي في نقابة المحامين - تليجراف الخليج

0 تعليق ارسل طباعة

نقدم لكم زوارنا الكرام أهم وآخر المستجدات كما وردت في المقال التالي: تغيير النظام الانتخابي في نقابة المحامين - تليجراف الخليج اليوم الثلاثاء الموافق 17 يونيو 2025 01:45 مساءً

نقابة المحامين الأردنيين، هذا الكيان العريق الذي مر على تأسيسه أكثر من خمسة وسبعين عامًا، لم تكن يومًا مجرد مؤسسة مهنية، بل كانت وما تزال أحد أبرز أعمدة الدولة المدنية، والمدافع الأول عن سيادة القانون، وكرامة الإنسان، وحقوق المحامين والمواطنين على حدّ سواء. لقد عرفت النقابة تاريخًا حافلاً بالمواقف الوطنية، وحافظت عبر العقود على موقعها في الصفوف الأمامية دفاعًا عن الحريات العامة والدستورية، إلا أن التحولات التي شهدها الجسم النقابي خلال العقد الأخير، سواء من حيث العدد المتزايد للمنتسبين، أو التوسع الجغرافي للممارسة، أو تنامي التحديات المهنية، فرضت الحاجة إلى وقفة مراجعة جدّية، لا سيما فيما يتعلق بالنظام الانتخابي المعمول به لاختيار نقيب المحامين وأعضاء مجلس النقابة.

ينظّم النظام الداخلي للنقابة شروط الترشح لعضوية المجلس ومركز النقيب بموجب المادة (26)، بينما حدّدت المادة (84) من قانون النقابة آلية انتخاب النقيب، فنصّت على أنه في حال لم يحصل أحد المرشحين على الأغلبية المطلقة من أصوات الحاضرين في الجولة الأولى، يُعاد الاقتراع في جلسة ثانية خلال اليوم ذاته، ويُكتفى بالفوز بالأغلبية النسبية. ورغم أن هذا النص كان ملائمًا في وقت سابق عندما كانت أعداد الهيئة العامة محدودة، وتركز الحضور في العاصمة عمّان، إلا أن الواقع اليوم قد تغيّر بشكل كبير، وأصبح النص موضع جدل وانتقاد واسع من الهيئة العامة، لأسباب موضوعية وعملية. فقد يشهد الاقتراع في الجولة الثانية تراجعًا في أعداد الحاضرين مقارنة بالجولة الأولى، مما يؤدي إلى فوز مرشح حصل على عدد أصوات أقل ممن تصدر الجولة الأولى، وهو ما يُثير إشكاليات تتعلق بالشرعية التمثيلية والمشروعية السياسية والوجودية للنقيب المنتخب.

هذا عدا عن المعيقات اللوجستية، ومنها أن الاقتراع يتم حصريًا في مركز النقابة في عمّان، وفي ساعات متأخرة من الليل، ما يشكّل عبئًا واضحًا على المحامين القادمين من المحافظات، وخاصة الزميلات المحاميات، ويؤثر سلبًا على نسبة المشاركة الفعلية. علمًا أن هذا النص قد شُرّع في وقت كانت فيه النقابة تضم عددًا محدودًا من الأعضاء، وكان أغلبهم يتواجدون في العاصمة، بينما أصبح الجسم النقابي اليوم أكثر اتساعًا وانتشارًا وتنوعًا، وهو ما يستوجب إعادة النظر في النصوص المنظمة للعملية الانتخابية.

الانتخابات النقابية ليست مجرد استحقاق دوري، بل هي مرآة لمدى حيوية الجسم النقابي وديمقراطيته. وكلما كانت الإجراءات الانتخابية عادلة، مرنة، وتراعي ظروف الهيئة العامة، كلما ازدادت شرعية النتائج وفعالية المجالس المنتخبة. ولهذا، يرى كاتب السطور :إن النظام الانتخابي بشكله الحالي لم يعد يتلاءم مع حجم النقابة وتطور تركيبتها الاجتماعية والمهنية، وباتت الحاجة ملحة لإجراء إصلاحات جذرية تضمن عدالة التمثيل، وتُسهّل المشاركة الفعلية، وتحد من الشكاوى التي تتكرر بعد كل عملية انتخابية، وتُسهم في تجديد الحياة النقابية على أسس جماعية ومهنية أكثر تماسكًا.

في ضوء ذلك، فإن من أبرز المقترحات لتطوير النظام الانتخابي داخل نقابة المحامين هو تعديل المادة 84 من قانون النقابة، بحيث يُكتفى بجولة انتخابية واحدة لمركز النقيب، تُحسم بالأغلبية النسبية من الأصوات الصحيحة ، بالاضافة الى ما يسري على مدة النقيب يسري على الاعضاء بان تكون مدة العضوية دورتين فقط، كما يمكن إقرار نظام اللامركزية في الاقتراع، من خلال إنشاء مراكز انتخاب في المحافظات، أو تقسيم المملكة إلى ثلاثة أقاليم (شمال، وسط، جنوب)، بما يسهل على كافة أعضاء الهيئة العامة ممارسة حقهم الانتخابي دون مشقة أو تمييز جغرافي على اقل تقدير إضافة إلى ذلك، اعتماد نظام القوائم الانتخابية، بحيث تُرشح القوائم نقيبًا وعددًا من أعضاء المجلس، ذلك من شأنه أن يعزز العمل الجماعي، ويقلل من حدة الصراعات الفردية، ويمكّن الناخبين من اختيار برامج واضحة بدل الاعتماد على العلاقات الشخصية أو الحظوظ الفردية أو الاقليمية في بعض الأحيان.

إن المحاماة ليست مجرد مهنة تُمارَس داخل أروقة المحاكم، بل هي رسالة وطنية سامية، قوامها الالتزام بالقانون والدفاع عن الحق وصون الكرامة الإنسانية. وكلما تمسك المحامي بمبادئ مهنيته، ازداد قربًا من وطنه، لأن المهنية الحقة لا تنفصل عن روح الوطنية. ومن هذا المنطلق، فإن تطوير النظام الانتخابي لنقابة المحامين هو واجب أخلاقي ومهني، لضمان تمثيل عادل، ومشاركة أوسع، ومجالس أكثر فاعلية. فالإصلاح لا يعني انتقاصًا من إرث الماضي، بل هو وفاء للمستقبل، واستمرارٌ لدور النقابة كصوت ضمير الوطن ومؤسسة تُجسد دولة القانون.


نشكركم على القراءة، ونتطلع لمشاركتكم في مقالاتنا القادمة للحصول على أحدث الأخبار والمستجدات.

إخترنا لك

أخبار ذات صلة

0 تعليق