نقدم لكم زوارنا الكرام أهم وآخر المستجدات كما وردت في المقال التالي: تحت جنح الظلام.. لماذا تفضّل إيران ضرب إسرائيل ليلاً؟ - تليجراف الخليج اليوم الثلاثاء 17 يونيو 2025 03:56 مساءً
مع تصاعد التوترات في الشرق الأوسط، وتحوّل الليالي إلى مشاهد متكررة لدوي صفارات الإنذار في إسرائيل واعتراض الدفاعات الجوية للتهديدات القادمة، برز توقيت غير عشوائي للهجمات الإيرانية، يؤشر على تحول استراتيجي في عقيدة طهران العسكرية نحو الضرب تحت جنح الظلام.
واعتمدت إيران مراراً تنفيذ ضربات صاروخية خلال ساعات الليل، في خطوة لا تخضع للمصادفة، بل تنسجم مع عقيدة عسكرية وتكنولوجية تركّز على التعتيم والمباغتة وبث الذعر في صفوف الخصوم، وفق ما أفاد به تقرير تحليلي لصحيفة "جيروزاليم بوست".
ويمنح الظلام، بحسب المصدر ذاته، غطاءً طبيعياً يحمي منصات الإطلاق من رصد الأقمار الصناعية والطائرات المسيرة، لكن الأهم أنه يتماشى مع طبيعة الصواريخ المستخدمة، والتي تعتمد على أنواع وقود تتطلب استعدادات معقدة، تُجرى عادةً ليلاً لتفادي الاستهداف.
ويستخدم الحرس الثوري الإيراني صواريخ بعيدة المدى من طراز "شهاب"، وهي مزودة بأنظمة دفع تعتمد الوقود السائل، ما يستوجب خزانين منفصلين للوقود والمؤكسد. وتُعدّ عملية التزويد بالوقود حساسة وبطيئة، وتتطلب تجهيزات ميدانية ثابتة وطواقم مدربة، ما يجعلها مرحلة حرجة وعرضة للاستهداف إن تمت خلال النهار.
كما تلجأ طهران إلى الوقود الصلب في صواريخ قصيرة ومتوسطة المدى مثل "ذو الفقار" و"فاتح 110"، حيث يُخزن الخليط المؤكسد داخل جسم الصاروخ، ويكون جاهزاً للإطلاق دون الحاجة إلى عملية تزويد ميداني. وتمنح هذه الصواريخ القدرة على التحرك بسرعة من مواقع متنقلة، ما يجعلها أكثر ملاءمة للهجمات المباغتة.
ومع ذلك، لا يمكن إيقاف أو إعادة توجيه هذا النوع من الصواريخ بعد الإطلاق، ما يعكس تفضيل إيران للسرعة والمباغتة على حساب المرونة التشغيلية. ويُلاحظ أن معظم هذه الصواريخ صُمّمت لتعمل في طبقات عليا من الغلاف الجوي، حيث الأوكسجين غير متوفر، ما يجعل من الضروري احتواء أنظمتها على مؤكسد داخلي لإتمام عملية الاحتراق.
ورأت الصحيفة أن اختيار توقيت الإطلاق ليلاً لا يعكس فقط محدودية فنية أو ظرفية، بل يعبر عن عقيدة عسكرية متكاملة تراهن على البقاء والردع والتأثير النفسي، مشيرة إلى أن التأثير المراد لا يرتبط دائماً بوصول الصواريخ إلى أهدافها، بقدر ما يرتبط بإثارة الرعب وإرباك الحسابات.
ويؤكد محللون عسكريون أن المرحلة الأكثر هشاشة في عمليات الإطلاق الصاروخي الإيراني تتمثل في لحظة التجهيز والتزويد، وهو ما يجعل ساعات الليل فرصة استراتيجية لتقليص احتمال كشفها أو استهدافها في المهد.
ومن خلال المزج بين أنظمة الدفع المختلفة، ومنصات الإطلاق المتنقلة، والإخفاء الليلي، تواصل طهران تطوير ترسانتها الصاروخية لتكون سلاحاً يشتغل بصمت، لكن وقع صداها لا يقلّ ضجيجاً عن الانفجارات نفسها.
0 تعليق