نقدم لكم زوارنا الكرام أهم وآخر المستجدات كما وردت في المقال التالي: الضربة الامريكية لإيران.. ما هي خيارات طهران لقلب الطاولة على خصومها؟! #عاجل - تليجراف الخليج اليوم الأربعاء الموافق 18 يونيو 2025 12:43 صباحاً
كتب كمال ميرزا -
الكيان الصهيونيّ ما كان ليشن عدوانه على إيران لولا الضوء الأخضر الأمريكيّ..
أمريكا لا تتدخّل بشكل جدّي من أجل وقف إطلاق النار بين إيران والكيان الصهيونيّ..
أمريكا تمدّ الكيان بالدعم اللوجستيّ والاستخباراتيّ (أساساً لولا أمريكا هل كان بالإمكان حقاً الحديث عن شئ اسمه جيش إسرائيليّ وقوّة عسكريّة إسرائيليّة وسلاح جوّ إسرائيليّ)..
أمريكا تحشد قوّات إضافيّة في المنطقة..
حجم ما تحشده أمريكا من قوّات هو فائض عن الحاجة و"زيادة عن اللزوم" وعبء إضافيّ غير مبرّر إذا كانت الغاية مجرد الحماية والتأمين والدفاع (بما يُذكّر بما حُشد للعراق سابقاً من أجل غزوه)..
كلّ هذه مؤشرات على أنّ أمريكا تتهيّأ لتوجيه ضربة إلى إيران، وربما ما هو أكثر من ذلك!
الضربة الأمريكيّة، أو "التحرّك" الأمريكيّ سيكون في "اللحظة المناسبة"، واللحظة المناسبة بالنسبة لأمريكا هي عندما تصل إلى قناعة بأن إيران قد بلغت درجة من الإرهاق والاستنزاف والانفلات تتيح توجيه ضربة خاطفة وقاصمة لها دون الخشية من ردّ فعلها!
أمّا إذا كان الأمر سيتعدّى مجرد ضربة، وسيصاحبه أو يليه تحرّك فعليّ لقوّات على الأرض، فكالعادة، الخونة والمرتزقة والخلايا النائمة والميليشيات العميلة ستكون في المقدمة، وستمهّد الطريق لقوّات "التحرير" الأمريكيّة لكي تدخل "ع نظافة" و"بسلام"!
ولا داعي أن يكون التحرّك غزواً كاملاً، إذ يكفي في البداية محاكاة السيناريو السوريّ، ليس فقط لأنه مُجرّب وناجح، ولكن لأنّه على المدى البعيد أقل كلفة وأكفأ و"مُستدام"!
فوضى وقلاقل تُفقد النظام قدرته على الضبط والسيطرة، وتُشغله في حرب استنزاف مع "ثوّار" و"مجاهدين" و"فاتحين" على غرار "ثوّار الناتو" و"مجاهدي البترو-دولار" و"فاتحي الباب العالي" في سوريا!
والفوضى طبعاً ستكون ذريعةً لأمريكا من أجل احتلال مواطئ قدم لها داخل إيران كما فعلت شرق الفرات في سوريا، غالباً مصادر النفط والغاز، والممرّات الإستراتيجيّة كمضيق هرمز، بحجّة حماية أمن الطاقة العالميّ والتجارة العالميّة من غائلة الفوضى والإرهاب.
وربما احتلال المواقع النوويّة ومراكز التصنيع العسكريّ (أو تدميرها) خشية أن تقع بفعل الفوضى وضعف سيادة الدولة في "الأيدي الخطأ"!
وفي هذه الأثناء ستتحرّك أيضاً جهات أخرى لتقضم لنفسها حصةً من الكعكة الإيرانيّة بما يعمّق حالة الفوضى والانقسام، الأكراد مثلاً، وتركيا بحجّة الأكراد، وأذريبجان لذرائع إثنيّة وقبليّة، وأرمينيا بحجّة الأذريّين.. وهكذا!
ولعلّنا سنشهد إحياءً لقضيّة الأحواز وإنشاء دولة "عرب ستان" التي سيفرح بها الخليجيّون جداً (مع أنّها ستكون قاعدة صهيو-أمريكيّة تُفقد موانئ الخليج أهميتها بالنسبة لأمريكا)، وسيمدّونها بالدعم اللازم، باعتبارها منطقة عازلة (buffer zone) ستحميهم من "الصفويّين الأشرار"، وبكونها ستكون إيذاناً بتأميم الخليج العربيّ/ الفارسيّ ليصبح بحراً عربيّاً خالصاً ولو على الخرائط والورق (يا للنصر المبين)!
وربما يُترَك الوضع على ما هو عليه لسنوات (أو للمدّة اللازمة من الزمن)، فوضى وميليشيات وطوائف وإثنيّات تموج في بعضها البعض، من أجل استنزاف بُنية الدولة الإيرانيّة بما هي دولة من أساسها، وبما يضمن ألّا تقوم لها قائمة على المدى البعيد بغض النظر عن طبيعة النظام الحاكم الذي سيتم الإتيان به تالياً، والذي ستكون مهمّته الأساسيّة تثبيت عقود بيع مقدّرات وثروات إيران "رسميّاً" و"شرعيّاً" لصالح الصناديق السياديّة الأجنبيّة والشركات العابرة للقارّات!
أمّا أهم مؤشّر على أنّ أمريكا تستعد وتتهيّأ للانقضاض على إيران، فهي التصريحات والتأكيدات المنقولة عن لسان مصادر أمريكيّة، والتي يتمّ تداولها بشكل كثيف عبر وسائل الإعلام، بأنّ أمريكا لن تضرب إيران إلّا إذا اعتدت إيران على أمريكيّين، وأنّ هذا بالنسبة لأمريكا هو الخط الأحمر.
للوهلة الأولى قد تبدو هذه التصريحات نفياً لوجود نيّة أمريكيّة مسبقة أو مبيّتة لضرب إيران.. ولكن العكس هو الصحيح!
فهذه التصريحات تُرسي في الأذهان كنوع من "البرمجة الاستباقيّة" أنّ ضرب إيران هي مسألة واردة وممكنة ومحتملة، وتقرن ذلك بشرط واهٍ وسهل التحقيق والمنال!
يكفي أن يقوم الكيان الصهيونيّ أو أي جهة أخرى بافتعال حدث أو عملية أو تفجير ما يستهدف مواطنين أمريكيّين أو مقرّات ومصالح أمريكيّة، وإلصاقها بإيران، حتى يتحقّق الشرط المطلوب!
على سبيل المثال، لقد سمعنا أكثر من مرّة خلال الأيام الماضية عن تفعيل صفّارات الإنذار في السفارة الأمريكيّة ومحيطها في بغداد.. ثم لم يتبع ذلك أي شيء.
ما الذي يمنع أن تُفعّل صفارات الإنذار مرّة أخرى، ولكن هذه المرّة يتم استهداف السفارة بالفعل على يد عناصر إيرانيّة أو جماعات مرتبطة بإيران!
هذا السيناريو يضرب عصفورين بحجر واحد، يُعطي ذريعة لضرب إيران، ويمنح دفعاً وزخماً للانقلاب الناعم الذي يجري بصمت داخل العراق منذ مدّة على النفوذ الشيعيّ/ الإيرانيّ!
أو لماذا نذهب بعيداً، ألا تقوم إيران فعلاً بقصف الكيان الصهيونيّ؟ لماذا لا نتهمها بقصف السفارة الامريكيّة أو القنصليّة الأمريكيّة أو أي مرافق أخرى مشابهة؟
ألم تعطِ إيران نفسها الحقّ بقصف الكيان بسبب قصفه لقنصليّتها في سوريا؟! كيف ستنكر على الأمريكان نفس الحقّ الذي منحته لنفسها؟!
الضربة الأمريكيّة لإيران قادمة لا محالة في ضوء المؤشرات والمعطيات الحاليّة (بمساعدة الناتو وأذناب أميركا في المنطقة)، والمؤامرة على إيران بما أنّها قد كشّرت عن أنيابها وخرجت إلى العلن فإنّها لن تتوقّف أو تنكفئ، والسبيل الوحيد أمام إيران من أجل زيادة فرصها بالنجاة وقلب الطاولة على خصومها هو:
ـ أن تضرب، تضرب بقوّة، تضرب بكل ما تملك، ولا تبخل على أعدائها والمتآمرين عليها بكلّ ما في جعبتها قبل فوات الأوان، وألّا تسمح بأن تصبح المواجهة محصورة في أرضها وسمائها وداخل حدودها.
ـ أن تتعلّم إيران من دروس غيرها، وألّا تقترف خطيئة الانتظار والترويّ، أو أن تقع في فخّ الرهان على الوسطاء والمفاوضات، أو الرهان على الذكاء والفهلوة والحنكة السياسيّة أمام خصم خسيس.
ـ أن تُلزم إيران حلفاءها المُفترَضين بتحمّل مسؤوليّاتهم كاملةً في هذا الظرف الصعب لهم جميعاً، روسيا والصين وكوريا الشماليّة وباكستان، فإذا سقطتْ إيران فإنّ البلل سيصل إلى ذقونهم، وإذا سقطت إيران فهم تالياً، والشيّ الوحيد الذي يمكن أن يجعل أمريكا وزبانيتها يتراجعون ويرتدعون في هذه المرحلة هي أن توصل هذه الدول رسالةً صريحةً مفادها أنّها على استعداد لقطع الشوط كاملاً من أجل ضمان بقاء الحليف الإيرانيّ، ولو اقتضى الأمر اندلاع حرب عالميّة ثالثة أو الدخول في مواجهة نوويّة!
المواجهة الحاليّة هي مواجهة "وجوديّة" حقّاً، ولكنّها ليست مواجهة وجوديّة بين "إيران" و"الكيان الصهيونيّ"، أو بين محور "المقاومة والممانعة" ومحور "التسليم والتطبيع"، بل هي مواجهة وجوديّة بين مشروعَين ومستقبَلَين اثنين على مستوى العالم ككلّ: نظام عالميّ تحكمه الشركات ورأس المال ويُستعبَد فيه البشر، ونظام عالميّ من دول سياديّة ترتبط بعلاقات متبادلة ويعيش فيها البشر!
نشكركم على القراءة، ونتطلع لمشاركتكم في مقالاتنا القادمة للحصول على أحدث الأخبار والمستجدات.
0 تعليق