في وقت تتسارع فيه وتيرة تطور الذكاء الاصطناعي، أطلق جيفري هينتون، أحد مؤسسي المجال وأحد أبرز من عمل على الشبكات العصبية، تحذيراً مثيراً من مستقبل الوظائف التقليدية. وفي مقابلة حديثة، نصح هينتون الشباب بالابتعاد عن البرمجة والاتجاه إلى مهن يدوية مثل السباكة، معتبراً أن هذه المهن أكثر أماناً من خطر الأتمتة القادمة.

وأشار هينتون، في حديثه لبودكاست "مذكرات رئيس تنفيذي"، إلى أن المهام الجسدية مثل إصلاح الأعطال المنزلية تتطلب مرونة ومهارة عملية لا يزال الذكاء الاصطناعي عاجزاً عن تقليدها. وفي المقابل، فإن الوظائف المكتبية والإدارية، ككتابة العقود وتحليل البيانات، باتت مهددة بالفعل بفضل قدرات النماذج اللغوية التوليدية.

وأضاف هينتون أن الوظائف التي تنطوي على تفكير متكرر أو معالجة معلومات يمكن أتمتتها بسهولة خلال السنوات القادمة، وهو ما يضع أصحابها في دائرة الخطر. وعلّق بالقول: "إذا استطعنا استبدال الناس بالذكاء الاصطناعي، سيكون وضعهم أسوأ بكثير في حال لم يتم توفير بدائل عادلة".

وفي ظل هذا الواقع، حذر هينتون من أن التحدي لا يكمن فقط في من ستُستبدل وظائفهم، بل أيضاً في من سيجني الأرباح. فبينما يستفيد مالكو التكنولوجيا من خفض التكاليف وزيادة الكفاءة، قد يعاني العمال المسرّحون في إيجاد فرص بديلة، ما ينذر بزيادة الفجوة الاقتصادية والاجتماعية.

وفي ختام حديثه، أعرب هينتون، البالغ من العمر 77 عاماً، عن قلقه الأخلاقي من مستقبل صنعه بيديه. وقال إنه يتخوف من أن يتحول الذكاء الاصطناعي، إن تُرك دون ضوابط، إلى تهديد وجودي للبشرية، داعياً إلى استخدامه بحذر ومسؤولية، وتوزيع فوائده بعدالة تحفظ كرامة الإنسان وتُجنب المجتمعات التفكك.