في قلب مدينة قابس التونسية، وُلد البشير بن سعيد، حارس مرمى فريق الترجي التونسي الأول لكرة القدم، في 29 نوفمبر 1994، ليبدأ رحلة كروية لم تكن يومًا ميسرة، لكنها صيغت بإرادة صلبة ومثابرة لا تلين.
من شوارع المدينة الجنوبية إلى أضواء كأس العالم للأندية، سطّر الحارس التونسي قصة نجاح بتصديه إلى جزائية أمام لوس أنجليس الأمريكي، خلال فوز «شيخ الأندية» بهدف نظيف، السبت، في مباراة الجولة الثانية من دور المجموعات، ليمنح فريق «الدم والذهب» أولى انتصاراته في البطولة العالمية، ويضعه في المركز الثالث بثلاث نقاط، متساويًا مع تشيلسي وقريبًا من فلامنجو المتصدر.
بدأ بن سعيد مشواره الكروي من بوابة نادي مستقبل قابس، إذ تدرج في صفوف الفئات السنية، يحلم بلحظة يثبت فيها موهبته، لكن صعوده إلى الفريق الأول عام 2014 لم يكن سوى بداية لتحديات جمّة، فقد واجه منافسة شرسة من حراس أكثر خبرة، ما أبقاه حبيس دكة البدلاء، في لحظة يأس، فكر الحارس الشاب في ترك كرة القدم نهائيًا، ليعمل إلى جانب والده في حرفة يدوية، لكن أصدقاءه المقربين كانوا له خير داعم، حثوه على الصبر والتمسك بحلمه، ليعود أقوى وأكثر إصرارًا.
عام 2018، شهد نقطة تحول في مسيرته، حين منح المدرب إسكندر القصري ثقته لبن سعيد مع الجنوب التونسي، ليبدأ الحارس الشاب في إثبات وجوده، على الرغم من استقباله 18 هدفًا في 18 مباراة بالدوري التونسي، لكن هذه التجربة كانت بمثابة درس صقل موهبته.
لاحقًا، انتقل إلى الاتحاد المنستيري، حيث عاش أزهى لحظاته الكروية، شارك في 150 مباراة، حافظ خلالها على شباكه نظيفة في 78 مناسبة، وتوّج بلقب كأس تونس عام 2020 على حساب الترجي نفسه.
لم تتوقف طموحات بن سعيد عند هذا الحد، فقد انضم إلى منتخب تونس عام 2020 تحت قيادة المدرب المنذر الكبير، ليشارك في 21 مباراة دولية، لم يستقبل خلالها سوى 5 أهداف، وخرج في 16 مباراة بشباك نظيفة، ليثبت أنه حارس يمكن الاعتماد عليه في اللحظات الحاسمة.
في يوليو 2024، ذهب إلى الترجي، الحارس البالغ من العمر 32 عامًا في صفقة انتقال حر، لكنه واجه تحديًا جديدًا بديلًا للشاب أمان الله مميش، وظل بن سعيد في الظل لستة أشهر، لكن تراجع أداء زميله فتح له الباب ليصبح الحارس الأساسي، خاصة بعد وصول المدرب ماهر الكنزاري.
في 16 مباراة خاضها مع الترجي، استقبل بن سعيد 7 أهداف فقط، وحافظ على شباكه نظيفة 10 مرات، ليثبت أحقيته بمركز الحارس الأول، قيمته السوقية التي بلغت 650 ألف يورو عام 2025.
تألقه لم يقتصر على الدوري المحلي، بل امتد إلى المنافسات القارية والعالمية، حيث قاد الترجي إلى ثلاثة ألقاب في موسمه الأول «الدوري التونسي، وكأس تونس، وكأس السوبر»، قبل أن يضيف إنجازًا لافتًا بقيادة فريقه للفوز على نظيره الأمريكي في كأس العالم للأندية، محققًا أول انتصار للأندية العربية في البطولة.